شهر رمضان يُعتبر فرصة عظيمة يستطيع المسلم فيها أن يُنقي روحه من الذنوب ويبتعد عن كل ما قد يُلهيه عن طاعة الله، فالشخص الذي يمتلك وعياً دينياً يُدرك كيفية استثمار كل لحظة فيه لزيادة حسناته لأن الأيام تمضي سريعاً ولا يبقى للإنسان سوى عمله الصالح فمن الأفضل أن يبدأ المسلم بالتحضير لاستقبال رمضان منذ شهر شعبان ويتعود على العبادات ويعقد نيته على الصيام قبل حلول الشهر الكريم، ويُمكنه أن يدعو بهذا الدعاء:
- يستطيع المسلم أن يقول في دعاء نية صيام رمضان: اللهم إني نويت أن أصوم هذا الشهر كاملاً لوجهك الكريم إيماناً واحتساباً، اللهم فتقبله مني واغفر لي ذنوبي واجعل صيامي في ميزان أعمالي الصالحة.
- اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي، فقد ورد هذا الدعاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص ورواه ابن ماجه وصححه ابن حجر في تخريج الأذكار، ويمكن للمسلم أيضاً أن يقول: اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت.
- يُستحب للمسلم عند اقتراب وقت الإفطار أن يرفع يديه بالدعاء ويدعو بما شاء، ومن الأدعية التي ثبتت عن النبي ﷺ قوله: (اللهمَّ إني أعوذُ بك من العجزِ والكسلِ، والجُبنِ والهَرمِ، والبُخلِ، وأعوذ بك من عذابِ القبرِ، ومن فتنةِ المحيا والمماتِ).
- يا من تُعين عند الكرب ويا سندي في الشدة، ويا من تنعم علي في الرخاء ويا من بيده كل شيء، أنت الذي تستر العيوب وتؤمّن القلوب وتمحو الزلات، فاغفر لي خطاياي وذنبي يا أرحم الراحمين.
نية صيام شهر رمضان والدعاء المستحب
تلعب النِّيَّة دَورًا رئيسيًا في جميع العبادات، فهي الأساس الذي يُبنى عليه كل عمل إذ لا يُقبل أي عمل بدونها كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
- «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ لِمَا هَاجَرَ إِلَيْهِ».
وميضعها القلب ولا يشترط التلفظ بها جهرًا وعند حلول وقت الصيام يجب أن تكون النية مُحددة قبل الفجر أي خلال الليل لأن ترك تعيين النية مسبقًا يؤدي إلى عدم صحة الصيام إذ تُعدّ شرطًا جوهريًا في قبول الصوم وفيما يلي الدعاء المستحب عند نية صيام شهر رمضان:
- اللهم إني نويت أن أصوم رمضان كاملاً لوجهك الكريم إيمانًا واحتسابًا اللهم تقبله مني واغفر لي فيه وبارك لي فيه وزدني علمًا.
الدعاء المستحب عند نية الصيام وأحكامه
النية في الصيام تُعتبر من الشروط الأساسية التي يجب توافرها ليكون الصيام صحيحًا ومقبولًا كما ورد عن النبي ﷺ في قوله: «مَنْ لَمْ يَجْمَعِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ» ويُفهَم من هذا الحديث أن المسلم ينبغي عليه أن ينوي الصيام ويعزم عليه في قلبه.
حيث اختلف العلماء في مسألة النية هل هي شرط لصحة الصيام أم أنها ركن من أركانه حيث ذهب بعضهم إلى ضرورة تجديد النية لكل ليلة من ليالي شهر رمضان على حدة فيقول المسلم في نفسه “نويتُ صيام غدٍ من شهر رمضان”.
أما فيما يتعلق بتوقيت النية فإنه يجب أن تكون قبل الفجر لأنه إن نوى الصيام بعد الأذان فإن الصيام لا يصح بإجماع أهل العلم في المقابل هناك مذاهب ترى أن النية الواحدة في بداية شهر رمضان تُجزئ عن الشهر كله ولكن من باب الاحتياط والحرص على صحة الصيام فإن عقد النية لكل يوم يُعد أفضل وأكمل.
