الدعاء يُعد من أعظم الوسائل التي يتوكل فيها المؤمن على الله طلبًا للحفظ من كل ما قد يسبب له الأذى أو المكروه سواء كان من البشر أو الجن، وحين يدعو الإنسان فإنه يشعر بالطمأنينة ويوقن بأن معية الله تحيط به في كافة أوقاته، فاللجوء إلى الله بالدعاء يدفع عنه العين الحاسدة ويحميه من البلايا والمصائب بفضل الله ورحمته، مع تعدد الأحاديث المأثورة عن النبي ﷺ في هذا الشأن، تظهر أهمية التأكد من صحة الأحاديث والأدعية المتناقلة، إذ تنتشر أحيانًا بعض الأقوال المغلوطة التي قد تخل بقيمة الدعاء ومقاصده، ولذا سعينا هنا لتقديم مجموعة من الأدعية الصحيحة التي تحفظ الإنسان وتتضمن بركة ورعاية الله من كل سوء.
دعاء لصرف المصائب والمحن
النبي ﷺ كان يعوّد نفسه على البدء بيومه بالدعاء لله عز وجل بأدعية تُزيل الهموم وتفتح له أبواب الراحة، ومن بين هذه الأدعية التي كان يكررها: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ وَمِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ وَالبُخْلِ وَمِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ» حيث كان يردد هذا الدعاء ثلاث مرات بعد صلاة الفجر وثلاث مرات بعد صلاة المغرب وفيه طلب مباشر من الله لتخفيف الضيق ومنح النفس راحة وسكينة تامة.
دعاء للتحصين والحماية اليومية
تعليم النبي ﷺ لنا لم يقتصر على الأفعال بل شمل دعوات مختصرة تحمل معاني عظيمة، ومن الأدعية التي يُحافظ عليها لطلب الحماية اليومية: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ» ويُقال هذا الدعاء ثلاث مرات في الصباح وثلاث مرات في المساء، وهو بمثابة درع يمنحك القوة الإيمانية ويحصنك من الأضرار بإذن الله إذا أُدي بنيّة صادقة.
دعاء لحماية المقربين من الأذى
إذا كنت ترغب في الدعاء لأحد أحبائك لحمايته من الشرور، يمكنك اللجوء إلى هذا الدعاء: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَمِنْ شَرِّ كُلِّ سُلْطَانٍ شَدِيدٍ وَمِنْ شَرِّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ وَمِنْ شَرِّ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ وَمِنْ شَرِّ قَضَاءِ السُّوءِ وَمِنْ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ» وهذا الدعاء يبعث الطمأنينة في قلوب من حولك ويجعلهم تحت لطف الله ورعايته.
دعاء لحماية البيت والأهل والمال
لمن يرغب بحفظ أسرته وأمواله وممتلكاته، يمكنه التفويض إلى الله عبر هذا الدعاء: «اللَّهُمَّ يَا رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَخَالِقَ الخَلْقِ أَسْتَوْدِعُكَ زَوْجِي وَأَهْلِي وَبَيْتِي وَأَنَا عَلَى يَقِينٍ تَامٍّ أَنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، كَذَلِكَ اللَّهُمَّ احْفَظْهُمْ مِنَ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ» حيث تتجسد في هذا الدعاء معاني اليقين الكامل بأن الله هو خير الحافظين وهو القادر على صون كل ما تحب.
دعاء لحماية أحد من السوء
حين ترى شخصًا يعاني من ضيق أو ترغب في دعاء خالص له بالحماية، يمكنك قول: «اللَّهُمَّ فَارِجَ الهَمِّ كَاشِفَ الغَمِّ مُذْهِبَ الحَزَنِ اكْشِفْ اللَّهُمَّ عَنَّا هَمَّنَا وَغَمَّنَا وَأَذْهِبْ عَنَّا حَزَنَنَا، اللَّهُمَّ يَا صَبُورُ صَبِّرْنِي عَلَى مَا بَلَوتَنِي وَامْتَحَنْتَنِي يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ» حيث يجمع هذا الدعاء بين طلب الصبر والإغاثة من الله وحوله الألم إلى أمل وراحة بين يدي الله جل جلاله.
دعاء للحفظ بفضل الله وحمايته
في الآوِنة الأخيرة لوحِظ انتشار واسع لهذا الدعاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي والعديد من المنتديات الإسلامية حيث يروَّج له على أنه من الأدعية ذات الفضل العظيم التي تحمي الإنسان من كل شرٍّ ومكروه ولكن الحقيقة أن هذا الدعاء لا أصل له في السنة الشريفة فهو حديث باطل وضعيف ولا يوجد له أي سند موثق ولم يُنقل عن نبيّنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم مما يجعل من المهم جدًا أن نكون على وعي كامل بضرورة التحقق من صحة الأحاديث والأدعية قبل ترويجها أو تداولها لأن نشر الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة قد يؤدي إلى نشر مفاهيم خاطئة بين الناس ولذلك ننصحك بالرجوع دائمًا إلى مصادر معتمدة وموثوقة كالكتب الصحيحة في السنة النبوية ومراجع العلماء الثقات حتى تضمن أن ما تشاركه أو تعلِّمه للآخرين صحيح ويتماشى مع تعاليم الدين الحنيف.
