الدعاء الصحيح في التشهد الاخير للصلاة

التشهدُ الأخيرُ في الصلاةِ يُعدُّ أحدَ أركانِها الأساسيةِ ولا تصحُّ الصلاةُ بدونهِ ومن يتأملُ كلماتِ التشهدِ يشعرُ براحةٍ وسكينةٍ وطمأنينةٍ فهي الكلماتُ التي حيا بها الملائكةُ النبيَّ ﷺ في ليلةِ الإسراءِ والمعراجِ، ويبحثُ البعضُ عما يُقالُ بعد التشهدِ لذا سيتمُّ توضيحُ الأدعيةِ الواردةِ بعد التشهدِ كما جاءت في السنةِ النبويةِ والتي يُرجى بها القبولُ والاستجابةُ بإذنِ اللهِ.

  • الدعاءُ الواردُ في التشهدِ الأخيرِ، كان النبيُّ ﷺ إذا أتمَّ التشهدَ الأخيرَ دعا بهذا الدعاءِ: «اللهم إني أعوذُ بك من عذابِ القبرِ وعذابِ النارِ ومن فتنةِ المحيا والمماتِ ومن فتنةِ المسيحِ الدجالِ» ، فهذا الدعاءُ من الأذكارِ العظيمةِ التي واظبَ عليها النبيُّ ﷺ كما أنهُ جاءت أدعيةٌ أخرى تُقالُ بعد التشهدِ يُجمعُ فيها بينَ الاستعاذةِ والثناءِ وطلبِ المغفرةِ.
  • حكمُ تركِ الدعاءِ بعدَ التشهدِ الأخيرِ، اتباعُ سنةِ النبيِّ ﷺ هو طريقُ أهلِ التقوى وقد أشارَ العلماءُ إلى أن الدعاءَ بعد التشهدِ الأخيرِ وقبل التسليمِ من السُنَنِ المستحبةِ وليس فرضًا أو ركنًا من أركانِ الصلاةِ فلو تركَهُ المصلي لا تبطلُ صلاتُهُ لكنَّ المحافظةَ عليهِ فيها خيرٌ كثيرٌ لأن هذا الموضعَ من مواطنِ استجابةِ الدعاءِ.
  • أدعيةٌ تُقالُ بعد التشهدِ الأخيرِ، ثبت في صحيحِ مسلمٍ أن النبيَّ ﷺ كان إذا بلغَ آخر صلاتِهِ وبين التشهدِ الأخيرِ والتسليمِ دعا بهذا الدعاءِ: «اللهم اغفر لي ما قدمتُ وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت»، وهذا الدعاءُ يشتملُ على طلبِ المغفرةِ لجميعِ الذنوبِ سواءً ما عُلمَ منها أو نُسيَ ليكونَ العبدُ في كنفِ عفوِ اللهِ ورحمتِهِ.

صيغة الدعاء المأثور في التشهد الأخير

جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال إذا تشهّد أحدكم وفي رواية إذا فرغ أحدكم من التشهّد الأخير فليتعوذ بالله من أربع فيقول “اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال”، وعن عائشة رضي الله عنها أنها ذكرت أن النبي ﷺ كان يدعو في صلاته قائلاً “اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال وأعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم”، فسأله أحد الصحابة عن سبب استكثاره من الاستعاذة من المغرم فقال إن الرجل إذا غرم حدّث فكذب ووعد فأخلف وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال للرسول ﷺ يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي فقال له النبي ﷺ قل “اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم” .

الدعاء المشروع والمستجاب في التشهد الأخير

كان الصحابي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يحرص على تعليم أبنائه هذا الدعاء بنفس الطريقة التي يُعلِّم بها المُعلِّم طُلابه الكتابة وذلك لكون النبي صلى الله عليه وسلم كان يداوم عليه بعد الصلاة فقال: “اللهم إني أعوذ بك من الجُبن وأعوذ بك أن أُرَدَّ إلى أرذل العُمُر وأعوذ بك من فِتنَة الدنيا وأعوذ بك من عذاب القبر”.

ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام للصلاة وعند اقتراب وقت التسليم فإنه يقول بين التشهد والسلام: “اللهم اغفر لي ما قدَّمت وما أخَّرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المُقَدِّم وأنت المُؤَخِّر لا إله إلا أنت”.

طلب الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه من النبي صلى الله عليه وسلم أن يُعلِّمه دعاءً يدعو به أثناء صلاته فأرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يقول: “اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرةً من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم”.

ذكر الصحابي معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمسك بيده وقال له: “يا معاذ والله إني لأحبك والله إني لأحبك” ثم أوصاه بأن يداوم بعد كل صلاة على قول هذا الدعاء: “اللهم أعِنِّي على ذِكْرِك وشُكْرِك وحُسْن عبادتك”.

الأدعية المستحبة التي تقال في التشهد الأخير

عن عائشة رضي الله عنها أنها سمعت النبي ﷺ يدعو في بعض صلاته قائلًا: “اللهم حاسبني حسابًا يسيرًا” فسألته بعد انتهاء الصلاة عن معنى الحساب اليسير، فأجابها بقوله: “أن ينظر في كتابه فيتجاوز له عنه، من نوقش الحساب يا عائشة يومئذ هلك”، أي أن العبد الذي يُحاسَب بيسر ويتجاوز الله له عن زلّاته فهو ممن نال الرحمة، أما من خضع لمناقشة الحساب وتدقيقه فإن ذلك يكون سببًا لهلاكه لأن الإنسان لا يسلم من الزلل.

عن فروة بن نوفل أنه سأل عائشة رضي الله عنها عن دعاء كان النبي ﷺ يردده في صلاته فأجابته بقولها: نعم كان النبي ﷺ يقول: “اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل”، يشير هذا الدعاء إلى طلب العبد الحماية من أي سوء أو ضرر قد ينجم عن أفعاله سواء التي قام بها أو التي لم يفعلها بعد، سائلًا الله أن يصرف عنه عواقب الذنوب والمعاصي التي قد تصدر منه علمًا أو جهلًا.

الأركان الأساسية للصلاة

تُعَدُّ الصلاةُ عمادَ الدين وهي الركنُ الثاني من أركان الإسلام حيثُ يؤديها المسلمون خمسَ مرّاتٍ يوميًا وهي عبادةٌ عظيمةٌ فُرِضَت على المسلمين قبلَ هجرة النبيِّ ﷺ وتُعَدُّ واجبًا على كلّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ ولها منزلةٌ كبيرةٌ في الإسلام فهي الصِّلةُ المباشرةُ بين العبدِ وربّه.

لا تصحُّ الصلاة إلا باستيفاءِ أركانها الأساسية التي لا يمكن الإخلالُ بها وهي على النحو التالي:

  • النية، يجبُ على المسلمِ أن ينويَ أداءَ الصلاةِ بقلبهِ فالنيةُ تُميّزُ بين العباداتِ وتحددُ المقصودَ منها.
  • تكبيرة الإحرام، يقولُ المصلي “الله أكبر” بصوتٍ جليٍّ عند بدايةِ الصلاةِ وهو قائمٌ مستقبِلٌ القِبلة.
  • القيام في الفرض، يَجبُ على المسلمِ القادرِ أداءُ الصلاةِ قائمًا ولا يُجازُ له الجلوسُ إلّا عند وجودِ عذرٍ شرعيٍّ يمنعهُ من القيام.
  • قراءة سورة الفاتحة، يتوجبُ على المُصلي قراءةُ سورةِ الفاتحةِ في كلِّ ركعةٍ فهي ركنٌ لا تصحُّ الصلاةُ بدونه.
  • الركوع، يُميل المصلّي جسده للأمامِ ويضعُ يدَيهِ على ركبتيهِ مستشعرًا الخُشوعَ والتذلُّلَ للهِ سبحانه وتعالى.
  • القيام من الركوع، يعودُ إلى الوقوفِ معتدلًا بعد الركوعِ قائلًا “سمع الله لمن حمده”.
  • السجود، يضعُ المُصلّي سبعةَ أعضاءٍ على الأرضِ “الجبهة، اليدين، الركبتين، وأطراف القدمين” ويكونُ خضوعُهُ للهِ في السجودِ في أعلى درجاتِ القُربِ منه.
  • الجلوس بين السجدتين، يجلسُ جلسةً يسيرةً بين السجدتينِ ويقولُ “ربِّ اغفر لي” مُستشعرًا حاجتهُ إلى رحمةِ اللهِ ومغفرته.
  • الطمأنينة، يَجبُ على المُصلّي أن يؤدي كُلَّ ركنٍ بهدوءٍ وتأنٍّ فلا يُسرِعُ في أدائها كي تكونَ صلاتهُ صحيحةً مُكتملةَ الأركان.
  • التشهد، يقولُ المُصلّي التحياتِ كاملةً قبلَ التسليمِ ختامًا لصلاتهِ.
  • الصلاة الإبراهيمية، بعد الانتهاءِ من التشهدِ الأخيرِ يقومُ بالصلاةِ على النبيِّ ﷺ امتثالًا للسنّةِ.
  • التسليم، يُختَتمُ أداءُ الصلاةِ بالتسليمِ عن اليمينِ قائلًا “السلام عليكم ورحمة الله” ثم يُكررُها على اليسار.

