عندما يرى الإنسان الظلم بأم عينه يشعر بالعجز والمرارة لكن مقابلة الظلم بظلم آخر ليس من شيم أهل الإيمان فلا يوجد أمام المرء سوى أحد طريقين إما أن يعفو ويصفح محتسبًا الأجر عند الله أو أن يتوجه إلى خالقه داعيًا أن يُعيد له حقه وينصفه ممّن ظلمه فقد اشتهر بين الناس قولهم في الدعاء: “اللهم اضرب الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين” وهو دعاء يلهج به كثيرون عندما تعتصرهم مشاعر الحزن على ما أصابهم من جور وظلم ويبحثون عن الإنصاف من الرحمن.
- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الأرْضِ ظُلْمًا، طَوَّقَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ يَومَ القِيَامَةِ مِن سَبْعِ أَرَضِينَ، وهذا الحديث الشريف يحمل بين طياته تأكيدًا على أن الظلم لا يضيع عند الله فكل إنسان يُحاسب على أفعاله ولذا من الواجب على الإنسان أن يتحرى العدل ويتجنب انتهاك حقوق غيره كما يُظهر هذا الحديث أن أي تعدٍّ بغير وجه حق ولو كان يسيرًا كأخذ شبر واحد من الأرض فإن صاحبه سيُعاقب عليه يوم القيامة.
- اللهم إنا نشكو إليك وحدك، وأنت وحدك العالم بكل ظالم وكل من ساند الباطل وسعى في الأرض مفسدًا سبحانك أنت القادر على كل شيء يا من تسمع دعائي في كل حين اللهم من ظلمني وقهرني أسألك أن ترد كيده في نحره وتجعله حائرًا في أمره غارقًا في كربه وأسألك ربي أن ترزقني النصر والفرج القريب.
دعاء المظلوم من القرآن
- قال الله تعالى: {فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10)} سورة القمر، وهذا دُعاءٌ صَادِرٌ مِن نَبِيِّ اللهِ نُوحٍ عَلَيهِ السَّلَامُ، حيثُ لجأَ إلى رَبِّ العِزَّةِ طالبًا النَّصرَ والتأييدَ بعدما واجَه صُدودَ قَومِه وظُلمَهم، فَهُوَ دُعَاءُ كُلِّ مَظلُومٍ يَرَى فِي اللهِ عَزَّ وجَلَّ المُفَرِّجَ لِكُربَتِه والنَّاصِرَ لَه فِي وَقتِ الضِّيق.
- قال الله تعالى: {وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3)} سورة الفتح، فهَذِه بُشرَى بأنَّ اللهَ هُوَ مَن يَبسُطُ النَّصرَ بِمَا يتناسبُ مَع رَحمتِهِ وحِكمَتِهِ، فهوَ يَنصُرُ مَن يَشَاء بِحُكمِهِ العَدْلِ، وكُلُّ مَظلُومٍ يَجد فِي هَذِه الآيَةِ أَمَلًا فِي نَصرِ اللهِ الَّذِي لا يَتَأخَّرُ عَن أَهلِ الحَقِّ والإيمَانِ.
- قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوْا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (54)} سورة يونس، فَهذِهِ الآيَةُ تُشِيرُ إلى قَسوَةِ النَّدَمِ الَّذِي سَيَلحَقُ كُلَّ ظَالِمٍ يَومَ القِيَامَةِ حينَ يُدرِكُ فَدَاحَةَ ظُلمِه، فما مِن شَيءٍ يُمكنُ أن يُخلِّصَه مِن العَذَابِ المُستَحَقِّ، وإِنَّما القَضَاءُ الإلَهِيُّ يَمضِي بِالعَدلِ الكَامِلِ دُونَ إِجحَافٍ أو تَحَيُّز.
- قال الله تعالى: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26)} سورة الأنفال، فَهِيَ تَذكِرَةٌ بِمآلِ المُستَضعَفِينَ الذِينَ كَانُوا يَخشَونَ الظُلمَ وَالاضطِهَادَ، فَكَيفَ أَدمَ اللهُ عَلَيهِم نِعمَته، وَكَيفَ وَقَفَ إِلى جَانِبِهِم بِنَصرِهِ الَّذِي لا يُغَلب، فَكُلُّ مَظلُومٍ يَجِدُ فِي هَذِهِ الآيَةِ طُمَأنِينَةً لِقَلبِهِ وَأمَلًا فِي حِكمَةِ اللهِ وَعَدلِهِ الذِي لا يَضِيعُ حَقَّ أَحَد.