مدى صحة الأدعية الواردة للتحصين
فَــ هذا الدعاء لم يُثبت عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم رغم أن هناك من يَدّعي أنه ورد في حديث صحيح عنه عليه الصلاة والسلام إلا أن هذا الحديث قد ضَعّفه الشيخ الألباني وأكد أنه مذكور ضمن سلسلة الأحاديث الضعيفة لذلك ينبغي على المسلم أن يُحذّر من الانجراف وراء الأحاديث التي لا تملك سندًا قويًا ولم يتبين صحتها ومن الأفضل أن يوجه اهتمامه إلى الأدعية الصحيحة التي حُفظت في السنة النبوية والتي تواتر نقلها عن النبي صلى الله عليه وسلم وتم جمعها في كتب العلماء الثقات وأهل الدراية لأن الالتزام بالأدعية المأثورة والصحيحة يعزز الطمأنينة ويحقق البركة والقبول من الله سبحانه وتعالى.
أدعية تحفظ المسلم من الشرور
يَستند كثير من الناس في أذكارهم على أحاديث ضعيفة أو غير صحيحة دون الرجوع إلى النصوص الموثوقة التي وصلت إلينا عن طريق النبي الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم الذي بَلغنا الأدعية الصحيحة التي تضمن للمسلم الحماية من جميع الشرور سواء كانت ظاهرة أمام عينيه أو خفية عنه والتي تمثل درعًا إلهيًا للمؤمن إن التزم بها وحافظ عليها، وقد حرص النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أن يعلمنا هذه الأدعية ليكون لها أثرها في حفظ النفس وتقوية الصلة بين المسلم وربه، ويُوصَى بالمواظبة على الأدعية الواردة في السنة النبوية الصحيحة وخاصة أذكار الصباح والمساء التي تعد حصنًا يوميًا للعبد تحميه من الشرور المحتملة وتقوي ارتباطه بالله تعالى، وفيما يلي نذكر بعض الأدعية التي يُنصح المسلم بالحرص على تكرارها بانتظام لتحصيل الحماية الإلهية وغرس السكينة في قلبه.
فضائل سورتي الفلق والناس في التحصين
نبينا محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم أوصانا بالمداومة على قراءة سورة الإخلاص وسورتي الفلق والناس وتكرارها ثلاث مرات قبل النوم لأنها تُعد من الوسائل المهمة التي تحفظ الإنسان وتحصّنه من الشرور والمخاطر التي قد تلم به فقد كان النبي الكريم عليه الصلاة والسلام مواظبًا باستمرار على هذا العمل حيث كان يقرأ السور الثلاثة وينفث في كفيه ثم يمسح بيديه الشريفتين على كامل جسده أو على القدر الذي يستطيع الوصول إليه بما يُبرز أهمية هذه السور المباركة في الحماية والتحصين من كافة الشرور التي قد تواجه الإنسان في حياته اليومية ومن خلال هذا العمل يتضح لنا مدى تأثير الأذكار والأدعية التي ورثناها عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في تعزيز صلة الإنسان بربه الكريم وتعتمد هذه العبادة الجليلة على ثقة المؤمن بقدرة الله عز وجل على الحماية من كل سوء وتوفيقه في كل أموره.
دعاء الكرب وأثره في التخفيف
يا أَخي المسلم احرص على تلاوة دعاء الكَرب لما له من أهمية كبيرة في حماية الإنسان من شرور الإنس والجِن ويعمل على تعزيز الصلة بين العبد وربه عزَّ وجل وتظهر قيمته جلية في كونه يُضفي السكينة والطمأنينة في قلب المؤمن ويمنحه شعورًا بالراحة واليقين خاصًة في لحظات الصعوبات التي قد تواجهه في حياته ويحمل هذا الدعاء أثرًا كبيرًا في تمكين الإنسان من تخطي المحن والتحديات لأنه يزيد من قوة الإيمان بالله سبحانه وتعالى ويجعل العبد يتوكل على ربه في كل أمور حياته ويساهم في رفع البلاء والمصائب مهما اشتد وقعُها ويظل هذا الدعاء المبارك وسيلة مشرقة يستشعر فيها المسلم قرب الله عز وجل وتتحقق من خلاله الأماني والفرج بتوفيق الله وإرادته.
آيات من سورة البقرة وأثرها في التحصين
أوصى النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بقراءة آخر آيتين من سورة البقرة في كل ليلة لما لهما من فضل عظيم في حفظ الإنسان من الشرور والمخاطر، حيث تُعدان درعًا واقيًا بإذن الله تعالى من الأذى والمحن، وذلك استنادًا إلى الحديث الشريف الذي يؤكد أن هذه الآيات تكفي الإنسان وتحميه بحول الله وقوته.
