رَمَضان هُو شَهرٌ عَظيم مملوء بالخيرات والبركات وهو من أعظم الشهور عند المُسلمين لما يَحمله من فرص ثمينة للتقرُّب إلى الله بالتعبُّد وإقامة الصلاة والإكثار من الدعاء وفيه تتضاعف الأجور وتُفتح أبواب الرحمة والمغفرة على مصراعيها مما يجعله وقتًا مُميزًا للتوبة والرجوع إلى الله ومن أبرز فضائل هَذا الشَّهر أنَّ الدعاء فيه يتمتّع بفضل عظيم حيث يُعدُّ من أقوى الوسائل التي تُقرّب العبد من خالقه وتجعله ينال ما يتمنى بإذن الله إذا توافرت الأسباب وكان الدعاء صادقًا وخالصًا لله.
كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يَحرص دائمًا على تَوجيه الأمة إلى استغلال هذا الشّهر بالدعاء خاصّة أن الدّعاء له أثر كبير في أحياء الروح الإيمانية وتقوية العلاقة بين الإنسان وربّه وتحقيق الرجاء وطلب الرحمة والمغفرة فمن علامات الإيمان وحب الله أن يلجأ العَبد إليه بالدعاء والسؤال طلبًا لفضله وغفرانه وقد زَخر دُعاء النبي في شهر القرآن بأدعية عظيمة كان يدعو بها كونها شاملة ونافعة لخير الدنيا والآخرة ومنها:
- اللهمّ آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقِنا عذاب النّار.
- اللهمّ اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني واعفُ عني.
- اللهمّ اجعلني من الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه.
- اللهمّ إنك عفو تحب العفو فاعفُ عنا.
دعاء النبي الكريم خلال شهر رمضان
اللَّهُمَّ اجعل صيامي مقبولًا عندك واجعل قيامي في ليالي هذا الشهر مبنيًّا على خشوع قلوب القائمين ونبّه قلبي من غفلات النائمين واغمرني بمغفرتك التي تمحو الذنوب الكبيرة والصغيرة واغفر لي زلاتي وتجاوز عن خطاياي برحمتك الواسعة يا رب العالمين وامنحني عفوك وصفحك الذي تُغفَر به الخطايا يا غافر الذنب للمذنبين:
- اللَّهُمَّ قوي عزيمتي وثبت إيماني لأنني أفتقر لقوتك لتيسير أوامرك ونوّر قلبي بحلاوة ذكرك الكريم وألهمني توفيقًا دائمًا للشكر على نعمك الغزيرة التي لا تُعد ولا تُحصى واحمني برعايتك التي تُغطي ضعفي وسترك الذي يشمل كل زلاتي يا أرحم الراحمين ويا من يرى دقائق الأمور وخفايا القلوب.
- اللَّهُمَّ اجعلني من عبادك الأوفياء الذين يذكرونك دائمًا ويستغفرونك ليلًا ونهارًا ولا تجعلني من الغافلين عن رحمتك ووفقني لأن أكون من عبادك الصالحين الذين يسعون لقربك من أجل الفوز برضاك وامنحني المكانة بين أحبابك الذين تشملهم برحمتك الواسعة يا صاحب الفضل والجود.
- اللَّهُمَّ املأ قلبي بحب الخير للناس وامنحني القلب الرحيم الذي يعطف على المحتاجين وارزقني السعي لإطعام الجائعين ونشر السلام في كل مكان واملأ حياتي بالخيرات واشملني بجودك وكرمك واجعلني من الذين يتحلى بهم عالم الحب والعطاء يا رب من تُنير الأمل في قلوب عبيدك الذين يرجون توفيقك وسندك.
- اللَّهُمَّ لا تدع رحمتك تغيب عن أيامي وانير حياتي بحججك الواضحة التي تدلني نحو طريقك المستقيم واجعل قلبي دائم الهداية والاطمئنان برعايتك ومحبتك التي ينتظرها جميع القلوب الساعية للسكينة يا من لا يضل بعده قلب من اهتدى.
- اللَّهُمَّ اغرس في نفسي حب الإحسان والفرح بنشر الخير بين عبادك وأبعدني عن المعاصي وعن أي طريق يقودني إلى فسوق العمل والقلب واجعلني من عبادك الذين تحبهم ولا يغضبك منهم شيء ونجنا بنصرتك العظيمة من نارك التي يخشاها كل مخلوق وكن لنا عونًا يا من تلجأ له القلوب في الشدائد.