القيمة الروحية والفضائل المتعددة للصلاة

الصلاة عبادة ذات مكانة عظيمة في الإسلام ولها تأثير واضح على حياة المسلم فهي ليست مجرد أداء لطقوس محددة بل تمتد آثارها إلى سلوك الإنسان وحياته اليومية، ومن يتأمل في حال من يحافظ على الصلاة ومن يغفل عنها يجد فرقًا شاسعًا بينهما إذ أن للصلاة فضائل متعددة تعود بالنفع على الفرد في دنياه وآخرته ومن أبرز هذه الفضائل:

  • تُعد الصلاة من أعظم الأسباب التي تُدخل المسلم الجنة فهي من أهم العبادات التي يُتقرب بها إلى الله ولها وزن كبير في ميزان الأعمال يوم القيامة فهي أول ما يُحاسب عليه العبد فإن صلحت صلح سائر عمله.
  • تُعين المسلم على الابتعاد عن المعاصي والمنكرات إذ تغرس في قلبه مراقبة الله في كل وقت مما يدفعه إلى تجنب الذنوب والابتعاد عن كل ما يُغضب الله وقد قال الله تعالى: *”إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر”*.
  • تُقوي الصلة بين العبد وخالقه فكلما كان الإنسان محافظًا على صلاته كان أكثر قُربًا من الله وزادت منزلته عنده فالصلاة صلة يومية تذكّر المسلم بخالقه وتجعله متوجهًا إليه في كل أحواله.
  • تبعث الطمأنينة والسكينة في النفس فهي ليست مجرد حركات يؤديها المصلي بل هي ملاذ يمتد إليه الإنسان في أوقات الشدة والرخاء وسيلة تُزيل الهموم وتُشعر بالأمان فتجعل القلب مُطمئنًا بذكر الله.
  • تُربي المسلم على الالتزام والانضباط فهي تأتي في أوقات محددة خلال اليوم وكل صلاة لها عدد معين من الركعات مما يجعل المسلم أكثر التزامًا بحياته فينعكس ذلك على أسلوبه في تنظيم وقته وإدارته لشؤونه.
  • تُعزز روح الأخوة بين المسلمين وتُوحّد صفوفهم لا سيما في صلاة الجماعة حيث يقف الجميع في صف واحد بلا تفريق بين غني وفقير أو حاكم ومحكوم فالكل يتساوى أمام الله وهذا يُقوي أواصر المحبة والألفة بينهم.

يارا محمد محمود، خريجة هندسة ، كاتبة متخصصة في الأخبار السعودية والأدعية علي موقع كبسولة ، للتواصل معي capsula.sa/contact_us .

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات
0
اكتب تعليقك او استفسارك وسنرد عليك في أقرب وقت بمشيئة الله تعالىx
()
x