يتساءل العديد من الناس حول صحة ما يُقال عن استجابة الدعاء يوم الأربعاء وهذه المسألة تُعد من الاستفسارات الدينية المهمة التي يحرص المؤمنون على طرحها على العلماء وطلاب العلم للتأكد من حقيقتها ومن الضروري معرفة أن الحديث النبوي هو كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نقل إلينا بجهود عظيمة بذلها الصحابة الكرام وتناقلته الأمة الإسلامية عبر الأجيال بدقة متناهية إلا أنه مع ذلك توجد أحاديث غير صحيحة بعضها ضعيف وبعضها موضوع وقد نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم من غير دليل ثابت مما يجعل من الواجب علينا تحرِّي صحة الأحاديث من خلال التحقق من سندها ومتنها قبل اعتمادها والعمل بها.
وعند الحديث عن استجابة الدعاء يوم الأربعاء ينبغي التحقق مما إذا ورد في شأنه حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أم لا، ومن هنا تبرز أهمية معرفة الفرق بين الأحاديث الصحيحة التي تأكد العلماء من صحة سندها واتصالها بالنبي صلى الله عليه وسلم وبين الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة التي لا يجوز نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم حيث إن العمل بالسنة النبوية يقتضي الالتزام بالنصوص الصحيحة الموثوقة بعيدًا عن الروايات الضعيفة وغير الموثوقة وينبغي على المسلم في هذا السياق الرجوع إلى علماء الحديث والفقه الذين يتمتعون بالمصداقية والعلم الراسخ لفهم المسائل الشرعية بشكل دقيق وسليم.
مدى صحة الحديث عن استجابة الدعاء يوم الأربعاء
حديث استجابة الدعاء يوم الأربعاء الذي يتكرر على ألسنة الناس يُعتبر من الأحاديث الضعيفة التي لم يُثبت لها سند قوي أو دليل يعتمد عليه في السنة النبوية الصحيحة لذا فإنه من غير الجائز الترويج له أو ترسيخ اعتقاد خاص به بين الناس كأنه أمر مؤكد أو من الدين لأن ذلك قد يؤدي إلى انتشار البدع التي لا أصل لها في الإسلام ومن الضروري التحقق من صحة المصادر والحرص على ما هو صحيح من سنة النبي صلى الله عليه وسلم. النص الذي يتم تداول الحديث عنه ورد بالنص التالي:
- النص جاء عن أبي عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا في مسجد الفتح ثلاث مرات: يوم الاثنين، ويوم الثلاثاء، ويوم الأربعاء فاستُجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين، فعُرف البشر في وجهه وقال جابر: فلم ينزل بي أمر مهم غليظ إلا توخيت تلك الساعة فدعوت فيها فعرفت الإجابة.
- الحديث هنا لا يدل على تخصيص يوم الأربعاء نفسه كتوقيت ثابت لعبادة معينة ولكنه يشير إلى وقت محدد وهو ما بين الظهر والعصر وهو وقت يُعرف بفضله ويُستحب فيه الدعاء بحسب الشريعة الإسلامية إلا أن تخصيص هذا الوقت أو اليوم للدعاء دون دليل صحيح يجعل الأمر غير مستند إلى السنة مما يُظهر أهمية الرجوع إلى الأحاديث الصحيحة والعمل بما ورد فيها بعيدًا عن التفسيرات غير الدقيقة أو الاستنتاجات الخاطئة.
ما الدعاء المأثور ليوم الأربعاء بين الظهر والعصر
يحرص العديد من الأشخاص على اختيار أوقات يُظنّ أنها مواطن استجابة للدعاء من أجل تحقيق احتياجاتهم سواء كان ذلك لسداد الديون أو طلب المغفرة أو جلب الخير والرزق ويُشار إلى أن من بين هذه الأوقات التي يُرجى فيها استجابة الدعاء هو يوم الأربعاء بين صلاة الظهر والعصر والتي يُستحب فيها التوجه إلى الله بالدعاء وفيما يلي بعض الأدعية التي يمكن ترديدها في هذا الوقت:
- اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الكَسَلِ والهَرَمِ والمَأْثَمِ والمَغْرَمِ ومِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ وعَذابِ القَبْرِ ومِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وعَذابِ النَّارِ ومِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الغِنَى وأَعُوذُ بكَ مِن فِتْنَةِ الفَقْرِ وأَعُوذُ بكَ مِن فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ.