- اللَّهُمَّ عفوك ورحمتك أرجو فلا تحاسبني على ضعفي أو أخطائي التي اقترفتها بغير قصد وأبعد قلبي عن كل زلة وأبعد حياتي عن البلاء والمحن واحمِني بلطفك وكرمك يا من تُعز المؤمنين وتجعل لهم القوة لتخطّي الأزمات ويا سند كل محتاج وضعيف.
- اللَّهُمَّ افتح لي أبواب الخير والجنة واجعل طريقي في هذا الشهر حاصلًا على بركاتك وحمايتك من أبواب جهنم وامنحني القدرة على تلاوة كتابك الكريم وفهم معانيه واملأ قلبي بالسعادة والجمال الذي تنزله في قلوب أحبابك والمؤمنين بك يا مصدر السكينة لكل متعب ومشتاق.
دعاء النبي الكريم في شهر رمضان مستجاب
كان النبي صلى الله عليه وسلم يُذكّر المسلمين بفضل شهر رمضان ويحثّهم على الإقبال على العبادات والطاعات سعيًا لما عند الله من خير ورحمة وأجر عظيم ومن أعظم ما بشّر به أن للصائم دعوة لا ترد وهو ما يؤكد على أن أبواب السماء تكون مشرّعة لاستقبال دعاء الصائمين الذين يعيشون حالة تفرّد بالذكر والعمل الصالح ودعاء القلب الخاشع وقراءة القرآن الكريم مما يمنح فرصة عظيمة ليستجيب الله دعاءهم في لحظاتهم القريبة منه التي لا تتكرر بنفس الصورة في بقية الشهور.
وقد تناول العلماء هذه الفضيلة ببيان يُظهر حكمة هذا الشهر المبارك وفسّروا أن الصائم يُعتبر في عبادة دائمة طيلة اليوم سواء في نهاره أو ليله حيثُ يتجلّى في نهاره بالصبر على مشقة الجوع والعطش ابتغاء مرضاة الله ويُظهر امتثالًا لأوامره وأما في الليل فإنه يُظهر شكره لله على نعمه ويسارع إلى الدعاء بروح مُخلصة وخاشعة وهذه العبادة المستمرة تجعل من دعاء الصائم مستجابًا بإذن الله سواء في لحظات الصيام أو عند لحظة الإفطار إذ إن هذه الأوقات تحيطها حالة من الإيمان والخشوع والقبول عند الله كما أن الأفعال الصالحة التي يؤديها المؤمن تزيد من إمكانية استجابة دعائه.
كما أوضح النبي صلى الله عليه وسلم أن الدعاء في حد ذاته يُعد أصل العبادات وأحد أفضلها عمومًا إلا أن منزلته العظيمة تتضاعف في رمضان لأن الصائم يعيش في هذا الشهر حالة من القرب الفريد من الله عز وجل والتي قلّما يعيشها في أوقات أخرى فالدعاء في رمضان يُمثل لحظات استثنائية من الرجاء والخضوع لله ولذلك يُصبح للدعاء أهمية بالغة وفرصة ثمينة للمغفرة وبلوغ المقاصد التي يتطلع لها المسلم مما يجعل الشهر المبارك موسمًا فريدًا لتحقيق الخير والتقرب إلى الله بكل معاني الإيمان واليقين.
شروط الدعاء المنقولة عن النبي الكريم
من أبرز الشروط التي حددها العلماء لاستجابة الدعاء بناءً على أحاديث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم هو التوجه إلى الله بحسن الظن واليقين بكرمه ورحمته وأن يكون الدعاء خالصًا فيه خير للنفس وللغير لأن الثقة بفضل الله وواسع عطائه تعكس الإيمان العميق بقدرته سبحانه وينبغي للمسلم حين يدعو أن يكون حاضر القلب ومليئًا بالخضوع والخشوع لأن حضور القلب عند الدعاء يعزز قوة الدعاء وأثره.
