يُعد دعاء السجود والركوع في الصلاة من أسمى وأفضل الدعوات التي يُمكن للمسلم أن يلجأ إليها وذلك لأن لحظة السجود تُعد من أقرب اللحظات التي يكون فيها العبد إلى ربه عز وجل إذ أن هذا الموضع يتميز بقرب خاص من الله سبحانه وتعالى وفيه تزداد فرصة استجابة الدعاء إذا شاء الله ذلك وهذا ما أكده النبي الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- في قوله في الحديث الشريف: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء». مما يجعل السجود لا يقتصر فقط على كونه ركنًا من أركان الصلاة بل يعتبر فرصة ثمينة للمسلم ليبث خالقه كل أمنياته ويلتمس منه الرحمة والمغفرة وتحقيق رجاءاته التي يحملها في قلبه.
أدعية السجود والركوع من السنة النبوية
دعاء الركوع في الصلاة
ورد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول أثناء الركوع:
«اللهم لك ركعت ولك خشعت وبك آمنت ولك أسلمت خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي»
(رواه النووي في المجموع وهو رواية مسلم)
دعاء الركوع والرفع منه
سبحان ربي العظيم ثلاث مرات مع استحضار القلب وتدبر المعاني العميقة لهذا التسبيح وعند الرفع من الركوع ينبغي أن يقول: سمع الله لمن حمده مع التأكيد على استشعار النية الصادقة وفهم معنى الكلمات التي تُمجد الله وتُظهر شكره.
دعاء الركوع والسُّجودِ والجلوس
سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي فهذه الكلمات تجمع بين التسبيح والحمد وطلب المغفرة ومن الأفضل تكرار هذا الدعاء في صلوات الفرض والنوافل لما لها من أثر عظيم في رفع الدرجات وزيادة الحسنات كذلك يُستحب الدعاء بعبارات مثل: سبوح قدوس رب الملائكة والروح أو يردد سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة فكل هذه الأدعية تُظهر عظمة الخالق وتُبرز تواضع العبد لله عز وجل.
- اللهم أنت الحق وقولك الحق ووعدك الحق ولقاؤك حق والجنة حق والنار حق والساعة حق حيث أن هذا الدعاء يُذكر المسلم بأساسيات الإيمان والحقائق الكبرى في الدين مما يجعله أكثر تمسكًا باليقين.
- سبحان الذي لا ينبغي التسبيح إلا له سبحان ذي الفضل والنعم سبحان ذي العزة والكرم سبحان الذي أحصى كل شيء بعلمه، يشمل هذا التسبيح يحمل في طياته اعترافًا بعظمة الله وشمول علمه وفضله على عباده.
- اللهم إني أسألك نوراً من خلفي ونوراً عن يميني ونوراً عن شمالي ونوراً من فوقي ونوراً من تحتي اللهم زدني نوراً وأعطني نوراً واجعل لي نوراً، هذا الدعاء يعبر عن رغبة العبد في الحصول على الهداية والنور الذي ينير له كل دروب الحياة.
- اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وأخرت وأسررت وأعلنت أنت إلهي لا إله إلا أنت، يعبر هذا الدعاء عن الخضوع الكامل لله والثقة المطلقة به مع طلب المغفرة لجميع الذنوب.
- دعاء السجود: اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ولك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن، في هذا الدعاء استحضار لمعاني الامتنان والشكر لله المالك لكل شيء الذي يُحيي ويُدبر أمور الخلق جميعًا.
دعاء السجود مكتوب
ذكر الله تعالى في كتابه العزيز أهمية السجود لجميع مخلوقاته، حيث قال سبحانه وتعالى:
- ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾.
ويتضح من هذه الآية الكريمة أن السجود لا يقتصر فقط على الإنسان أو المسلمين فهو عبادة شاملة لكل المخلوقات التي خلقها الله بأمره بدءًا من الكائنات الحية كالحيوانات وحتى الملائكة والجمادات حيث تؤدي هذه المخلوقات سجودها وعبوديتها بطريقتها الخاصة التي تدل على خضوعها الكامل وطاعتها المطلقة لله عز وجل وكل مخلوق يستخدم وسيلته الفطرية للتسبيح والامتنان لله تعالى ومع ذلك فقد ميز الله الإنسان وفضّله بنعمة العقل التي تمكنه من التعبير عن ذكر الله بأشكال متنوعة وشاملة وواحدة من أهم هذه الأشكال هي أدعيته التي ترفع في السجود والركوع والتي نقلت بأمانة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي» (رواه البخاري) وهذا الدعاء يعكس مدى تعظيم رسول الله لله عز وجل وتقديره لفضله في كل أحواله حتى وهو أقرب ما يكون لله أثناء السجود فدمج في هذا الدعاء بين التنزيه لله وحمده وطلب مغفرته.