- قال الله تعالى: {بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (150)} سورة آل عمران، فَهُوَ تَوَكُلٌ مُطلَقٌ عَلَى اللهِ سُبحَانَهُ، ومن كَان اللهُ وَلِيَّه وَنَصِيرَه فَلَن يَخذُلَه أبَدًا، فَهُوَ خَيرُ مَن يُدافِعُ وَأَكمَلُ مَن يَنصُر.
- قال الله تعالى: {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (39)} سورة الزخرف، فَهَذِهِ الآيَةُ تَحمِلُ إنذارًا شَدِيدًا لِكُلِّ ظَالِمٍ يَعتَقِدُ أَنَّهُ سَيفلِتُ مِنَ العِقَابِ، فَاليَومَ الذِي يُنفَّذُ فِيهِ العَدلُ الإلَهِيُّ لَا يَنفَعُ تَنَادِي الظَالِمِينَ وَلَا يُوجَدُ مَفَرٌّ مِن الجَزَاءِ المستَحَقِّ.
أدعية مأثورة على الظالم مكتوبة
الدعاء يُعد من أقوى الوسائل التي يلجأ إليها المسلم حين يقع عليه الظلم، فليس للمظلوم سوى التوجه إلى الله سبحانه وتعالى ورفع يديه متوسلًا راجيًا نصره وإنصافه ممن ظلمه، فهو القادر على كشف الضر والتفريج عن المكروب وسلب قوة المتجبرين.
- يا الله لا باب يُفتح إلا بابك، ولا رجاء إلا منك ولا قوة إلا بك تعلم حالي وحال من ظلمني تدرك ما أخفيه وما أعلنه، أنت العالم بمساري ومستقري وكل أمري مرده إليك، فاكشف كربي وخذ لي حقي ممن طغى عليّ بغير حق.
- يا رب لا سلطان ولا قوة تعلو على قدرتك، الظالم يظن أنه في مأمن لكنه لا ينجو من علمك ولا يفلت من حكمك، أنت المُستعان على دفع البغي وأنت خير من استُجير به لرفع الظلم وإنزال العدل.
- اللهم أنت الأعلم بما حدث لي حتى قبل أن أشتكي، أنت حسبي حين تخاذل عني الناس ملجئي حين انقطعت عني السبل أسألك يا سميع يا بصير يا قادر على كل شيء أن تنصرني وترفع عني ما لحق بي من جور.
- يا رب الضعف قد بلغ مني مبلغه والحزن ملأ صدري، لم يبق لي سوى اللجوء إليك وأنت لا تخيب رجاء من قصدك، يا الله كن معي وادفع عني الظلم وأبدلني بالفرج والنصر.
- يا رب أنت تحب العفو وتُحب من يعفو، فإن كنت تعلم أن في قلب من ظلمني فرصة للتوبة فارزقه الهداية وابعده عن ظلمه لي، وإن كان مُصممًا على غيّه فإني أوكلك أمري وأطلب منك إنصافي وأخذ حقي منه عاجلًا غير آجل.
- اللهم إن كنت تعلم أن هذا الظالم ماضٍ في ظلمه دون رجوع، فأنت القوي فوق كل قوي خذه بقوتك وأرِه عاقبة ظلمه، وأزل عنه ما تباهى به من نفوذ وسلطان وأذقه من نفس الكأس الذي أذاقني منه، فأنت العدل الذي لا يُظلم عنده أحد.
- يا الله أذل جبروته واضعف شأنه، لا تترك له قوة إلا أوهنتها ولا عزًا إلا أذللتَه، ولا مُستندًا يعتمد عليه إلا هدمتَه ولا سببًا يستمد منه نفوذه إلا قطعته.
- اللهم أنت الحكم العدل الذي لا تضيع عنده الحقوق، فخذ لي حقي ممن بغى عليّ خيّب أمله وأزل سلطانه، وابتله في جسده وفرق كيده واجعل تدبيره هلاكًا له.
