يَوم عَرفة يُعدّ من أفضل الأيام التي ينتظرها المسلمون بحماسٍ وإيمانٍ كبير لما له من مكانة عظيمة في الإسلام حيث أتمّ الله سبحانه وتعالى فيه تنزيل القرآن الكريم على النبي محمد ﷺ، ويتميز هذا اليوم بمكانته الخاصة عند المسلمين لما يشهده من اجتماع الحجاج على جبل عرفات للدعاء والتضرع إلى الله عز وجل بأصدق المشاعر وأعظم الأمنيات ليغفر ذنوبهم ويحقق مطالبهم ويستجيب دعواتهم، ويعدّ الصيام في هذا اليوم من الأعمال المستحبة التي حث عليها النبي ﷺ لما لها من فضلٍ عظيم في تكفير ذنوب السنة التي مضت والسنة التي تليها، وهذا يدل على عِظم هذا اليوم المبارك الذي تتجلّى فيه البركات وتُفتح فيه أبواب الرحمة.
صيغة دعاء نية صيام يوم عرفة مكتوب
صيام يوم عرفة يُعد واحدة من أفضل القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى في هذا اليوم المبارك، حيث إن النية تُعتبر أساس العمل الصالح وهي تعني التوجه القلبي الصادق لطلب مرضاة الله سبحانه وتعالى، وقد أتاح الشرع الإسلامي أن تنعقد نية الصيام في صيام النوافل قبل الفجر، وهذه بعض الأدعية التي تُعبِّر عن نية صيام يوم عرفة:
- اللَّهُمَّ إني نويت صيام يوم عرفة ابتغاء وجهك الكريم إيمانًا واحتسابًا ولطلب رحمتك وعفوك، فأعنِّي على إتمام صيامه واغفر لي ذنوبي كلها صغيرها وكبيرها، واعتق رقابنا من النار يا أكرم الأكرمين.
- يا ذا الجلال والإكرام إني أُعزم على صيام يوم عرفة رغبة في طاعتك وطلبًا لرحمتك ورجاء رضاك، فاجعلني من المغفور لهم وأعنِّي على الصيام والعبادة، واعتقني من النار وتجاوز عن سيئاتي، واكتب لي الخير في الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين.
- اللَّهُمَّ إني نويت صيام هذا اليوم العظيم يوم عرفة إيمانًا بك وسعيًا لنيل رضوانك وخضوعًا لعظمتك، فتقبَّل مني وأعنِّي على حسن العمل واغفر خطاياي، واعتقني ووالديَّ وأحبابي من عذاب النار يا واسع الرحمة والمغفرة.
- يا رب العالمين إني أنوي صيام يوم عرفة خالصًا لوجهك الكريم إيمانًا بفضلك ورجاءً في مغفرتك وعتقك لمن شهد هذا اليوم، فتقبل مني صيامي واجعلني ممن يُعتَقون من النار في هذا اليوم المبارك، وارزقني حسن القبول والتوفيق يا واسع الرحمة.
- اللَّهُمَّ إني عقدت النية على صيام يوم عرفة طاعةً لك وابتغاءً لمغفرتك، فارفق بي واغفر لي ما تقدم من ذنوبي وما تأخر وأعتقني من النار، وارزقني القبول والزُلفى لديك يا رب أنت مولانا ونعم النصير.
الحكم الشرعي لصيام يوم عرفة
صيام يوم عرفة يُعَدّ من المواضيع التي تَثير التساؤلات لدى العديد من الأشخاص ولا سيما مع كَونه اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، وهو اليوم الذي يقف فيه الحُجّاج على جبل عرفات يتوجّهون إلى الله بالدعاء والتضرّع راجين قضاء حوائجهم وغفران ذنوبهم ونَيل رحمته.