- وفي حديثٍ آخر عن عوف بن مالك رضي الله عنه، يقول: «قمت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فبدأ فاستاك وتوضأ، ثم قام فصلى ……. سبحان ذي الجبروت، والملكوت، والكبرياء، والعظمة….» (رواه النسائي وصححه الألباني) ويوضح هذا الحديث مدى تركيز النبي صلى الله عليه وسلم في عبادته على تعظيم الله وإبراز جوانب من صفاته عز وجل حيث يظهر إجلاله لله وعظمته التي يقر بها المؤمنون عبر أفعاله وأقواله في الصلاة.
- كما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه كان إذا سجد، قال: «اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين» (رواه مسلم) وفي هذا الدعاء نرى تبيانًا للمعاني السامية التي يحملها السجود حيث يعبر فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن كمال الإيمان بالله والخضوع له والتسليم لخالقه مع الإشارة إلى إبداع الله في خلق الإنسان بما فيه من حواس وملكات.
- وجاء أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده: «اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه، وجله وأوله وآخره وعلانيته وسره» (رواه مسلم) وهذا الحديث يؤكد حاجة الإنسان المستمرة لمغفرة الله تعالى مهما بلغت طاعته وعبادته فطلب الاستغفار هنا يشمل جميع الذنوب بكل أنواعها مما يدل على شمولية هذا الدعاء وعمقه في طلب الرحمة من الله.
ماذا نقول عند السجود أثناء الصلاة
السجود في الصلاة يُعد من أبرز مظاهر الخشوع والخضوع لله عز وجل وهو لحظة يتقرب فيها العبد من ربه في أسمى صور العبادات التي يظهر فيها الذل والخضوع الكامل ومن خلال السنة النبوية الشريفة يتبين لنا حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تعليم أصحابه وأمته الدعاء خلال السجود حيث وردت العديد من الأدعية المأثورة عن رسوله الكريم والتي نقلها الصحابة وأمهات المؤمنين رضي الله عنهم مما يتيح لنا التعرف على كلمات نسجد بها ونعبر بها عن خضوعنا لله تعالى.
- ثبت عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت إنها فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة من فراشها فذهبت تبحث عنه حتى لامست يدها قدميه الشريفتين فوجدته في المسجد ساجدًا واضعًا وجهه على الأرض وأقدامه منصوبتين وهو يدعو: “اللهم أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك” وهذا الحديث ورد في صحيح الإمام مسلم.
- من الأدعية الجميلة والمتداولة كذلك: “اللهم يا ذا الحبل الشديد والأمر الرشيد أسألك الأمن يوم الوعيد والجنة دار الخلود مع المقربين الشهود والركع السجود والموفين بالعهود إنك رؤوف ودود أنت تفعل ما تريد سبحان الذي تعطف بالعز وقال به سبحان الذي لبس المجد وتكرم به”.
- ومن أبرز الأدعية التي يمكن للمسلم أن يدعو بها خلال السجود أيضًا: “يا ودود يا ودود يا ذا العرش المجيد يا فعال لما تريد أسألك بعزك الذي لا يُرام وبملكك الذي لا يُضام وبرحمتك التي وسعت كل شيء وبنور وجهك الذي ملأ أركان عرشك وبقدرتك على جميع خلقك يا مغيث أغثني يا مغيث أغثني”.
- كما جاء في أحد الأدعية المشهورة التي تنقل عن المأثورات: “يا بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا صريخ المستصرخين يا غياث المستغيثين يا كاشف السوء يا أرحم الراحمين يا مجيب دعوة المضطرين يا إله العالمين بك أنزل حاجتي وأنت أعلم بها فاقضها لي”.
في السنة النبوية الشريفة نجد زخمًا من الأدعية التي تُبرز القرب الخاص بين العبد وخالقه أثناء السجود تلك اللحظات التي يستشعر فيها المسلم أعظم مظاهر الرحمة الإلهية حيث السجود هو الموضع الأقرب للعبد إلى الله عز وجل ويُفضل لمن يرغب بالتعمق في دراسة الأدعية المأثورة عن النبي الكريم أن يطلع على المزيد من المصادر الموثوقة التي تُبرز عظمة هذه الأوقات الجليلة.