- يا رب هذا الظالم جمع قوته وسلطته لينال مني، وأنا عبدك لجأت إليك بالدعاء وأنت وعدت المظلوم بالإنصاف حيث قلت “لأنصرنك ولو بعد حين”، اللهم أنجز لي وعدك وانصرني ممن ظلمني وأرني فيه عدلك وقدرتك.
صور وأشكال الظلم
يُعد الظلم من أقبح الذنوب التي تُؤدي إلى عواقب وخيمة يوم القيامة فهو السبب الأساسي في انتهاك الحرمات وضياع الحقوق وتتعدد صوره وأشكاله ومن أبرزها:
- الظلم الأعظم: يتمثل في الشرك بالله حيث قد يقع بعض الأشخاص في الذنوب والمعاصي حتى يصل بهم الأمر إلى الشرك والعياذ بالله ويعد هذا أشد أنواع الظلم لأن العبد عندما يبتعد عن التوحيد فإنه يُلحق الضرر بنفسه قبل أي شيء آخر فالمعاصي لا تُجلب سوى المصائب وتجعل الإنسان عرضة لعقاب الله عز وجل وهو أمر شديد العاقبة يوم القيامة.
- ظلم الناس للناس: يتفشى هذا النوع بين البشر وله أشكال متعددة مثل الاعتداء على حقوق الآخرين بغير وجه حق وأخذ أموالهم واستغلالهم سواء بالقوة أو بالحيلة ويشمل أيضًا التعدي اللفظي من خلال الإهانة بالكلام الجارح أو الإيذاء الجسدي بالضرب بالإضافة إلى استغلال السلطة والنفوذ في اضطهاد الضعفاء والمحتاجين دون أي حق.
- ظلم الإنسان لنفسه: يحدث حينما يقع المرء في ارتكاب الذنوب ويقصر في أداء العبادات والطاعات ويتهاون في الفرائض التي أمره الله بها وكلما تمادى في ذلك ازدادت آثار هذه المعاصي عليه وكانت عواقبها أشد مما قد يتوقع.
أدعية على الظالم مستجابة
- يا رب بسُلطانك القوي وقدرتك العظيمة خُذ حقِّي من كل من ظلمني واجعل أمله ينطفئ وشغله في بدنه ولا تُفرِّجه من حزنه ولا تُبعد عنه الكرب واصرف تدبيره في ضياع. يا الله إن الظالم مهما امتلك من قوة وسلطان لا يستطيع منع حكمك سبحانه تدركه حيثما ذهب وتقدر عليه أينما اختبأ فالمظلوم لا يجد سوى ملجأك والمقهور لا يملك إلا التوكل عليك.
- يا رب بعزتك انتقم ممن ظلمني ببطش لا مهرب منه وابتلاء لا مفر له وبنكبة لا يقوم منها وساعة لا يجد فيها راحة ولا شفاء واسلب من حياته السعادة ونغص عليه عيشه وأره قدرتك العظيمة وسطوتك التي لا تُرد.
- اللهم بقدرتك التي تعلو كل قدرة وسلطانك الذي لا يُغلب اجعل الغلبة لي بعزتك التي لا تُهزم وحكمتك التي لا يَخفى عليها شيء وأبعده عني بقوتك التي أمامها كل خلق ضعيف وابتله بفقر لا دواء له وبسوء لا يجد له مخرج.
الحكم الشرعي للدعاء على الظالم
العُلماء أوضحوا أنه لا يُوجد ما يمنع الشّخص من الدُّعاء على الظَّالم ولكن من الأَفضل أن يَتحلى المسلم بأخلاق النبي ﷺ الذي يَجب أن نَجعله قدوة لنا في جميع التَّصرفات كما بيّن أهل العِلم أنه لا يجوز الدُّعاء على الظَّالم بأُمور مثل الموت أو الطَّلب من الله الانتقام منه بأشد العُقوبات لأن ذلك يُعد من التَّعدي الذي نهى الله سبحانه وتعالى عنه ونَظرًا لأن الكَثير من الأدعيَة التي وَردت في الكِتاب والسُّنة لا يُمكن سَردها كافَّة في هذا المَوضوع يُمكنكم المُشاركة في التَّعليقات بذِكر بعض الأدعية التي تَعرفونها حتى يَستفيد الجميع.