- اللَّهُمَّ اغْسِلْ عَنِّي خَطايايَ بماءِ الثَّلْجِ والبَرَدِ ونَقِّ قَلْبِي مِنَ الخَطايا كما نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ وباعِدْ بَيْنِي وبيْنَ خَطايايَ كما باعَدْتَ بيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ.
- اللهم ارزقني رزقًا حلالًا طيبًا مباركًا واجعل عملي طيبًا خالصًا لك ولرضاك.
- يا الله أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء اللهم لا تشغلنا بشيء عنك واغفر لنا يا رحمن يا رحيم.
الحكم الشرعي بشأن تخصيص يوم معين للدعاء
الحكم الشرعي حول تخصيص يوم معين للدعاء يتطلب التنبيه إلى انتشار بعض الابتكارات والبدع التي ظهرت حديثًا في حياة المسلمين ومن ذلك تخصيص أدعية محددة لأيام بعينها كدعاء خاص بيوم الأربعاء بناءً على أقوال منسوبة للسلف أو لبعض الصحابة بينما الأحاديث الصحيحة والسنة المطهرة لا تدعم مثل هذه الممارسات فالمعروف أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين لم يرد في سيرتهم تخصيص أدعية معينة لأيام محددة بل كانت الأدعية والأذكار في السنة شاملة ومناسبة لجميع الأوقات كما يتضح من الأذكار الواردة في الصباح والمساء.
- ويمكن الرجوع إلى العديد من المصادر المعتبرة مثل كتاب “عمل اليوم والليلة” للإمام النسائي أو مؤلفات ابن السني وكذلك كتاب “الأذكار” للإمام النووي أو كتاب “تحفة الذاكرين” للشوكاني لتوثيق الأدعية والأذكار التي يمكن للمسلم ترديدها يوميًا دون اشتراط تحديد يوم معين.
- وقد أوضح العلماء أن تخصيص يوم بدعاء أو عبادة محددة يعود إلى باب البدع إذا لم يكن هناك نص شرعي يجيز ذلك، وهو أمر غير مقبول في الشريعة الإسلامية ويُعد من البدع المستحدثة التي لا أصل لها.
- أما إذا كان تحديد يوم أو وقت معين للدعاء بناءً على ما ورد في النصوص الشرعية لمواقيت استجابة الدعاء مثل ما جاء في الأحاديث عن فضل الأوقات كالوقت بين الظهر والعصر أو عند السجود أو عقب صلاة الفجر، فإن مثل هذا العمل جائز ولا حرج فيه لأنه مستند إلى الأحاديث الصحيحة التي حددت مواقيت معينة لفضل استجابة الدعاء.
أبرز الأدعية اليومية المستحبة للمؤمن
هناك مجموعة مباركة من الأدعية الموصى بها والتي يُمكن للمؤمن أن يتقرب بها إلى الله تعالى في يومه إذ أنها تُساهم في بث الطمأنينة والسكينة في النفس وتكون وسيلة لطلب الرحمة الإلهية وتيسير الأمور ورفع الأعباء.
- اللهم يا من رفعت السماوات من غير عمد ويا من بسطت الأرض برحمتك وكرمك الواسع نسألك أن تُزيح عنا كل هم وأن ترفع عنا كل كربة يا من لا يرد عباده حين يناجونه ويدعونه.
- اللهم إنّا نسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تشملنا بعفوك وأن تغفر ذنوبنا جميعًا وأن تقبل منا أعمالنا وتجعلها خالصة لوجهك الكريم، يا غفور يا رحيم لا ينفد كرمك أبدًا.
- اللهم يا مُفرّج الكروب ويا مَن تُنجي عبادك من المحن والشدائد إنّي ألتجئ إليك وأنت ملجئي وملاذي في ضعفي وشدتي، فأسألك يا الله أن تُعينني على سداد دَيني وأن ترزقني رزقًا حلالًا طيبًا يُبارك لي فيه.