الدعاء المشروع في السجود خلال الفريضة
في السجود أثناء أداء صلاة الفريضة، جاء في أحاديث النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- ما يوضح أنه لا فرق بين الدعاء في السجود خلال الفريضة وبين الدعاء في السجود ضمن النوافل بل على العكس فقد دعا النبي -عليه الصلاة والسلام- المسلمين للإكثار من الدعاء في السجود باعتباره من المواطن التي يقترب فيها العبد من ربه كما جاء ذلك في قوله الشريف:
«… فأكثروا الدعاء»
ويُظهر هذا الحديث الكريم أهمية استغلال المسلم لموضع السجود ليبث شكواه وطلباته إلى الله تعالى سواء كانت متعلقة بشؤون دنيوية أو أمور أخروية ومن المستحب أن يجمع المسلم بين دعائه لما فيه نفع دنيوي وما يعود عليه بخير في الآخرة لتحقيق التوازن والكمال في الدعاء وقد وردت العديد من نماذج الأدعية المأثورة عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- التي يمكن للمصلين التوسل بها أو استحداث أدعية خاصة بهم شريطة أن تكون ملتزمة بمعاني الخير:
- «اللهم إنّي أعوذ بك أن أضلَّ أو أُضلَّ أو أّزلَّ أو أُزلَّ أو أظلِم أو أُظلم أو أجهَل أو يُجهل عليّ».
- «اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت واصرف عني شر ما قضيت تباركت ربنا وتعاليت».
- ﴿ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار﴾ [البقرة: 201].
- ﴿ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب﴾ [آل عمران: 8].
- «اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله وأوله وآخره وعلانيته وسره».
- ﴿ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين﴾ [آل عمران: 147].
- «اللهم أرزقني إيماناً صادقاً ويقيناً ليس بعده كفر ورحمةً أنالُ بها شرف كرامتك في الدنيا والآخرة».
- «أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك.. لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك».
- «اللهم إنّي أسألك بأنّ لك الحمد لا إله إلا أنت.. المنّان بديع السّموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام يا حيّ يا قيوم، إنّي أسألك».
- «اللهم اجعلنا هاديين مهديين غير ضالين ولا مضلين حَرْباً لأعدائكْ وسِلْماً لأوليائك، نحب بحبك الناس ونعادي بعداوتك من خالفك مِنْ خَلْقِك».
وينبغي للمسلم أن يستغل هذا الموضع الشريف وهو ساجد ليتأمل عظمة اللحظة ويعيش الشعور بقربه من الله عز وجل وهو يسلم إليه همومه ويطلب منه قضاء حاجاته مع يقين صادق بأن الله سميع مجيب مما يجعل صلاته أكثر كمالاً ويزيد من أثر الطمأنينة والقرب الذي يمنحه الدعاء في هذا الموضع المبارك.
دعاء “اللهم يا مقلب القلوب”
دعاء السجود اللهم يا مقلب القلوب يُعَدُّ من أعظم الأدعية التي وردت في السنة النبوية الشريفة وهو من جوامع الكلم التي ثبتت عن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- ولم يكن الدعاء مقيدًا بوقت معين فقد كان النبي الكريم يُكثر من الدعاء به في مختلف الأوقات مما يوضح عِظم قيمته وفضله لكل مسلم ويُستحب للمسلم أن يحرص على ترديده سواء في السجود أو في غيره من الأوقات المخصصة للدعاء لأنه أحد الأدعية المستجابة بإذن الله:
- «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك».
- فعن أنس رضي الله عنه، قال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يُكْثِر من قول: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» فسأله أنس رضي الله عنه عن السبب رغم أنهم قد آمنوا به وصدقوا بما أُرسل به فقال النبي: نعم أخشى عليكم لأن القلوب حقًّا بين أصبعين من أصابع الله وهو سبحانه يقلبها حسب إرادته وهذا يدفعنا نحن المسلمين لمعرفة مدى أهمية الدعاء بثبات القلوب خاصة في زمن الفتن المتزايدة التي تحيط بنا من كل جانب.
- وعن عائشة رضي الله عنها، ذكرت: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يردد هذا الدعاء بكثرة ويقول: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» فسألته رضي الله عنها ما السبب الذي يدفعه للإكثار من هذا الدعاء فقال لها إن قلوب العباد تكون دائمًا بين أصبعين من أصابع الله سبحانه وتعالى فإذا أراد الله أن يثبّت قلب عبده ثبّته وإذا شاء أن يجعل قلبه يزيغ فإنه يزيغه وهذا يؤكد على ضرورة الانتباه للدعاء المستمر لله بأن يثبتنا على الحق لأن الثبات ليس بفضل منا بل هو نعمة ورحمة من الله وحده.
