يتساءل العديد من الأفراد عن الوقت المناسب لقول دعاء كفارة المجلس وهذا الأمر محل خلاف فقهي بين أهل العلم حيث يستند كل رأي إلى أدلة شرعية تعزز وجهة نظره لذلك سيتم توضيح هذه الآراء بشكل مفصل في الفقرات التالية.
متى يُستحب قول دعاء كفارة المجلس
أوضح أهل العلم أن الأحاديث النبوية التي وردت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في فضل دعاء كفارة المجلس تؤكد أن الموضع الأنسب لقول هذا الدعاء يكون عند ختام المجلس أو قبل مغادرته كما أن هناك آراء فقهية تشير إلى أنه إذا غادر الإنسان المجلس وانتهت جلسته ولم يذكر هذا الدعاء فقد فاته وقته المحدد لذلك لأن الأصل أن يُقال عند انتهاء المجلس مباشرة ومن هنا أصبح هذا الدعاء من الأذكار التي يحرص المسلمون على المداومة عليها طلبًا للأجر والثواب وسعيًا لرضا الله -سبحانه وتعالى- أما فيما يتعلق بحكم هذا الدعاء فإنه من الأدعية التي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يوصي بها لما لها من فضل في صيانة المسلم من المعاصي والذنوب ولهذا حرص الصحابة والتابعون -رضي الله عنهم- على ترديده بانتظام لكونه من الأدعية المستحبة التي تهذب النفس وتعين الإنسان على تجنب الزلل والخطأ.
الدعاء الوارد في السنة النبوية لكفارة المجلس
يُعَدُّ دعاء كفارة المجلس من الأدعية الثابتة في السنة النبوية، وهو الدعاء الذي يُقال بعد الانتهاء من أي مجلس بهدف تكفير الزلات أو الأخطاء التي قد تحدث أثناء الحديث، وقد ورد هذا الدعاء بصيغة محددة كما جاء في الحديث الشريف:
- جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إِنَّ لِلَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- مَلَائِكَةً يَجُوبُونَ الْأَرْضَ، يَحُثُّونَ خُطَاهُمْ بَاحِثِينَ عَنْ مَجَالِسِ الذِّكْرِ فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ جَلَسُوا مَعَهُمْ، وَاحتَفُّوا بِهِمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ حَتَّى يَمْتَلِيءَ الْمَكَانُ مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ، فَإِذَا انْفَضُّوا صَعِدُوا إِلَى رَبِّهِمْ، فَيَسْأَلُهُمُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: جِئْنَا مِنْ عِبَادٍ لَكَ فِي الْأَرْضِ يُسَبِّحُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيَدْعُونَكَ، فَيَقُولُ: وَمَاذَا يَسْأَلُونِي؟ فَيُجِيبُونَ: يَسْأَلُونَكَ دُخُولَ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ فَيُجِيبُونَ: لَا، فَيَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ فَيَقُولُونَ: وَيَلْتَمِسُونَ مِنْكَ النَّجَاةَ مِنَ النَّارِ، فَيَقُولُ: وَهَلْ شَاهَدُوهَا؟ فَيَقُولُونَ: لَا، فَيَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ عَايَنُوهَا؟ فَيَقُولُونَ: وَيَلْتَمِسُونَ مِنْكَ الْمَغْفِرَةَ، فَيَقُولُ: قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، وَمَنَحْتُهُمْ مَا سَأَلُوا، وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا خَافُوا، فَيَقُولُونَ: يَا رَبِّ، مِنْ بَيْنِهِمْ عَبْدٌ أَذْنَبَ، مَرَّ بِالْمَجْلِسِ فَجَلَسَ مَعَهُمْ، فَيَقُولُ: وَلَهُ غَفَرْتُ، فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ.
أهمية دعاء الكفارة وفضله العظيم
يُعد دعاء الكفارة من الأذكار التي تحمل فضلًا كبيرًا وأثرًا عظيمًا، فهو سنة ثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ويترتب عليه أجر وثواب لمن يحرص على ترديده في ختام المجالس:
- المواظبة على دعاء الكفارة تطبيق لما جاء في هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا بحد ذاته من أسباب تحصيل الأجر والاقتداء بالسنة الشريفة.
- يمنح الله -عز وجل- عباده الثواب عند ترديد هذا الدعاء في نهاية المجلس لأنه من الأذكار المستحبة التي تُقال بعد الاجتماعات واللقاءات.
- ذكر الله -سبحانه وتعالى- عند اختتام أي مجلس فيه خير وبركة، فهو سبب في مغفرة الذنوب وتطهير المجلس من أي كلام غير نافع كما أنه وسيلة لنيل الثواب والشفاعة ويعود بالنفع والخير على الحاضرين.
- المداومة على هذا الدعاء تقي الإنسان من الشعور بالندم يوم القيامة إذ يغفر الله به الخطايا ويبدلها بالحسنات وهذا من كمال رحمته بعباده وفضله العظيم.
