الدعاء الذي يرفعه المظلوم إلى الله سبحانه وتعالى يُعد من أعظم الوسائل التي تفرّج الكرب وتزيل الألم عن القلوب، فالظلم من أصعب ما يمكن أن يُرهِق النفس ويُثقل الروح، إذ يُعتبر أحد أكثر المواقف التي تكسر الإنسان وتتركه في حالة من الضيق والتعب النفسي، ومع ذلك ينبغي على كل مظلوم أن يتذكر دائمًا أن الظلم من الكبائر المحرمة التي نهى الله سبحانه وتعالى عنها وتوعد فيها بالعقاب الشديد للظالم، وأن نهاية الظالم مهما تأخرت فإنها محتومة بعدل الله وحكمته، فالدين الإسلامي الذي جاء ليُنير حياة البشرية قد شدد على أهمية تحقيق العدالة وجعلها من أعظم الخصال التي يتقرب بها المؤمن لخالقه، ولابد على المظلوم أن يدرك أن ضعف الحيلة أو غياب النصير لا يعني أبدًا الاستسلام بل عليه أن يوقن ويطمئن بأن الله عز وجل هو النصير والمدافع عن كل مظلوم، وأنه سبحانه ينتصر لعباده المظلومين ويُعيد لهم حقوقهم سواء في حياتهم الدنيا أو في الآخرة، لأن عدالة الله لا تُهمل أحدًا ولا تُغفل أي مظلمة مهما صغرت.
دعاء مستجاب لرفع الظلم عن المقهور
فَــ عند شعور الشخص بالظلم من أحد ما، يجد نفسه أمام أبواب مغلقة إلا باب الله سبحانه وتعالى الذي لا يغلق أبدًا، وفي هذا المقام نتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: “اتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب” مما يبين عظمة مكانة المظلوم عند الله سبحانه وتعالى وأن دعوته مستجابة بإذنه، ولهذا فتح الله عز وجل باب الدعاء لكل من ظلم أو قهر ليلجأ إليه بقلب موقن بقدرته ورحمته، وفي هذا السياق أشارك معكم مجموعة من الأدعية التي يناجي بها المظلوم ربه ويطلب منه النصرة والفرج الكامل:
- يا رب إن الظالم امتلك كل عناصر القوة في هذه الدنيا وأنا عبدك الضعيف الذي لا سند له سوى إيمانه بك وتوكله عليك ودعاؤه إليك، يا رب هذا الظالم جمع حوله أعوانه وسلاحه وخطط مكائده وأبعدني عن أحبتي وأهلي ورمانا في ظلمات السجون ووحشة المنفى، بينما لجأت لك وحدك ودعوت له بالهداية والتوبة لكنه تمنى لي الفناء والهلاك، أنا أدعوك يا رب بلا حول ولا قوة إلا بك يا مالك السموات والأرض، استجب دعائي وانصر عبدك المظلوم يا جبار السماوات، لأنك وعدت في كتابك بأن دعوة المظلوم لن ترد وقلت بعزتك “لأنصرنك ولو بعد حين”.
- اللهم يا من لا يغيب عن سمعه صوت الملهوف ولا تخفى عليه شكوى المهموم، أناديك دعاء الغريق الذي تشبث بسفينتك طالبًا منك النجاة يا ملجأي الذي ألوذ إليه من كل شر وأسألك أن تكشف كربتي وهمي وترفق بي في حالي فأنت رجائي ومنك الفرج، أعني يا الله على الأيام الصعبة التي أنهكتني وأثقلت كاهلي، اجعل أمانك علي أنيسًا يثبت قلبي ولا تجعل خوفي إلا منك وحدك، حمني يا الله من شر عبادك وخبثهم، واغمرني بلطفك وكرمك ورزقك يا من تقول للشيء كن فيكون.
- اللهم إليك وحدك ألجأ بعدما أعرض عني كل الخلق وتخلى عني النصير، وإليك أصرخ بالشكوى بعدما خذلتني الأيدي وسدّت الطرق في وجهي، أنت وحدك تعرف حاجتي دون أن أنبث بكلمة وأنت وحدك تعلم حالتي وما أصابني دون أن أصف، فلك الحمد يا من يسمع بغير إذن ويبصر دون استفسار، سخر لي لطفك في أمري لأنك السميع البصير والقادر على كل شيء.
أدعية مأثورة للتخلص من الظالمين
الحياة أحيانًا تتحول إلى تجربة صعبة تشبه السجن الكبير المليء بأوجه وأنواع متعددة من الظلم والاضطهاد، وهذا الحال نستشعره في كل لحظة ونراه يتحقق أمام أعيننا بشكل جلي إذ أصبح هناك أفراد يتسمون بالطغيان والتجبر ويصرّون على التحكم بمصائر الآخرين واستغلال مواقعهم لإلحاق الأذى، ولكن الله سبحانه وتعالى هو الخالق العظيم الذي وهبنا قلوبًا تهفو إلى الطمأنينة والسكينة. ومع ذلك نجد أن ما نعيشه غالبًا يتعارض مع فطرتنا بسبب تفشي الظلم وتضاعف الآلام ولذلك لابد من الإكثار من ممارسة الأدعية الصادقة لرفع الظلم عنا وإعادة الحق إلى نصابه، ومن الأدعية المأثورة التي يمكن اللجوء إليها:
- اللهم عليك بمن ظلمني يا رب، اللهم اجعل أمله خيبة وزلزل ما تبقى من ظلمه واشغله بنفسه وأبعده عن طريقي، اللهم اجعل نومه مقلقًا وأمانه سرابًا وأمانيه همًّا وغمًّا لا يبرح حياته، واجعل كيده مردودًا عليه وأفعاله إلى الزوال اللهم دمّر نعمته واجعل سلطانه ضعفًا وسقمًا، واشغله عني بكل ما يؤذيه واجعله عبرة لكل من ظلمه الكبر والطغيان وأمته بغيظه إن كان هذا يومه، وإن أبقيته حيًا فابقه في حالة من الهم الطويل والحزن العميق، يا رب اشملني بحمايتك وسلّم لي أمري واصرف عني شره وكيده ونجني من تسلطه وبغيه يا أقوى الأقوياء وأعدل العادلين.