كما يُشترط لاستجابة الدعاء أن يكون مصدر معيشة الإنسان من الحلال سواء في ما يأكله أو يلبسه أو ينفقه لأن هذا من الأمور الأساسية التي تقرب الدعاء من الإجابة إلى جانب ذلك فإن الصبر على الإجابة وعدم استعجال نتائج الدعاء يعتبر أمرًا ضروريًا حيث أوضح النبي صلى الله عليه وسلم أن الدعاء مستجاب ما لم يعجل المسلم فيقول دعوت ولم أُجب.
وقد خصَّ النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأوقات التي تكون الإجابة فيها أقرب من غيرها وأبرزها شهر رمضان المبارك الذي يمثل فرصة ذهبية للمسلمين لتكثيف الدعاء وفيه ليالي عظيمة وخاصةً جوف الليل الذي يكون القلب فيه في حالة صفاء وروحانية عالية وكذلك الوقت بين الأذان والإقامة ووقت السجود عندما يكون العبد أقرب ما يكون لربه إلى جانب أوقات أخرى مميزة لاستجابة الدعاء.
أما آداب الدعاء التي ينبغي للمسلم مراعاتها فتشمل التوجه نحو القبلة وبدء الدعاء بحمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم وأن يطهر قلبه بالاستغفار والتوبة المخلصة عن الذنوب والمعاصي ويعبر عن تضرعه وخضوعه لله مع صدق النية في طلب رحمة الله وفضله لأن هذه الآداب كلها تزيد من احتمالية استجابة الدعاء وتحمل في طياتها معنى العبودية الصادقة والخضوع الكامل لله عز وجل.
الاستعداد لاستقبال الشهر الفضيل
الاستعداد لشهر رمضان المبارك يتطلب من كل إنسان تحضيرًا خاصًا ومميزًا لأن هذا الشهر الكريم يعتبر فرصة عظيمة للتقرب من الله سبحانه وتعالى واستكمال مسيرة الخير والطاعة كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم دائم الدعاء لبلوغ رمضان فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل رجب قال: اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان” لذا فمن المهم أن يكون استقبال هذا الشهر الكريم ببداية صادقة تبدأ بتنقية القلب من كل ما يشوبه من أمراض مثل الحسد والبغضاء والغل والحقد وما شابهها من المشاعر السلبية التي للأسف أصبحت ظاهرة منتشرة في حياتنا اليومية.
والتحضير لشهر رمضان لا يتوقف فقط عند هذه المرحلة إذ يجب أيضًا مجاهدة النفس وسد كل منفذ قد يؤدي بها إلى مجاراة وساوس الشيطان أو اتباع الهوى والابتعاد عن الانغماس في الشهوات وملذات الدنيا والعودة بصدق إلى الله عز وجل بإخلاص النية له وحده لابد من الالتزام بالصلاة والمواظبة على قيام الليل والحرص على زيادة أعمال الخير كالتصدق بالمال أو المشاركة في أي نوع من المبادرات الإنسانية على كل فرد أن ينظر إلى حياته الماضية ويحاسب نفسه فإن الإنسان عرضة للخطأ ولحظات الضعف التي يمكن أن تقوده إلى الوقوع في المعاصي ولكن شهر رمضان يبقى فرصة عظيمة تمنح الجميع بابًا مفتوحًا للتوبة الصادقة وإعادة تجديد العهد مع الله وتعزيز القرب منه بإخلاص وتفانٍ.
دعاء النبي الكريم عند حلول شهر رمضان
سيّدنا النبي المصطفى ﷺ قدّم لنا قدوة عظيمة في استقبال شهر رمضان المُبارك حيث علّمنا أن نرفع أكفّنا بالابتهال إلى الله عزّ وجلّ بأدعية مليئة بالخضوع والطمع برحمته ومغفرته يُمثّل شهر رمضان فرصة ثمينة للتقرب إلى الله بالطاعة واغتنام بركاته من خلال الأعمال الصالحة والذكر والدعاء مما يبعث الطمأنينة في النفوس ويزيّن الأيام بالخير:
- اللّهُمّ اجعل حلول شهر رمضان علينا مملوء بالبركة والطمأنينة وقربنا من رضاك يا أرحم الراحمين اللهم اجعل هذا الشهر مفتاحًا للخير وأسبابًا للمغفرة وأعنا فيه على الطاعة وتقبّل منا أعمالنا يا غفور يا رحيم، اللّهُمّ أكرمنا فيه بإحسانك واغفر زلاتنا وامنحنا نورًا يُضيء لنا دروب الهداية.