الدعاء المأثور في أول أيام رمضان
- اللهم اجعلني من عبَادِك الذين يستغفرونك وامنحني الصلاح والتقوى وقرّبني لمن تحب من أوليائك برحمتك يا أكرم الأكرمين.
- اللهم ارزقني رضاك وجنّبني أسباب غضبك وسخطك ووفّقني للإقبال على تلاوة كتابك بكرمك يا واسع الفضل.
- اللهم امنحني صفاء العقل وأبعد عني كل شرود أو غفلة ووفّقني لنيل البركة والخير من فيض كرمك يا أجود من أعطى.
- اللهم وفقني لقيام الصيام وسددني في اجتناب الزلل والمعاصي واجعل لساني عامرًا بذكرك بمنّك وكرمك يا هادي السائلين.
- اللهم ارزقني الرحمة بضعفاء عبادك وأعنّي على إطعام المحتاجين ونشر السلام ومجالسة أهل الصلاح بفضلك يا رجاء الراغبين.
الأحكام الشرعية المتعلقة بنية الصيام وتوقيتها
النِّيَّةُ في الإسلام تُعَدُّ من الأمور الأساسيَّة، والمقصود بها أن يعقد الإنسان العزم في قلبه على أداء عبادة معيَّنة ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى، وهي عنصر جوهري لصحة أي عمل أو عبادة يؤديها المسلم.
العلماء تباينت آراؤهم فيما يخص حكم نيَّة الصيام، وكان لكل فريق منهم مستنده ودليله وتوضيح ذلك فيما يلي:
- هناك من العلماء من يرى أن النية شرط لا يصح الصيام بدونها، أي أن الصيام لا يكون صحيحًا إلا إذا حدَّد المسلم نيَّته منذ البداية وذلك لأن الصيام كسائر العبادات التي يلزمها النِّيَّة واستندوا في ذلك إلى الحديث الشريف: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى).
- في حين ذهب آخرون إلى اعتبار النيَّة جزءًا من أركان الصيام ذاتها، على غرار الإمساك عن المفطرات كالأكل والشرب وسائر ما يُفسِد الصيام ما يعني أن النِّيَّة داخلة ضمن بنية الصيام نفسه.
- أما فيما يخص وقت عقد النية للصيام، فيبدأ بعد غروب الشمس ويمتد حتى ما قبل طلوع الفجر، فيلزم للمسلم أن يُضمِر في قلبه العزم على الصوم قبل الفجر ليكون صيامه صحيحًا.
الضوابط الشرعية لعقد نية صيام رمضان
يَجب على المُسلم الالتزام بالضوابط الشرعية المتعلّقة بنيّة الصيام في شهر رمضان فتصحيح النيّة أمر ضروري لضمان صحة الصيام وتتلخص هذه الضوابط في التالي:
- تبييت النية، ينبغي على المسلم أن يُبيت نية صيام رمضان خلال الليل قبل دخول وقت الفجر نظرًا لأن الصيام عبادة تعتمد على وجود نية مُسبقة، أما في حال كان الصيام تطوعًا فيجوز له أن ينوي الصيام أثناء النهار بشرط ألا يكون قد تناول طعامًا أو شرابًا أو ارتكب أي أمر يُعد من المفطرات بعد طلوع الفجر.
- تعيين النية، يُشترط أن يُحدد المسلم في قلبه أن مقصده هو صيام رمضان تحديدًا، فلا يكفي أن ينوي الصيام بشكل عام دون تحديد، بينما في صيام النوافل لا يُشترط تَعيين النية بهذه الطريقة.
- الجزم بالنية، لا بد أن يكون المسلم عازمًا على الصيام دون أي تردد لأنه إذا كان مُترددًا بين الصيام والإفطار فإنه لا يُعتبر صائمًا ويلزمه قضاء هذا اليوم لاحقًا لتعويضه.