- وعن شهر بن حوشب، قال: إنه سأل أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها عن أكثر دعاء كان النبي يكرره عندما يكون عندها فأخبرته رضي الله عنها أن النبي كان يُكثر من قول: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» فاستفسر عن علة ذلك فأوضحت له أن النبي قال: إن قلب الإنسان يكون دائمًا بين أصبعين من أصابع الله فإذا شاء الله أن يثبته جعله ثابتًا وإذا شاء أن يقلبه جعله غير ثابت ولذلك كان النبي يحرص على تكرار هذا الدعاء كثيرًا تأكيدًا على حاجته وحاجة البشرية جمعاء إلى الله في تثبيت القلوب.
المواضع المخصصة للدعاء في الصلاة
الصلاة تُعَد من أعظم الأوقات التي يكون فيها العبد في حالة قرب من ربه وخشوع تام ولهذا فإن الدعاء فيها من الأمور المشروعة والمحببة جدًا وقد قَسَّم العلماء مواضع الدعاء في الصلاة إلى قسمين أساسيين:
- القسم الأول: يتميز بوجود أدلة شرعية واضحة تؤكد استحباب الدعاء فيه مع التوسع والإلحاح فيه حيث يُشجَّع العبد على الدعاء بما يتمناه من أمور دنياه وآخرته وله الحق أن يُطيل الدعاء بقدر ما يشاء وتأتي المواضع المعنية بهذا القسم كالتالي:
المواضع المخصصة للدعاء في القسم الأول:
- السجود: ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء» مما يدل على فضيلة الدعاء في هذا الموضع خاصة حين يبلغ القلب غاية الخضوع والتسليم خلال السجود.
- عقب التشهد الأخير: استنادًا لحديث ابن مسعود رضي الله عنه حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد تعليمهم التشهد: «ثم يتخير من المسألة ما شاء» وهو دليل على استحباب الدعاء في تلك اللحظة بتوجيه خالص النية لله عز وجل.
- قنوت الوتر: ثبت عن الحسن بن علي -رضي الله عنهما- أنه قال: «علمني رسول صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر» مما يُبرز مشروعية أداء دعاء مخصوص في هذا الموضع من الصلاة.
دعاء السجود والركوع:
- (اللهم اهدِني فيمن هديت وعافِني فيمن عافيت وتولَّني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقِني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يُقضى عليك وإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت).
- القسم الثاني: يشير إلى المواضع التي ورد فيها الدعاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بشكل مقيد ومختصر حيث اقتصر على كلمات محددة ولم يُحث على التوسع فيه وهذه الأدعية غالبًا ما تُشبه الأذكار المأثورة.
المواضع المخصصة للدعاء في القسم الثاني:
- دعاء الاستفتاح: يُقال بعد تكبيرة الإحرام مباشرة وقبل البدء بتلاوة سورة الفاتحة وهو مما ورد عن النبي في صيغ ثابتة مشروعة.
- في الركوع: ثبت في السُّنة النبوية الصحيحة وفق ما ورد في كتب الصحاح كصحيح البخاري وصحيح مسلم.
- بعد القيام من الركوع: مشروعٌ بناءً على حديث صحيح ورد في صحيح مسلم مما يُبرز أهمية الدعاء في الوقوف بين ركوع وسجود.
- بين السجدتين: رُويت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعوات مخصوصة حيث قال: «اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني وارزقني» مما يوضح استحباب الدعاء بعبارات معينة في هذا الموضع.
- عند تلاوة القرآن: كان النبي إذا مر بآية رحمة يسأل الله من فضله وإذا مر بآية عذاب يتعوذ بالله منه مما يُظهر مدى تفاعل النبي الكريم مع القرآن أثناء التلاوة.
أدعية الركوع والسجود المشروعة
أدعية الركوع والسجود من المواضع التي أُثِرت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد بيّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن الدعاء في الركوع له صيغة محددة ثابتة وذلك بخلاف الدعاء في السجود الذي يُستحب فيه التطويل ومناجاة العبد لربّه بطلب ما يحتاجه من خيري الدنيا والآخرة وقد وردت في هذا الموضوع أحاديث نبوية صحيحة توضّح تفاصيل **الدعاء في الركوع والسجود** وجاءت كالتالي.
**الدعاء أثناء الركوع**
عن السيدة عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ركع أثنى على الله بهذا الدعاء: **«سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي».** وقد أخرجه الإمام البخاري في صحيحه تحت الرقم (761) كما جاء عنه في صحيح الإمام مسلم برقم (484).