- في حال ورد من الإنسان أثناء المجلس حديث غير محمود مثل الغيبة أو النميمة فإن هذا الدعاء يكون بإذن الله سببًا في تكفير ذلك الذنب مما يجعل المرء أكثر حرصًا مع مرور الوقت على تجنب الوقوع في الأخطاء.
- الدعاء من أحب الأعمال التي تقرب العبد من ربه وترديد دعاء الكفارة يجعل أي مجلس عامرًا بذكر الله وطاعته ويضفي عليه أجواء إيمانية تبعث السكينة والخير.
- يمحو الله -جل وعلا- بهذا الدعاء الذنوب التي قد تقع خلال المجالس فيتخلص المؤمن بذلك من آثار أي زلة لسان أو حديث غير نافع.
ألفاظ متعددة لدعاء كفارة المجلس
يستحب عند ختام المجلس أن يُقال دعاء كفارة المجلس، لما فيه من تكفير الذنوب وجلب البركة وقد وردت عدة صيغ في السنة النبوية يمكن قولها، ومنها:
- اللهم اغفر لي وتُب عليَّ إنك إذا أردت شيئًا تقول له كن فيكون.
- سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.
- اللهم استر عيوبنا وتفضل علينا بعفوك واغفر لنا برحمتك، سبحانك اللهم وإليك النشور.
- اللهم ارزقنا من خشيتك ما يكون حاجزًا بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما يُبلغنا جنتك، ومن اليقين ما يُهوّن علينا مصائب الدنيا ومتّعنا بأسماعنا وأبصارنا.
- اللهم إني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
الضوابط والآداب المستحبة في المجالس
عند حضور أي مجلس، ينبغي الالتزام بمجموعة من الآداب والتوجيهات لضمان الراحة للحاضرين وتجنب أي تصرف غير مناسب:
- البدء بذكر الله -تعالى-: من المستحب عند بدء المجلس أن يُذكر اسم الله -سبحانه- لما في ذلك من استجلاب البركة وزيادة الأجر للحاضرين.
- عدم الجلوس بين شخصين دون إذنهما: إذا كان هناك شخصان يجلسان معًا، فلا ينبغي الجلوس بينهما إلا بعد الحصول على إذن منهما وذلك اتباعًا للسنة النبوية.
- عدم إفشاء أسرار المجلس: يجب أن تبقى كل الأحاديث التي دارت في المجلس داخله وعدم نقلها خارجه لأن ذلك يُعد خيانة للأمانة كما أن حفظ الأسرار واجب أخلاقي لا يمكن التساهل فيه.
- الجلوس في المكان المتاح: عند دخول مجلس، يجب الجلوس في المكان الفارغ دون طلب شخص آخر مغادرة مقعده فذلك قد يتسبب في الإحراج أو الضيق لمن حولك.
- إفساح المجال للآخرين: من حسن الخلق وكرم الضيافة أن يتعاون الجالسون في إتاحة أماكن إضافية للقادمين وهذا تصرف نبيل يعكس التقدير المتبادل بين أفراد المجلس.
- التذكير بكفارة المجلس: يُسنّ تكرار كفارة المجلس بين الحين والآخر بين الجالسين لأنها تُكفّر عن أي زلل قد وقع دون قصد كما أنها تحمي من وساوس الشيطان.
- اختيار الصحبة المناسبة: من الأفضل أن يكون المجلس وسط أشخاص صالحين ممن تُستفاد آراؤهم وأحاديثهم والابتعاد عن الصحبة التي يغلب عليها الخوض في أحاديث غير نافعة أو سماع الغيبة والنميمة.
الدعاء المشروع للتكفير عن الغيبة والنميمة
الدعاء يعد من أعظم الوسائل التي يتقرب بها العبد إلى الله، والتكفير عن الغيبة والنميمة يكون بالاستغفار الصادق والتوبة النصوح والعودة إلى الله بإخلاص فالمسلم يحرص دائمًا على ذكر الله وطلب المغفرة حتى يغفر الله له زلاته ويمحو عنه ذنوبه وهناك مجموعة من الأدعية التي يستحب الدعاء بها لنيل المغفرة والرحمة من الله عز وجل ومنها:
- سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أنه لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك اللهم اغفر لي ذنوبي جميعها، ووفقني لترك ما يغضبك واهدني لطاعتك.
- اللهم أنت الغفور الرحيم نستغفرك من كل الذنوب والمعاصي، ونسألك يا الله أن تعفو عنا وتعافينا وتستر علينا وترزقنا الصحة والعافية في الدنيا والآخرة.
- اللهم اغفر لنا ذنوبنا ما ظهر منها وما بطن، وما تقدم منها وما تأخر، وابعدنا عن كل عمل يباعد بيننا وبين رضاك واهدنا إلى طريق الحق والثبات عليه يا أكرم الأكرمين.
- يا رب يا حنان يا منان يا من لا تأخذه سنة ولا نوم، أسألك أن تغفر لي ذنوبي وتعفو عني وترزقني الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وتصرف عني ما يبعدني عنها.
- يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، اللهم اجعل لي من رحمتك نصيبًا واسعًا واغفر لي كل الذنوب التي أعلمها والتي لا أعلمها، فإنك أنت علام الغيوب.