فَــ حسب رأي المذاهب الإسلامية الثلاثة المالكية والشافعية والحنابلة فإن صيام يوم عرفة من الأعمال المستحبة جدًا لغير الحُجّاج لما فيه من ثواب عظيم ولأنه يُعَدّ تكفيرًا للذنوب ومضاعفةً للحسنات ومناسبة لتعزيز الأعمال الصالحة التي قام بها المسلم على مدار عامه مما يجعل لهذا اليوم مكانة عظيمة في نفوس المسلمين، ومع ذلك فإن لحجاج بيت الله الحرام حكمًا مختلفًا حيث لا يُستحب لهم الصيام في هذا اليوم العظيم لأنّ حاجتهم إلى القوة والطاقة لأداء مناسك الحج والعبادات في يوم عرفة الذي يُعَدّ من أهم أيام الحج تكون أولى وأهم من صيامهم.
وقد وردت في الروايات النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك الصحابة الكرام مثل أبي بكر الصديق رضي الله عنه وعمر بن الخطاب رضي الله عنه وعثمان بن عفان رضي الله عنه جميعًا لم يكونوا يصومون يوم عرفة أثناء وجودهم في الحج وكان ذلك واضحًا من سيرتهم التي توضح الكيفية التي أدّوا بها مناسكهم في هذا اليوم المبارك، وهذا دليل جلي على أن صيام يوم عرفة لغير الحجاج يُعَدّ عملًا عظيمًا له فضائل عظيمة بينما بالنسبة للحجاج فإن إتمام مناسكهم والقيام بما يترتب عليهم في هذا اليوم الكريم هو الأهم والأولى من الصيام.
أفضل الأعمال الموصى بها في يوم عرفة 1446
يوم عرفة يُعد أحد أبرز الأيام المباركة في الإسلام وله مكانة عظيمة في قلوب المسلمين لما يحمله من فضل كبير وأجر عظيم، وقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على العديد من الأعمال والعبادات التي تُناسب هذا اليوم المبارك والتي واظب عليها صحابته الكرام واقتفى أثرهم من تبعهم بإحسان، ومن هذه الأعمال ما يلي:
- الدعاء: يُعتبر الدعاء في هذا اليوم المبارك من أجَلِّ العبادات التي يُوصى بها المسلمون لما وُرد في فضلها عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال: “خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير”، فَهذا اليوم فرصة عظيمة للتضرع إلى الله والإلحاح عليه بالدعاء طمعًا في مغفرته ورحمته وقبول الأعمال.
- صيام يوم عرفة: الصيام في هذا اليوم الفضيل من أعمال الخير التي يُستحب أن يحرص عليها المسلم، فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فضل صيام يوم عرفة بقوله: “صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يُكفِّر السنة التي قبله، والسنة التي بعده”، والعلماء يُشددون على أهمية نية الصيام والتقرب إلى الله بهذا العمل لينال المسلم أجر تكفير الذنوب عن عامين كاملين.
- التكبير: التكبير في يوم عرفة أحد مظاهر التعظيم التي خص بها الإسلام هذا اليوم الفضيل. والتكبير يبدأ من دخول شهر ذي الحجة بتكبير مُطلق ويزداد جماله في الصلوات بالتكبير المُقيد. ومن أشهر الصيغ المأثورة للتكبير: “الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله.. الله أكبر الله أكبر ولله الحمد”، يُوصى المسلمون بالإكثار من التكبير في كل وقت طوال هذه الأيام المباركة لتعظيم شعائر الله.
- الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يُعد من الأعمال التي تُثري الروح وتقرب العبد إلى خالقه، ومن أفضل أنواع الذكر في هذا اليوم هو الصلاة على النبي بصيغ متعددة منها: “صلى الله عليه سيدنا محمد صلاة تنحل بها العقد وينفرج بها الكرب” ، فَهذه العبادة تُمثل وسيلة مباشرة للتعبير عن المحبة للنبي وتجديد الولاء له.
- صلة الأرحام: تعزيز الروابط الاجتماعية وصلة الأرحام من الأعمال التي حث عليها الدين الإسلامي في يوم عرفة لما تحمله من أثر إيجابي على الفرد والمجتمع. يُستحب زيارة الأقارب، وطلب المودة، وإصلاح ما قد يكون انقطع من علاقات، ويُعتبر هذا العمل تجسيدًا لتعاليم الرحمة والمحبة الإسلامية.
- قراءة القرآن: قراءة كتاب الله في هذا اليوم المبارك تُعد من أعظم القربات لما فيها من تعمق في معاني الإسلام ونيل الحسنات. يُمكن اغتنام هذا اليوم في ختمة قرآنية أو إتمام قراءة أجزاء محددة خاصة في أوقات ما قبل الإفطار، فهذه العبادة كانت إحدى أهم السُنن التي واظب عليها الصحابة والتابعون خلال هذا اليوم.
- إحياء شعائر الإسلام: من الواجبات المهمة في هذا اليوم الحفاظ على روح الدين من خلال ممارسة الشعائر الإسلامية المرتبطة بهذا اليوم، والتي تتضمن إظهار الفرحة بفضل الله ونعمه مع الالتزام بتعليمات الدين، فالاحتفاء بالشعائر الدينية يزيد ارتباط المسلمين بعقيدتهم ويعزز التآخي بينهم مستلهمين ذلك من وصايا النبي صلى الله عليه وسلم.
أهمية وفضل يوم عرفة
كما ان يوم عرفة يُعد من أعظم الأيام التي تحمل مكانة كبيرة في الإسلام بفضائلها العظيمة التي تجعل المسلمين يحرصون على تعظيمه وصيامه ضمن أيام العشر من ذي الحجة طلبًا للثواب واستثمارًا للفرص التي يمنحها هذا اليوم ولأنه يوم تُضاعف فيه الحسنات، ويكثر التساؤل فيه حول صيغة نية الصيام وأفضل الأدعية، ولكن يبقى التركيز الأكبر على فضائله الجليلة التي سنوضحها فيما يلي:
- عتق الرقاب من النار: يُعتبر يوم عرفة يوم العفو والعتق من النار إذ يُكثر الله سبحانه وتعالى من عتق عباده فيه كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم (ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ). وهذا الحديث يبيّن مدى اتساع رحمة الله سبحانه وتعالى وفضله في هذا اليوم العظيم.
- يوم مشهود: يوم عرفة يوم مميز يشهده الملائكة وعباد الله الصالحون حيث يقف الحجاج على جبل عرفات ضمن مناسك حجهم ما يظهر للناظر منظرًا عظيمًا يجمع ملايين المسلمين من أرجاء العالم على الطاعة والدعاء والذكر ويشهد هذا الموقف العظيم خضوعًا وتضرعًا لله عز وجل.
- تكفير الذنوب: يُعتبر صيام يوم عرفة مغفرة كبرى إذ يكفر ذنوب عامين كاملين السنة التي مضت والسنة المقبلة كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله (يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ) وهذا الفضل يرشد المسلم لتقوية علاقته بربه والابتعاد عن الخطايا بتجديد التوبة واستدامة الطاعة.
- يوم إتمام النعمة: من أعظم خصائص يوم عرفة نزول قول الله تعالى (الْيَومَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ، وَأَتْمَمْتُ علَيْكُم نِعْمَتِي، وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينًا) ، ووفقًا لما قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد نزلت هذه الآية العظيمة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وهو واقف بعرفة ما يجعل هذا اليوم شاهدًا على نعمة إتمام الدين الإسلامي على المسلمين.
- تلبية الحاجة: للدعاء في يوم عرفة منزلة عظيمة لأنه يوم تُقبل فيه دعوات الصالحين اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يدعو فيه بما يحمل من حاجات وأمنيات، ويُعد هذا اليوم فرصة ذهبية لكل مسلم ليكون أقرب إلى ربه، فيُقبل بالدعاء والتضرع طالبًا إحسانه وفضله.
