يُستحبّ للمسلم أن يُردّد دعاء الاستفتاح في بداية كل صلاة يؤديها سواء كانت نافلةً اقتداءً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم أو فريضةً مكتوبة كما يُنصح أن يُبدّل بين صيغ الأدعية المختلفة التي وردت عن النبي الكريم مما يُضفي روحانية خاصة ويُعمّق شعور الخشوع في قلب المؤمن أثناء عبادته إضافةً إلى ذلك من المهم الالتزام بوقت محدد لقول هذا الدعاء بحيث يُقال فقط عند بدء الصلاة وليس في أي موضع منها حيث يُسهم دعاء الاستفتاح في تهيئة القلب وتثبيت النية الصادقة وتعزيز الشعور بالطمأنينة والسكينة كما يعمل على مساعدة المُصلّي على التركيز والابتعاد عن التسرّع أو فقدان الكيان النفسي أثناء أداء الفريضة.
دعاء الافتتاح في الصلاة
يُعد تعلّم المسلم للمبادئ الدينية من الأساسيات التي تُعينه على الثبات على الطريق المستقيم والابتعاد عن مظاهر الانحراف والخطأ إلى جانب ضرورة معرفة أخلاق وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم باعتبارها نموذجًا مثاليًا يُحتذى به فاتباع سنته يجلب الخير والبركة لحياة المسلم ومن الضروري أن يحرص المسلم دائمًا على نيل رضا الله عز وجل بالسعي لتجنب كل ما قد يسبب غضبه سبحانه فالتمسك بالشريعة يجعل العبد قريبًا من ربه ومحبوبًا لديه الصلاة تظل أعظم وسيلة توثّق الصلة بين العبد وخالقه فهي الرابط الروحي الأكثر تأثيرًا في حياة المؤمن ومن السنن الجميلة التي يستحب الحرص عليها افتتاح الصلاة بصيغ دعاء مأثورة وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم والتي تحمل معانٍ عظيمة تعكس روح التوحيد والخضوع لله تعالى ومن أبرز هذه الصيغ التي يمكن أن يرددها المسلم في مقدمة صلاته:
- يارب باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد.
- اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ولك الحمد أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن، أنت الحق ووعدك الحق وقولك الحق ولقاؤك الحق والجنة حق والنار حق والنبيون حق والساعة حق.
- يارب لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت أنت إلهي لا إله إلا أنت.
- اللهم اجعل بيني وبين خطاياي بُعدًا كما باعدت بين المشرق والمغرب واغسل قلب خطاياي بالماء والثلج والبَرَد وطهرني يا الله من الخطايا كما يُطهَّر الثوب الأبيض من الدنس.
- اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت قيُّوم السماوات والأرض أنت الحق وحدك ووعدك حق وليس بعدك إلا الحق قولك حق وللقاؤك حق والجنة حق والنار حق والنبيون حق والساعة آتية لا شك فيها وأنت العدل الحق.
- اللهم أدعو وأبتغيك بقولي إني أسلمت أمري لك وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك أرفع أمري أسالك أن تغفر لي ذنوبي سواء ما قدمته أو أخرته وسواء ما أظهرته أو أخفيته فأنت الله الواحد الأحد الذي لا شريك لك.
الأدعية المأثورة لدعاء الاستفتاح في الصلاة
يُعتبر دعاء الاستفتاح في الصلاة من الأدعية المهمة التي ينبغي على المسلم معرفتها وحفظها ليتمكن من ترديدها في صلواته كجزء من تعبيره عن الطاعة والخضوع لله عز وجل حيث يُشكل تعليم الصلاة للأبناء واجبًا كبيرًا على الوالدين مما يساعدهم على أداء الصلاة بشكل صحيح ومتكامل منذ صغرهم لأن تعلّم الصلاة في صغر السن يُسهل عليهم إتقانها ويجعلها جزءًا لا يتجزأ من حياتهم اليومية إذ يُعد بدء التعليم في وقت مبكر دليلًا على حب الوالدين لله ورغبتهم في أن يربوا أبناءهم على طاعة الله واتباع هديه وتعليمهم أذكار وأدعية الصلاة مثل دعاء الاستفتاح يعزز ارتباطهم بعباداتهم ويقوي إيمانهم ومن الصيغ المأثورة لدعاء الاستفتاح التي يمكن قراءتها بعد تكبيرة الإحرام ما يلي:
- سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك.
- وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعًا إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
أفضل صيغ دعاء استفتاح الصلاة
دعاء استفتاح الصلاة يُعَدّ من أعظم وأهم الأدعية التي يبدأ بها المسلم صلاته لما تحمله من معانٍ جليلة ومضامين عميقة تُربي النفس وتغذّي الروح وتُقرّب المرء إلى خالقه سبحانه وتعالى ويتمثل ذلك في الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام فهم المثل الأعلى في طهارة القلب وحُسن العبادة والتسليم للإرادة الإلهية وقد أكّد العلماء على أهمية تعلُّم هذا الدعاء وحفظه لما يعكسه من تأدب العبد مع ربه واستحضار عظمة الخالق عند الدخول في الصلاة ويُعد هذا الدعاء وسيلةً لتذكير المسلم بأهمية إصلاح القلب والنوايا وهو بداية تعكس الروحانية العميقة في الاتصال بالله أثناء الصلاة.