الدعاء المأثور بعد القيام من الركوع
الدعاء المأثور بعد القيام من الركوع هو مما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في السنّة الشريفة ويشتمل على معاني الثناء والشكر لله سبحانه وتعالى بالإضافة إلى طلب المغفرة والتطهر من الذنوب والخطايا وقد جاء هذا الدعاء عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه مما يدل على قيمته العظيمة وتأثيره البالغ في ربط العبد بربه والتقرب إليه لما يحويه من معانٍ عميقة تسكن النفس وتعبر عن التوجه الخالص لله عز وجل وما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول:
- «اللهم لك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد.. اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد.. اللهم طهرني من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الوسخ».
ورد هذا الدعاء في صحيح مسلم تحت رقم (476) وهو دعاء يعكس مدى الإخلاص في الثناء والتنزيه لله سبحانه وتعالى بكل ما يعجز عن وصفه اللسان ويظهر عُمق الرجاء في رحمة الله وطلب المغفرة والتطهر منه بأسلوب يناجي الروح ويحث القلوب على استذكار كرم الله وعدله فالدعاء يجمع بين شكر الله على عظيم نعمه وتقديم طلب صادق للتخلص من أعباء الذنوب وتنقية النفس بما يشبه نقاء الثوب الأبيض من دنسه فهو دعاء يرفع النفس إلى مراتب الإيمان الراقي ويعزز الارتباط الوثيق بين الإنسان وخالقه من خلال التوجه إلى الله بيقين وثقة كاملة في رحمته عز وجل وفضله العظيم.
دلالات وأثر الركوع والسجود
يُعَدُّ الركوع والسجود من أعظم أركان الصلاة ومن جوهرها الأساسي وقد ورد ذكرهما في العديد من مواضع القرآن الكريم وتم التأكيد عليهما في كثير من الأحاديث النبوية الشريفة ومن ذلك الحديث القدسي الذي أشار إلى أن العبد عندما يصلي تتجمع ذنوبه فوق رأسه وعاتقيه ومع كل ركعة أو سجدة يؤديها تتساقط عنه تلك الذنوب مما يدل على مكانة الركوع والسجود التي تتجاوز كونهما مجرد أركان واجبة في الصلاة إلى كونهما مصدرًا للتطهير والمغفرة.
ويُذكر أنه عندما سُئل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عن أحب الأعمال إلى الله كانت الإجابة بكثرة السجود لله حيث إن كل سجدة يسجدها العبد ترفع مقامه عند الله درجة وتمحو عنه خطيئة لكن الأمر لا يتعلق بعدد السجدات بقدر ما يتعلق بمدى خضوع العبد وإخلاصه ويقينه أثناء سجوده فقد تكون سجدة واحدة بتمعن وخشوع أعظم أثرًا عند الله من عدد كبير من السجدات التي تخلو من التركيز والخشوع.
وفي حالة السجود يكون العبد أقرب ما يكون إلى ربه ولذلك فإن الدعاء في السجود له مكانة خاصة وفرصة أكبر للاستجابة وقد أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم باغتنام هذه اللحظات للدعاء لأننا فيها نكون في قمة العبودية والتقرب إلى الله كما أن السجود والركوع يحملان الكثير من الفضائل التي تستحق التذكير بها:
- زيادة الركوع والسجود بخشوع وإخلاص يؤدي إلى غفران الذنوب ورفع الدرجات عند الله عز وجل.
- السجود والركوع لهما فوائد صحية متنوعة تعود بالنفع على جسم الإنسان وروحه وعقله.
- يساهم السجود في تفريغ الطاقات السلبية التي قد تتجمع في الرأس مما يعزز من راحة الشخص.
- كما أثبتت الدراسات دوره في تحسين الحالة النفسية وعلاج مشكلات مثل الاكتئاب والقلق والتوتر.
- يساهم الركوع والسجود في حماية المفاصل والركب والظهر بشكل خاص مما يجعلها من أفضل الحركات التي تعزز صحة العمود الفقري.
- يساعد على تنشيط الدورة الدموية في الجسم مما يساهم في تعزيز الأداء الوظيفي لأعضاء الجسم المختلفة.
- الصلاة عمومًا وما يتضمنه الركوع والسجود خصوصًا تُعَدُّ من أبرز الوسائل التي يحافظ بها الإنسان على صحته ويؤخر بها ظهور علامات التقدم في السن.
- الأذكار والآيات القرآنية التي تُقرأ أثناء الركوع والسجود تُظهر تأثيرًا عظيمًا على الروح والقلب وعلاقتنا بالخالق عز وجل.