- اللهم يا من تملك خزائن السماوات والأرض ندعوك يا كريم وقلوبنا ملأى برجاء رحمتك، نسألك أن تغنينا برزقك الحلال عن سؤال غيرك فلا تردنا صفرًا خائبين برحمتك يا واسع الجود والعطاء.
- اللهم يا واسع المغفرة ويا من غفرانه لا حدود له نسألك أن تغفر لنا كبائر ذنوبنا وصغائرها ولو بلغت عنان السماء أو كزبد البحر، فاللهم لا تغضب علينا وارزقنا من جودك اللامتناهي فإنك أرحم من رحم يا رب العالمين.
الأوقات المفضلة لاستجابة الدعاء
الاهتمام بالدعاء والتوجه إلى الله عز وجل من أسس العبادات التي تقرب العبد من ربه وتُعمّق الصلة بينهما ولذا من الجيد معرفة الأوقات التي تُستجاب فيها الدعوات لتكون أقرب لتحقيق مطالبك ومنها:
- أثناء السجود في الصلاة: يُعتبر السجود من اللحظات التي يكون فيها الإنسان على أقرب حال من ربه وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: “أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ وهو ساجِدٌ فأكْثِرُوا الدُّعاءَ”، لهذا ينبغي أن يكون الدعاء خلال السجود ممتلئًا بخشوع وتضرع ويقين في قدرة الله على تلبية الرغبات فلا تفوّت أي سجدة إلا وقد ملأتها بدعائك الصادق والقلب الخاشع.
- الدعاء يوم الجمعة: يوم الجمعة يمتاز بفضل عظيم وفرص مميزة لاستجابة الدعاء حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: “فيه سَاعَةٌ، لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وهو قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شيئًا، إلَّا أعْطَاهُ إيَّاهُ وأَشَارَ بيَدِهِ يُقَلِّلُهَا”، ومن هنا تُعد الأوقات بين الخطبتين وخلال فترة الصلاة وكذلك الأوقات قرب غروب الشمس من أفضل اللحظات ليُسارع فيها المسلم إلى الدعاء بما يجول في خاطره.
- الدعاء بين الأذان والإقامة: هذا الوقت ورد فيه فضل كبير لإجابة الدعاء، حيث يُثبت النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: “لا يُرَدُّ الدُّعاءُ بينَ الأذانِ والإقامة”، لذا لا تترك هذا الوقت دون أن تُخصصه للتقرب إلى الله بدعوات صادقة مليئة بالإيمان والخشوع وخصوصًا مع ترديد الأذان وإتمام الأذكار.
- الدعاء في جوف الليل أو في الثلث الأخير من الليل: الليل كله عبادات وهدوء يُهيئ العبد للتقرب إلى ربه وخصوصًا الثلث الأخير منه حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: “تُفتَحُ أبوابُ السماءِ نصفُ الليلِ، فينادي مُنادٍ: هل من داعٍ فيُستجابُ له؟ هل من سائلٍ فيُعطَى؟ هل من مكروبٍ فيُفرَّجُ عنه؟”، ولذا فإن تخصيص تلك اللحظات بالدعاء والطلب والشكر يناسب سكينة القلب ويبعث الأمل في استجابة الدعاء وتحقيق المطالب بما يقربك إلى الله.
- الدعاء بين الظهر والعصر: هذا الوقت أيضًا يزخر بفرص استجابة الدعاء وقد أشار لذلك حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما حين قال: “أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دعا في مسجدِ الفتحِ ثلاثًا يومَ الإثنين ويومَ الثُّلاثاءِ ويومَ الأربعاءِ فاسْتُجيب له يومَ الأربعاءِ بين الصَّلاتَيْن فعُرِف البِشرُ في وجهِه”، لذا إذا كنت تعاني من هموم أو تواجه تحديات كبيرة فلا تفوّت هذا الوقت بالدعاء الصادق والثقة بأن الله وحده القادر على تفريج الكرب وتحقيق الأحلام.