الدعاء يساهم في تهذيب أخلاقيات المسلم وتصحيح علاقاته مع الآخرين حيث يُذكّر بضرورة التزامه بسنة النبي عليه الصلاة والسلام في أفعاله وأقواله وتعاملاته اليومية مع كافة أفراد المجتمع كما يُظهِر المسلم من خلال أخلاقه وتعامله مع الآخرين صورة مشرقة عن دينه ويعكس مدى تمسكه بتعاليم الإسلام التي تدعو إلى المحبة والعدل والإحسان إلى الخلق.
ومن أجمل الأدعية التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم ويستحب استفتاح الصلاة بها:
- اللهم ربّ جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
- كما ورد في حديث عن النسائي أن عاصم بن حميد رضي الله عنه سأل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قائلًا بما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبدأ قيام الليل؟ فقالت له بما معناه أنك سألتني عن أمرٍ لم يسألني عنه أحد من قبلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم يكبّر عشر مرات ويحمد الله عشر مرات ويسبّح الله عشر مرات ويقول لا إله إلا الله عشر مرات ويستغفر الله عشر مرات ثُم يدعو بهذا الدعاء المبارك:
- اللهم اغفر لي واهدني وارزقني وعافني أعوذ بالله من ضيق المقام يوم القيامة وقد ورد أن هذا الحديث قد صححه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح سنن النسائي.
الأحكام الفقهية المتعلقة بدعاء استفتاح الصلاة
بيَّنَ عُلماء الدين الإسلامي أنَّ دعاءَ الاستفتاح يُعدّ من السنن المُستحبّة التي ينبغي للمُسلم الالتزام بها عند أداء الصلاة لما يُضيفه من خشوع وروحانية وطمأنينة أثناء العبادة ومع ذلك فإن تركه لا يُعتبر إثمًا ولا يؤثر على صحة الصلاة بشكل يُنقص من أجرها فقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم حريصًا على قَول هذا الدعاء في صلاته ولكنه لم يفرضه على الصحابة ولم يوجب عليهم الالتزام به وعندما سأل أحد الصحابة النبيَّ صلى الله عليه وسلّم عن الأمر الذي يقوله بين التكبيرة الأولى وقراءة الفاتحة في بداية الصلاة أوضح لهم النبيُّ دعاءَ الاستفتاح وأرشدهم إلى كيفية قوله وصار بذلك سُنّة مُتبعة في الصلاة لما يحمله من أثر عظيم على أداء المسلم وارتباطه بربه في هذه اللحظات.
فضائل وفوائد دعاء الاستفتاح
اللجوء إلى الله عز وجل والرجوع إليه يُعد أمرًا أساسيًّا لكل مسلم لأن القلب إذا تراكمت عليه الذنوب من دون توبة واستغفار يتصلب ويصبح كالأرض الجافة التي لا تنبت خيرًا ولا تتأثر بأي نصيحة وحينها يبتعد عن ربه وتثقل عليه المعاصي ومن جانب آخر يجب على المسلم أن يحرص دائمًا على الالتزام بما ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم في يومه وعباداته ومن ذلك دعاء الاستفتاح في الصلاة لما يحمله من فوائد عظيمة وآثار إيجابية في حياة العبد المسلم كما يلي:
- التهيؤ للاستقبال: عند بدء المسلم صلاته بدعاء الاستفتاح فإن جميع جوارحه وروحه تكون مستعدة ومستنفرة للوقوف بين يدي الله عز وجل مما يجعل هذه اللحظة مفعمة بالخشوع والروحانية.
- تعزيز التركيز: دعاء الاستفتاح يُعين المسلم على تحقيق درجة عالية من التركيز في صلاته مما يقلل فرص تشتيت الشيطان لذهنه ويمنعه من التوهان أثناء أداء الفريضة.
- الإقرار بالزلات: من خلال دعاء الاستفتاح يقر المسلم بذنوبه أمام الله ويطلب منه العفو والمغفرة ويبتهل إليه أن يُطهِّره منها كما يُطهَّر الثوب الأبيض من أي بقعة وهذا يُعد صورة صادقة من صور التوبة والرجوع إلى الله.
- تمجيد الله وحمده: دعاء الاستفتاح غني بكلمات الثناء والمديح لله سبحانه وتعالى مما يجعل المسلم يعظم خالقه في قلبه ويزيد حبّه واحترامه لله جل جلاله ويشعر بقدره وعظمته.
- تعميق التدبر: بترديد المسلم لدعاء الاستفتاح ينشط ذهنه ويتهيأ لاستيعاب وتدبر الآيات التي سيقرأها في الصلاة أو يسمعها من إمامه مما يمنحه فهمًا أعمق لهذه المعاني ويربطها بتجارب حياته اليومية.
إن دعاء الاستفتاح يُعتبر واحدًا من أعظم الأدعية التي تُقال بعد تكبيرة الإحرام وقبل الشروع في قراءة الفاتحة وله دور فعّال في مساعدة المسلم على استعادة تركيزه الكامل في الصلاة والتخلص من وساوس الشيطان التي تسعى لإلهائه كما أن هذا الدعاء يجعل العبد في حالة استعداد روحي لتدبر الآيات التي تُتلى خلال الصلاة مع تجديد تأكيده على توحيد الله وعظمته وقدرته سبحانه وتعالى ويُستحب للمسلم أن يحرص على ترديد دعاء الاستفتاح في كل صلاة فإن تركه لا يأثم ولكنه يخسر أجرًا عظيمًا ومعاني سامية قد تضيف روحانية خاصة إلى صلاته.