أثر نية الصيام وأهميتها في صحة العبادة
تُعدُّ النية عنصراً أساسيًا في صحة الصيام، إذ لا يُقبل الصيام بدونها فمن الواجب أن يُحدد المسلم في قلبه أنه سيصوم وإن عبَّر عنها بلسانه فهذا أكمل وأفضل لأن النية تُميز الصيام عن غيره من العادات وتضمن توجه القلب لوجه الله مما يُبعد أي تردد أو شك وللنية في الصيام معانٍ وأبعاد متعددة تُبرز أهميتها:
- تحديد النية: يُمكن للمسلم أن يكتفي بنية واحدة مع بداية رمضان تمتد لصيام الشهر كله. لكن من الأفضل أن يُجددها يوميًا ليكون أكثر استحضارًا للعبادة وأكثر وعياً بعبادته.
- جوهر النية: يجب أن تكون النية حاضرة بوضوح عند كل صائم لأنه من خلالها يتحدد سبب الصيام. فالنية تمنح الصيام قيمته التعبدية وتُفرِّق بين العبادات والأفعال المعتادة.
- استباق النية: من الضروري أن يُعقد العزم على الصيام قبل طلوع الفجر. ويُفضل عدم تأخير النية عن هذا الوقت لأن صحة الصيام مشروطة بها.
- القلب واللسان: مكان النية الأصل في القلب إذ يكفي أن ينوي الصائم صيامه بقلبه ليُجزى به. لكن إن نطق بها بقوله مثل “نويت الصيام”، فهذا يُضفي تأكيدًا وطمأنينة على عبادته.
دعاء قصير لعقد نية الصيام وفق السنة
الصيام يُعتبر سببًا لصون النفس وتهذيب الروح فأثره يظهر جليًا في صفاء القلب واستقامته على طاعة الله إذ يشعر الصائم بانجذابه نحو البر والإحسان وابتعاده عن كل ما يُغضب الله ويوقعه في المعاصي فمن رزقه الله فضل هذا الشهر المبارك فقد نال فرصة عظيمة لمضاعفة الأجر والبركة والدعاء في مستهل الشهر الفضيل من الوسائل التي تُعين المسلم على استقبال رمضان بروح صافية ونية خالصة لوجه الله ومن الأدعية التي يُستحب قولها لعقد نية الصيام:
- اللهم إني نويت صيام هذا الشهر الكريم فبارك لي في أيامي وأعني على الطاعات، واغفر لي زلاتي، واكتب لي العتق من النيران واجعل لي من كل ضيق مخرجًا ومن كل هم فرجًا.
- اللهم ارزقني قلبًا نقيًا يفيض رحمة، ويدًا لا تبخل بالعطاء ونفسًا تأنس بذكرك، واغفر لي ولأهلي ولمن أحب واشف مرضانا ومرضى المسلمين، ورد الغائب إلى أهله سالمًا.
- يارب برحمتك التي وسعت كل شيء اغفر لي ولأحبتي وتقبل صيامنا وقيامنا، واجعلنا من عتقائك في هذا الشهر الكريم، اللهم اكتب لنا الخير، واصرف عنّا السوء، ونجّنا من عذاب النار.
- اللهم اجعل هذا الشهر بداية خير ونقاء، واغسل فيه قلوبنا من الذنوب واملأها باليقين والقرب منك، واكتب لنا فيه السعادة، والراحة، والرضا، وأخرجنا منه بذنوب مغفورة وأعمال مقبولة.
من المستحب على المسلم أن يجدد نيته للصيام كل ليلة قبل الفجر ويحرص على التوجه بالدعاء والرجاء لله، فالأصل أن محل النية هو القلب ولكن التلفظ بها يساعد في تعزيز العزم على صيام الشهر الفضيل بإخلاص، وحين يُعقد العزم على استقبال رمضان بروح نقية وإرادة خالصة فإنه يهيئ النفس للطاعة فتكون له فرصة سانحة للتخلص من الذنوب والعادات التي تبعده عن الله فيحرص على ترك ما يضعف إيمانه ويجعل وقته عامرًا بالتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة.