يُعَدُّ الغضب من الصفات الطبيعية التي تواجه الإنسان في حياته اليومية ولكنه قد يتحول إلى معضلة حقيقية إذا خرج عن حدوده المألوفة، وتختلف استجابات الأشخاص تجاه الغضب بناءً على شخصياتهم وطرق تعاملهم معه فبعض الأفراد قد يَثور لفترة قصيرة ثم يتمكّن من استعادة هدوئه والبعض الآخر يحتاج إلى وقت أطول ليستعيد اتزانه العاطفي فيما يسعى آخرون لكتمان مشاعر الغضب وعدم إظهارها للآخرين، بينما يجد بعض الأشخاص صعوبة في ضبط أنفسهم أثناء موجات الغضب مما يؤدي إلى مواقف مليئة بالتوتر والانزعاج ولهذا تأتي أهمية التعرّف العميق على أثار هذه المشاعر وأسبابها وكيفية التعاطي معها بفعالية.
وفي تلك اللحظات التي يتملك الغضب من النفس فإن أفضل ما يمكن للإنسان القيام به هو اللجوء إلى الدعاء فهذا يمنحه إحساساً بالسكينة والترويح عن النفس ويُعزز من قدرته على التحكم في انفعالاته وإليك مجموعة من الأدعية التي تُعينك في لحظات الغضب وتساعدك على التغلب عليه:
- «لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السموات ورب العرش الكريم».
- «اللهم اجعل لي من كل ما أهمني وكربني من أمر دنياي وآخرتي فرجاً ومخرجاً وارزقني من حيث لا أحتسب واغفر لي ذنوبي وثبت رجاك في قلبي واقطعه ممن سواك حتى لا أرجو أحدًا غيرك».
- اللهم ألبسني حلة من حلل صفوك عند لقاء عبدك الجبار، اللهم اجعل غضب زوجي علي برداً وسلاماً كما جعلت النار برداً وسلاماً على سيدنا إبراهيم، اللهم حببني إلى قلبه وجملني في عينه واستر عيوبي عنه واستر عيوبه عني وألف بين قلوبنا واجمعنا في الفردوس الأعلى من الجنة.
- اللَّهمَّ ربَّ السَّمواتِ السَّبعِ وربَّ العرشِ العظيمِ ربَّنا وربَّ كلِّ شيءٍ أنتَ الظَّاهرُ فليس فوقَكَ شيءٌ وأنتَ الباطنُ فليس دونَكَ شيءٌ مُنزِلَ التَّوراةِ والإنجيلِ والفُرقانِ فالقَ الحَبِّ والنَّوى ، أعوذُ بكَ مِن شرِّ كلِّ شيءٍ أنتَ آخِذٌ بناصيتِه أنتَ الأوَّلُ فليس قبْلَكَ شيءٌ وأنتَ الآخِرُ فليس بعدك شيء.
- اللهم يا مسهل الشديد ويا ملين الحديد ويا منجز الوعيد ويا منّ هو كل يوم في أمر جديد أخرجني من حلق الضيق إلى أوسع الطريق بك أدفع ما لا أطيق ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللّهم لا هادي لمن أضللت ولا معطي لما منعت ولا مانع لما أعطيت ولا باسط لما قبضت ولا مقدّم لما أخّرت ولا مؤخّر لما قدمت.
الدعاء المأثور للتخفيف من حدة الغضب
عندما يشعر الإنسان بالغضب أو يجد أن أعصابه مشدودة نتيجة لموقف معين فإنه يكون بحاجة إلى تهدئة نفسه بضبط مشاعره والتوجه إلى الدعاء المأثور الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن بين الأدعية التي تساعد في تقليل حدة الغضب والعودة إلى السكينة:
- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب العرش الكريم.
كما أن الإنسان قد يمرّ بمواقف صعبة تفوق احتماله ويحتاج فيها إلى أن يلجأ إلى الله بصدق ليُفرّج همه ويمنحه السكينة والدعاء التالي من الأدعية الجامعة في هذه الأحوال:
- اللهم اجعل لي من كل ما أهمني وكربني من أمر دنياي وآخرتي فرجاً ومخرجاً وارزقني من حيث لا أحتسب واغفر لي ذنوبي وثبت رجاك في قلبي، واقطعه ممن سواك حتى لا أرجو أحداً غيرك يا من يكتفي من خلقه جميعاً ولا يكتفي منه أحد من خلقه يا أحد من لا أحد له، انقطع الرجاء إلا منك أغثني أغثني يا عزيز يا حميد يا ذا العرش المجيد أصرف عني شر كل جبار عنيد.
أحياناً يشعر الإنسان بالثقل نتيجة شعوره بالتقصير في حق الله وربما بالذنب ويسعى لطلب الرحمة والمغفرة من الله سبحانه بدعاء يحمل بين كلماته معاني الاستغفار والخضوع:
- اللهم إنك تعلم أني على إساءتي وظلمي وإسرافي أني لم أجعل لك ولداً ولا نداً ولا صاحبة ولا كفواً فإن تعذب فأنا عبدك وإن تغفر فإنك العزيز الحكيم.