- ربّنَا اغفر لنا واجعل قلوبنا مجتمعة على طريق الحق وألف بين أحبتنا بالصلاح والخير وثبتّنا على طاعتك اجعلنا ممن يأنسون بذكرك ويتبعون نهجك وأبعد عنا كل معصية ظاهرة أو باطنة، اللّهمّ أصلح نفوسنا النقية وبدّد عنّا ظلمات الطريق وثبّتنا على ما يرضيك يا كريم.
- يا الله اجعل مقصدنا نابضًا بالإخلاص لك وخُذ بأيدينا للتفرغ لعبادتك بعيدًا عن مشاغل الدنيا التي قد تلهينا واغمرنا برحمتك الواسعة في مواطن الدعاء، نسألك المغفرة والرضا يا غفور اللهم امنحنا الراحة والسكينة وأبعد عنا كل بلاء يؤلمنا أو شقاء يُثقل أرواحنا أو قضاء يجلب لنا الحزن وأصبنا برحمتك الواسعة، فلا ملجأ لنا إلا أنت.
- اللّهُمّ بلغنا رمضان المبارك بأفضل الاستعداد وأعنّا فيه على صيام نهاره وقيام لياليه واغفر زلّاتنا وتقبل أعمالنا لتكون خالصةً لوجهك الكريم، اللهم أعنّا على طلب المغفرة والرحمة وامنحنا التوفيق والقبول في كل خطوة في سبيلك وجعل عاقبتنا رضاك يا أرحم الراحمين.
- اللّهُمّ اجعل التحضير لشهر رمضان مباركًا في أرواحنا واجعلنا قبل رمضان من المقبولين عندك ممن طهرت قلوبهم من أعباء الدنيا وتابت نفوسهم توبة نصوحًا، اللّهُمّ حبّب إلينا الإيمان وجنبنا الفتن ووثّق قلوبنا بالرضا عند البلاء اجعلنا من عبادك الشاكرين لنعمك دائمًا وامنحنا القوة لتحمّل الابتلاء بحلم ويقين.
أفضل الأدعية المأثورة في شهر رمضان المبارك
أدعية شهر رمضان الكريم تُعد من أجمل التضرعات التي يمكن للعبد أن يُقدمها لله عز وجل في هذا الشهر الفضيل الذي تنزل فيه البركات وتتضاعف فيه الحسنات وتُفتح فيه أبواب السماء لاستجابة الدعوات وبإخلاص النية لله والتوجه إليه بقلب مليء بالخشوع والثقة برحمته تكون الدعوات أكثر قربًا من الإجابة وفيما يلي مجموعة من الأدعية المستحبة التي يمكن الدعاء بها بهذا الشهر المبارك:
- اللَّهُمَّ أَسْأَلُكَ الرِّزْقَ بِالسِّتْرِ وَالْعَافِيَةِ وَالصِّحَّةِ يَا رَبِّ اجعل لي مِنْ رَحْمَتِكَ نَصِيبًا وَاسْتُرْ خَاتِمَتِي بِالْحُسْنَى فِي هَذِهِ اللَّيَالِي الْمُبَارَكَةِ لأَنَّكَ وَحْدَكَ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ يَا اللَّهُ.
- اللَّهُمَّ اجعل أَيَّامِي مُبَارَكَةً بِالْخَيْرِ وَاجْعَلْ فِي عُمُرِي بَرَكَةً وَرِضًا وَفِي حَيَاتِي سَعَادَةً وَارْزُقْنِي الْحَيَاةَ الكَريمةَ الَّتِي تَرْضَاهَا وَتَوَفَّنِي عَلَى طَاعَتِكَ وَأَنْتَ راضٍ عني لأنَّكَ وَحْدَكَ الْمالكُ لِكُلِّ شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ.
- اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذُنُوبِي وَارْحَمْ ضَعْفِي وَأَزِلْ عَنِّي كُلَّ هَمٍّ أَوْ ذَنْبٍ أَحْمِلُهُ يَا اللَّهُ وَقَرِّبْنِي مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَاجعلني مَعَهُم فِي كَنَفِ رَحْمَتِكَ وَادْخِلْنِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ الْعَظِيمَةِ وَالَّتِي جَعَلتَهَا نِعْمَةً لِعِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ.