تصبح الحياة أكثر استقرارًا وهدوءًا وتنأى عن المشكلات حينما يكون الزوج عطوفًا ومتسامحًا ويحرص على معاملة زوجته بالحُب والتقدير خاصة في الأيام الأولى من الزواج تلك الفترة التي تكون فيها الزوجة قد ابتعدت عن أهلها وأحبّتها وبدأت تعيش مع شريك جديد في حياتها لم تعتد عليه بعد وفي هذه الأيام تحديدًا تتأسس العلاقة التي قدَّرها الله بينهما لتكون بداية لبناء أسرة تقوم على ركائز المحبة والأُلفة والانسجام فالزواج يُعد من أسمى الروابط الإنسانية التي تجمع بين شخصين ليؤسّسا منزلًا يقوده الودّ والسلام الداخلي لذلك فإن من السُّنة عند عقد القران أن يحرص الزوج على ترديد الدعاء المأثور الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وذلك تبركًا واستنادًا إلى السُنّة النبوية لتحقيق الخير والبركة في العلاقة الزوجية ومن الأدعية الواردة في هذا الموضع:
- «اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا».
- «باسم الله اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا».
دعاء الجماع بين الزوجين لتحقيق الحمل
قال المولى -سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ}
ويُعَدُّ هذا الدعاء الكريم من التطبيقات العملية للذكر الذي جاءت الإشارة إليه في الآية الكريمة ونظرًا للطبيعة الخاصة جدًا لهذه اللحظة بين الزوجين قد يغفل المرء عن تذكر الدعاء، أو قد يواجه صعوبة في استحضار الذكر خلالها إلا إذا كان قلبه مفعمًا بالإيمان ومواظبًا على ذكر الله في جميع أمور حياته، بما في ذلك أخص اللحظات التي تجمعه بشريك حياته.
ومن المهم أن نُنوِّه إلى أمر بالغ الأهمية. الدعاء المنقول عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو «بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا»، ليس دعاءً مخصصًا بغرض الحمل بل إن الغرض الأساسي منه هو طلب الحماية من الشيطان للزوجين حتى لا يكون له أي تأثير سلبي سواء على علاقتهما أو على ما قد يرزقهما الله من ذرية بإذنه تعالى.
الحديث المتعلق بدعاء النكاح الشرعي
إيمان المسلم لا يمكن أن يكتمل إلا من خلال طاعته لله ولرسوله ﷺ واتباع السُنن النبوية وتطبيقها في الحياة اليومية ليس أمراً اختيارياً بل يُعتبر جزءاً مهماً وأساسياً في تحقيق الإيمان الحقيقي بالله سبحانه وتعالى حتى وإن لم تكن تلك السُنن مفروضة كأوامر إلزامية إلا أن الالتزام بها يُظهر حرص المسلم على التقرب من الله واتباع هدي نبيه ﷺ.
الله عز وجل أمر المسلمين في كتابه العزيز باتباع أوامر النبي ﷺ والابتعاد عن نواهيه فجاء التأكيد الواضح في قوله تعالى:
{وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ۚ واتقوا الله ۖ إن الله شديد العقاب} وباستنادنا إلى هذا التوجيه الرباني، يصبح واجباً علينا كمؤمنين أن نلتزم بما ورد في الأحاديث النبوية الصحيحة التي أقرها العلماء وأجمعوا على صحتها ومن بين تلك الأحاديث التي تُعزز فهمنا للإسلام وتعكس أهميته في حياتنا اليومية هو حديث دعاء النكاح الشرعي.
- عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله؟ قال: بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنّه إن يُقدّر بينهما ولد في ذلك؟ لم يضرّه شيطان أبداً».
- كما جاءت في رواية الإمام البخاري (3283): «…لم يضرّه الشيطان ولم يُسلَّط عليه».
توضيح دعاء مجامعة الزوجة
يُعتَبر دعاء “اللهم جنبنا الشيطان” من الأدعية التي تحمل فضلاً كبيراً ونفعاً عظيماً للزوجين ولذريتهما وهو دعاء سهل الحفظ ومختصر إلا أن التحدي الأكبر يكمن في تذكره أثناء تلك اللحظات الخاصة ومن الوسائل التي قد تساعد المسلم على عدم نسيان هذا الدعاء رغم قلة اعتياده على قوله هو إدراك معانيه العميقة وما ينطوي عليه من فضل وفائدة تنعكس على حياة الزوجين وأثرها الإيجابي على الأجيال اللاحقة ومن خلال التعرُّف على شرح دعاء مجامعة الزوجة يمكن تسليط الضوء على الفوائد الجليلة التي تعود على الحياة الزوجية واستقرارها وما يتبع ذلك من تأثير ممتد على الذرية.
أسباب قول دعاء اللهم جنبنا الشيطان.
- اللهم جنبنا الشيطان: يشير هذا الجزء إلى الطلب من الله بأن يُبعد الشيطان عن الزوجين وأن يصرف عنهما تأثيره ويصونهما من تطفُّله أثناء العلاقة كما يتضمّن الدعاء رجاءً بستر أجسادهما عن أعين الشيطان وحمايتهما من وساوسه المتربصة.
- وجنب الشيطان ما رزقتنا: يُعبّر هذا الجزء عن الدعاء بأن يحفظ الله الذرية التي قد تأتي نتيجة هذا الجماع بحيث تكون في مأمن من تأثيرات الشيطان ووساوسه وأن يتحقق للذرية ذلك الحفظ الإلهي منذ اللحظة الأولى لمجيئها إلى الحياة وما يليها.
- اللهم جنبنا الشيطان: يُقال هذا الدعاء طلباً للمأمن من تدخل الشيطان أثناء العلاقة الخاصة بين الزوجين حيث أن ذكر الله في هذا الوقت يشكل سترًا ودرعًا يقيهما من أي أذى قد يسببه الشيطان كما يُذكَر أن هذا الدعاء يُحصِّن الزوجة من تسلل أي تأثير من الشيطان إلى علاقتهما أو مشاركته في هذا الأمر.
- وجنب الشيطان ما رزقتنا: يعكس هذا الجزء من الدعاء رجاءً من الله بأن يحفظ المولود الذي يُمكن أن يكون ثمرة لهذه العلاقة من وساوس الشيطان ونغزاته التي تبدأ مع لحظة الولادة، ويُقال إن هذا الدعاء قد يساهم في حماية الطفل من الشرك والكفر ويكون سبباً لاستقامته على طاعة الله، يرى بعض العلماء أن الدعاء يمنح الطفل درعًا واقيًا من الذنوب وتأثيرات الشيطان مما يعزز احتمالية أن يكون من عباد الله الصالحين.
هل يصح أن تقول المرأة دعاء “اللهم جنبنا الشيطان”
تؤكد القواعد الفقهية في الشريعة الإسلامية على أن الأحكام والمبادئ غالباً ما تكون عامة وشاملة للجميع، وهذا يشمل الأدعية التي تهدف إلى حماية الإنسان من الشرور والمكاره وبناءً على هذا التوجه الشمولي أوضح علماء الدين أن من المستحسن أن تقول المرأة دعاء “اللهم جنبنا الشيطان” لأن هذا الدعاء لا يقتصر على حماية الزوج فقط بل يتسع ليشمل كلا الزوجين معاً لوقايتهما من وساوس الشيطان وأذى الجن وأعين الحاسدين كما أن هذا الفعل يعكس التزامًا بالسنة النبوية المتبعة عن نبينا الكريم محمد ﷺ والتي تعد واجباً مشتركاً على كل مسلم ومسلمة وقد وردت هذه الإشارة إلى شمولية السنة وأثرها المبارك في حماية المؤمنين في قوله تعالى:
{يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ۖ واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون}.
دعاء الجماع بين الزوجين مرفق بالصور
تُعد الأدعية في مجملها غير مُقيدة بصيغ مُحددة أو إلزامية حيث يُمكن لكل إنسان أن يدعو الله بما يشاء من خير لنفسه وللآخرين ومع ذلك فإن هناك أدعية وردت نصوصها في الكتاب والسنة الشريفة يُفضل الالتزام بصيغتها لما تحمله من معانٍ شاملة ومضامين عميقة تُعزز من جودة العبادة وتُضفي عليها بُعدًا روحانيًا.
ومن بين هذه الأدعية التي جاءت مخصصة بوقت وموقف مُعين دعاء الجماع بين الزوجين حيث أُشير إليه في حديث صحيح يُبرز أهميته وفضله في هذه اللحظات الخاصة إذ تتجلى فيه عبادة الله حتى في الأمور الحياتية اليومية مما يجعل النية الطيبة حاضرة دائمًا في جميع تفاصيل الحياة الزوجية ويُعد هذا الدعاء وسيلة للتذكير بعلاقة الإنسان بخالقه في كل حين بعكس الكثير من الأدعية الأخرى التي يُمكن قولها في أي وقت دون ارتباط بزمن محدد.
صيغة دعاء الدخول بالزوجة مكتوب
يُعد دعاء الدخول بالزوجة ودعاء الجماع بين الزوجين من الأدعية التي وردت في السنة النبوية الشريفة، وعلى الرغم من أن البعض قد يخلط بينهما إلا أن لكل واحد منهما موضعًا وهدفًا مختلفا حيث يُقال كل دعاء في ظرفه الخاص ومناسبته المحددة ولهذا من المهم توضيح الفرق بينهما بشكل دقيق لتعزيز الفهم وتوضيح التفاصيل:
- دعاء الدخول بالزوجة: هذا الدعاء يُقال تحديدًا في ليلة الدخلة عند دخول الزوج بزوجته لغرفة النوم لأول مرة وقبل مباشرة العلاقة الزوجية حيث يُستحب أن يضع الزوج يده على رأس زوجته ويُسمي الله ويُصلي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ويسأل الله البركة ثم يدعو بالدعاء الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيسأل الله الخير ويستعيذ من الشر، كما يُستحب أن يصلي بها ركعتين ليبدأ حياتهما الزوجية ببركة الله ورضاه ولدرء أي تأثير محتمل للحسد أو العين أو الوساوس الشيطانية وبعد ذلك عندما يُباشر الزوج الجماع وقبل الإيلاج يُقال دعاء اللهم جنبنا الشيطان.
- ورد عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادما فليقل: ((اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها ومن شر ما جبلتها عليه))».
- دعاء اللهم جنبنا الشيطان: هذا الدعاء مخصص لكل مرة يجامع الرجل زوجته فيها، سواء كان ذلك في ليلة الزفاف أو في أي وقت لاحق، وبالتالي فإن هذا الدعاء أعم وأشمل من الدعاء الأول لأنه يُقال في كل علاقة زوجية وتذكره يُساعد في أن يُحفظ الزوجان من وساوس الشيطان وتأثيراته، كما يطلبون البركة لنسلهم بحيث يكون محفوظًا من الشرور ومباركا من الله.