- يا الله مهما بلغت قوة الظالم وتجبره فلن يفلت من عدلك ولن يعجزك أمره، لأنك العليم الخبير الذي يرى كل شيء ويدرك كل خفية، فأنت القادر عليه مهما فرّ أو استجار اللهم قد لجأت إليك وأنا المظلوم المنكسر الذي لا نصير له إلاك، يا الله أنت القوي وأنت النصير أستغيث بك بعدما خذلني البشر وأقفلت أمامي جميع الأبواب. أدعوك يا الله بعدما انقطعت بي السبل وضاقت بي الدنيا، وأنت العليم بما في صدري وما لم أنطق به.
- أسألك يا الله أن تجعلني من المحسنين الذين ترضى عنهم وتنتصر لهم، فلك الحمد على كل أمر ولك الشكر على كل حال لأنك السميع البصير الرحيم الذي بيده ملكوت كل شيء.
أدعية موجزة ومتنوعة تُقال في حالة الظلم قصيرة
حينما يقع الإنسان تحت وطأة الظلم فإنه يجد في الدعاء ملاذه الوحيد، حيث يناجي الله سبحانه وتعالى بثقة مطلقة ويقين بأنه العدل الذي لا يضيع عنده حق ومن الأدعية التي يمكن للإنسان تردديها في مثل هذه الحالات:
- لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، هذا الدعاء مأخوذ من دعاء نبي الله يونس عليه السلام حين ابتلعه الحوت، فكان بمثابة وسيلة نجاة بفضل الله ورحمته حينما لجأ إليه بإخلاص.
- يا رب أغلقت الأبواب إلا بابك وانقطعت الأسباب إلا إليك لا حول ولا قوة إلا بك، هذا الدعاء ينبع من إحساس عميق بالاستسلام الكامل لله والاعتراف بجلاله وقدرته المطلقة وأن كل الأبواب توصد إلا بابه.
- يا عظيم فرج عني ما أهمني وتولى أمري بلطفك ورحمتك وكرمك إنك على كل شيء قدير، دعاء يجسد الرجاء الصادق في الله ويطلب منه التفريج عن الكرب وتحقيق السكينة برحمته ولطفه اللامحدود.
خطوات وإرشادات لتصرف المظلوم وما عليه أن يفعل
إنّ الظُلم من الأمور التي حرّمها الله تعالى على نفسه وجعلها محرّمة بين عباده وتوعّد من يمارسه بالعذاب الشديد والخزي في الدنيا والآخرة، فالظلم ظلم للنفس قبل أن يكون للآخرين وهناك خطوات وإرشادات يُستحسن أن يتبعها الشخص المظلوم لاسترداد حقه والصبر على البلاء الذي وقع عليه ومن هذه الخطوات:
الدعاء في جوف الليل
على من وقع عليه الظلم أن يتقرّب إلى ربه بالدعاء في أوقات الليل الأخيرة حيث ينزل الله تعالى إلى السماء الدنيا ليسمع دعاء عباده ويجيب من يناديه في تلك الساعات المباركة ويتوجه المسلم المظلوم إلى الله بشكواه خاشعًا ومتضرعًا طالبًا منه أن يعيد له حقه، فالله قريب من عبده المظلوم الذي يلحُّ في الدعاء ويشكو بثّه وحزنه بين يديه، ولأن الدعاء مستجاب في هذا الوقت يُعتبر الدعاء على الظالم أو الدعاء برد المظالم أحد سبل استعادة الحقوق، فقد جعل الله للمظلوم وعدًا بأن يُعاد إليه حقه مهما كانت الظروف وفي أي شكل من الأشكال.
احتساب الصبر على من ظلمه
الصبر على الظلم له مكانة عظيمة عند الله لأن المظلوم الذي يقول (حسبي الله ونعم الوكيل) يسلم أمره لله وحده ويوكل له أموره باعتبار الله هو المتصرف والحاكم في كل شيء، وهذه العبارة تحمل بين طيّاتها اليقين التام بقدرة الله وعدله ووعده بأن الحقوق لا تُهدر وأن نصر المظلوم قادم ولو تأخر، فالله يعلم كل شيء ويرى كل ما يدور والعدالة الإلهية ستتحقق في وقتها الذي يقدره الله الذي وعد عباده المظلومين بأن ينصرهم ويعيد إليهم حقوقهم، وما على المظلوم إلا التحلي بالإيمان واليقين بأن المظالم مهما طالت لن تفلت من محاسبة الله جل وعلا، والظالم مهما تمادى في ظلمه فلا مصير له إلا الهوان والعقاب العادل لأن الحق سيعود بإذن الله وسيتجلى عدل الله وعدالته في نهاية المطاف.