- اللهم إني أسألك يا من لا تغلطه المسائل ويا من لا يشغله سمع عن سمع يا من لا يبرمه إلحاح الملحّين.
- اللهم أني أعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء.
وقد تمرّ على المؤمن أوقات يشعر فيها بالحاجة الملحّة إلى اللجوء إلى ربه طالبًا لطفه ورحمته في مواطن الضيق لأنه لا أحد يلجأ إليه العباد إلا الله الذي يلطّف عباده ويعينهم:
- يا لطيف، يا لطيف، يا لطيف الطف بي بلطفك الخفي وأعني بقدرتك، اللهم أني أنتظر فرجك وأرقب لطفك فالطف بي ولا تكلني إلى نفسي ولا إلى غيرك لا إله إلا الله الرحمن الرحيم.
كما يواجه الإنسان في كثير من الأحيان أعباءً كثيرة تجعل القلب مثقلاً بالهموم وهنا يحتاج لأن يتوسل بالدعاء لله عز وجل ليكفّ عنه ما يقلقه من الهموم ويوسع له في كل ما يمر به:
- اللهم إني أنزلت بك حاجتي كلها الظاهرة والباطنة والدنيوية والأخروية اللهم اكفني ما همني وما لا أهتم له، اللهم زودني بالتقوى واغفر لي ذنبي ووجهني للخير أينما توجهت اللهم يسرني لليسرى وجنبني للعسرى.
مفهوم الغضب وأبعاده
الغَضَب يُعَدُّ من المَشاعر السلبية التي تؤثر بشكل قوي على الشَّخص عندما يشعر بعدم الرضا عن موقف واجَهه أو عندما يتعرض لأمر مُزعج خلال مراحل حياته، ويُعَدّ الغَضَب نقيضًا لشُعور الرضا وغالبًا ما تصاحِبه أعراض جسديّة واضحة مثل ازدياد معدّلات الهيَجان واحمرار الوجه وقد تتطور الحالة أحيانًا لتصل إلى رغبة شديدة في البُكاء، وعندما لا يستطيع الإنسان التحكّم في هذا الشعور القوي يمكن أن تتحول تصرُّفاته إلى أفعال شبيهة بانفجار البركان حيث يفقد قُدرته على التّفكير بعقلانيّة والسيطرة على ذاته.
الغَضَب ليس مجرّد إحساس عابر يزول سريعًا بل هو حالة من التفاعل العاطفي التي قد تُؤثّر بشكل خطير على صحة الإنسان بما يشمل الجانب النفسي والجسدي إذا لم تتم إدارة هذه المشاعر بطريقة سليمة ، إذ إن آثاره تتخطى حدود اللحظة لتصل إلى إحداث أضرارٍ بعيدة المدى على الصحة البدنية ممَّا قد يُسبب إجهادًا للجهاز العصبي والدوريّ ويترك تداعيات نفسيّة عميقة.
أبرز الآثار السلبية الناتجة عن الغضب
قبل الإجابة على السؤال المتعلق بدعاء الغضب الذي يُرجى استجابته، ينبغي أن نسلط الضوء على الأضرار المرتبطة بالغضب وتأثيراته على صحة الإنسان والتي تم إثباتها من خلال الدراسات والأبحاث العلمية ومنها:
- الغضب يؤدي إلى إرهاق القلب بشكل كبير حيث عندما ينفعل الشخص بشدة، يتزايد ضخ الدم باتجاه القلب بمعدل مرتفع مما يشكل عبئًا ثقيلًا على عضلة القلب وقد يتسبب في زيادة الضغط عليها.
- يُعتبر الغضب من العوامل التي تسهم في تصلب الشرايين وفقدان مرونتها مع مرور الزمن ، حيث إنه يعزز من مستويات التوتر العصبي داخل الجسم مما يترك آثارًا سلبية جدًا على صحة الشرايين.
- الغضب يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم بصورة ملحوظة بسبب التوتر والانفعال العصبي الذي يصاحب نوبات الغضب مما يضاعف من احتمالات وصول ضغط الدم إلى مستويات خطيرة قد تهدد الصحة العامة.
- من الأضرار البارزة للغضب هو تأثيره على مستويات السكر في الدم إذ يتسبب في زيادتها بشكل كبير، الأمر الذي قد يزيد من خطر التعرض للأمراض المزمنة التي ترتبط بارتفاع مستويات السكر.
- تظهر آثار الغضب بشكل واضح على الأوعية الدموية الدقيقة الموجودة في العين حيث حين يزداد تدفق الدم نتيجة الغضب تتعرض هذه الأوعية لضغط مفرط مما قد يؤدي إلى مشكلات صحية خطيرة تهدد سلامة العين.
الأسباب الرئيسية المؤدية إلى الغضب
الغضب ينتج عن مجموعة من الأسباب التي قد تتفاوت بين الأفراد حسب اختلاف طباعهم وظروف حياتهم، ومن أبرز العوامل التي تُساهم في إثارة الغضب:
- الإحساس بألم جسدي شديد أو التعرض لحالة من الإرهاق الشديد نتيجة الإجهاد البدني أو النفسي بالإضافة إلى حالات الجوع أو الإصابة بأمراض تؤثر على سلامة الجسم وقدرته على التحمل.
- التحولات الهرمونية التي تحدث داخل الجسم سواء للرجال أو النساء مثل تلك المصاحبة لفترات الدورة الشهرية أو الأشهر الأولى من الحمل حيث تؤدي هذه التحولات إلى تقلبات مزاجية تُسهِم في توليد مشاعر الغضب.
- بلوغ النساء مرحلة سن اليأس مع توقف الدورة الشهرية والذي يُرافقه تغييرات فيزيولوجية وجسدية تؤثر بصورة مباشرة على حالتهن النفسية مما يجعل الغضب أحد ردود الفعل الناتجة.
- الآثار الناتجة عن التوقف المفاجئ لتأثير الأدوية المسكنة أو العقاقير المُخدرة حيث يؤدي ذلك إلى اختلال في التوازن العصبي للشخص ويزيد من حدة توتره وقدرته على السيطرة على أعصابه.
- المعاناة من مشاكل نفسية كالاكتئاب أو حالات القلق المزمن التي تُسيطر على حياة الشخص لفترات طويلة مما يضعف قدرته على التفاعل بهدوء ويؤدي إلى تزايد نوبات الغضب.
- الإجهاد الناتج عن تحديات مادية أو أزمات مالية حيث يزيد الشعور بالعجز حيال تلبية الاحتياجات اليومية من حدة التوتر والغضب لدى الأفراد.
- الشعور بالخيانة أو الغدر من قِبَل شخص مُقرَّب من دائرة الأصدقاء أو العائلة، وخاصةً إذا كان الشخص موضع ثقة كبيرة، حيث يتسبب ذلك في جرح عاطفي عميق يؤدي لتفاقم مشاعر الغضب.
- عوامل بيئة العمل الخاصة في حالة تراكم المسؤوليات والمهام وضغوطات العمل المفرطة التي تضع عبئًا نفسيًا أو جسديًا كبيرًا على الموظف مما يُسهم في استعداده للغضب بسهولة.
موقف الإسلام من الغضب
الإسلام حثنا على ضرورة تجنب الغضب وأوضح لنا كيفية التعامل معه بطريقة صحيحة فقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تعليم المسلمين مدى خطورة الوقوع تحت تأثير الغضب لأنه قد يؤدي إلى الكثير من المشاكل التي لا حصر لها وتنعكس سلبًا على النفس وتفسد العلاقات.
جاء في الحديث الشريف عن النبي عليه الصلاة والسلام قوله: (إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تُطْفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ) حيث أشار النبي بوضوح إلى أن الوضوء يُعتبر وسيلة فعّالة للسيطرة على الغضب فهو يسهم في تهدئة النفس وبث راحة داخلية تتيح للإنسان التعقل والتصرف بحكمة كما وجه النبي الكريم إلى أهمية التغيير في وضعيات الجسد كإحدى الوسائل لتخفيف حدة الغضب فقال في حديثه الشريف: (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع) وهذا يُبين مدى تأثير تغيير الوضعية في كبح التوتر والانتقال بالحالة النفسية إلى وضع أكثر اتزانًا.
من المهم أن يحرص الإنسان دائمًا على مراجعة نفسه وأن يدرك مخاطر ترك الغضب يسيطر عليه لأنه إن لم يتمكن الشخص من التحكم في انفعالاته قد يجد نفسه في مواقف قد تضر بحالته النفسية وتسبب له الشعور بالندم نتيجة أفعالٍ أو أقوالٍ تصدر منه وقت الغضب دون إدراك فالإنسان حينما يغضب يفقد السيطرة على تفكيره ويتخذ قرارات أو يقوم بتصرفات ما كان يتصور نفسه يقدم عليها في الأوقات العادية.
هذا الأمر يبرز أهمية التوازن النفسي والعمل على تهذيب الذات لتجنب الوقوع في مثل هذه المواقف ولذلك يحتاج الإنسان إلى التدريب المستمر على ضبط النفس ومحاولة تعزيز قدراته على هدوء الأعصاب أثناء لحظات الغضب حتى يتمكن من تفادي تأثيراته السلبية ومضاعفاته التي قد تسبب مشاكل كارثية في المستقبل، حيث أن الكثير من الأزمات الكبيرة التي تحدث أحيانًا تبدأ بموقف بسيط لم يتعامل معه الشخص بحكمة وسرعان ما تصاعدت الأمور لتصل إلى عواقب وخيمة.