الدعاء من أعظم العبادات التي تُقرّب العبد من ربه وتشمل المعنى الحقيقي للارتباط بالخالق عز وجل حيث يلجأ المسلم إلى الله في كافة أحواله سواء في وقت الشدة والضيق أو خلال لحظات الطمأنينة والرخاء، ويُعد الدعاء وسيلة مميزة للتقرب من المولى الكريم إذ يزيد تأثيره وإجابته عندما يُدعى بأوقات معينة دلت النصوص عليها كوقت السجود ودعاء الصائم عند الإفطار وسنوضح هذه الأوقات بشيء من التفصيل فيما يلي.
- دعاء مستجاب قوي: «اللهم إنّي أستغفرك وأتوب إليك يا حيّ يا قيوم اجبر كسرنا وأصلح حالنا وامنح قلوبنا الطمأنينة، يا من تُحيي العظام وهي رميم يا سامع الدعاء ويا مجيب النداء ابسط علينا من رحمتك وأفض علينا من فضلك واكفنا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمّن سواك واغفر لنا ولأحبابنا ولأُمّتنا ونجّنا من كل كرب وهب لنا من خيراتك ما يملأ أرواحنا بالأمل والرضا».
- دعاء مستجاب لقضاء الحاجة: «لا إله إلا الله الحليم العظيم لا إله إلا الله رب العرش الكريم الحمد لله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم، اللهم إنا نسألك خير الأمور عاجلها وآجلها ونسألك أن تتكرّم علينا بالعفو والمغفرة وارزقنا الغفران عن ذنوبنا وأن تفتح لنا أبواب رحمتك لا تجعل لنا همًا إلا فرجته ولا أمرًا عسيرًا إلا يسرته، نسألك يا رب رحمتك التي تسع كل شيء أن تقضي لنا حاجات قلوبنا وتجعلنا من الفائزين برضاك»، وبعد ذلك يمكن تفصيل الدعاء الخاص بالحاجة بين العبد وربه في خشوع وصدق ويقين بالإجابة.
- دعاء مستجاب لكل شي: «اللهم إني أسألك كل الخير عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم وأعوذ بك من كل شر عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخّرت وما أسررت وما أعلنت أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير ارزقنا من فضلك الواسع ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، واهد قلوبنا واملأها حبًا لك وثقة بقدرك وعظّم أملنا برضاك واجعلنا من السائرين على نهجك المستقيم».
أهم الأدعية المستجابة
يُعَدّ الدعاء من أروع العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه فهو الوسيلة التي يتحدث بها العبد مع خالقه بصدق وإخلاص، وينبغي للمسلم أن يُكثر من الدعاء والتضرع لله عز وجل في كل الأوقات مع المواظبة على التسبيح والتهليل والاستغفار والذكر، إذ إن هذه الأعمال تُعدُّ الحصن المنيع الذي يقي النفس من الوقوع في الذنوب والمعاصي التي قد تقود صاحبها للهلاك ونسأل الله أن يعافينا منها، وقد جاءت العديد من الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم وبعضها ورد ذكره في القرآن الكريم مما يضمن استجابة الدعاء بإذن الله تعالى فيما يلي قائمة تضم أروع الأدعية المستجابة وفضائلها العظيمة.
- من الأدعية الجميلة: لا إله إلا الله الملك الحقّ المبين لا إله إلّا الله العدل اليقين لا إله إلّا الله ربّنا وربّ آبائنا الأوّلين، سبحانك يا ربي إني كنت من الظالمين لا إله إلّا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حيٌّ لا يموت وبيده الخير وإليه المصير وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلّا الله إقراراً بربوبيّته، سبحان الله خضوعاً لعظمته ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم.
- من أفضل الأدعية التي تتضمن صفات الله عز وجل: اللهمّ يا نور السماوات والأرض يا عماد السماوات والأرض يا جبّار السماوات والأرض يا ديّان السماوات والأرض يا وارث السماوات والأرض يا مالك السماوات والأرض يا عظيم السماوات والأرض يا عالم السماوات والأرض يا قيّوم السماوات والأرض يا رحمن الدّنيا ورحيم الآخرة.
- اللهمّ أنا أسألك بأنّ لك الحمد لا إله إلّا أنت الحنّان المنّان بديع السماوات والأرض ذو الجلال والإكرام برحمتك يا أرحم الرّاحمين، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء بسم الله أصبحنا وبسم الله أمسينا ، أشهد أنّ لا إله إلّا الله وأشهد أنّ محمّداً رسول الله وأنّ الجنّة حق والنّار حق والساعة وعد الله حق وأنّ الله يبعث من في القبور.
- الحمد لله الذي وهبنا نعمه وأكرمنا بفضله الحمد لله الّذي لا يُؤمّل إلّا وجهه ولا يرتجى إلّا كرمه، نشهد أن لا إله إلا الله وأنه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير الواحد الأحد الذي يعلم خفايا القلوب وأسرار الصدور.
- اللهمّ أتضرع إليك وأسألك بركةً تسكن بها روحي وتزيل بها كربي وتغفر بها خطاياي وتصلح بها شؤوني وتمنحني بها رزقاً واسعاً وتدفع عني كل سوء وتجعل فيها سعادة واطمئناناً لنفسي وتُنير بها بصيرتي وتنشر بذلك رحمتك علي يا أرحم الراحمين.
- اللهمّ إني أقف بين يديك راجيًا عفوك ومستغفرًا لذنوبي أرفع إليك حاجتي وتوسلاتي، فارحم ضعف قوتي واغفر لي ما تقدّم من خطاياي وما تأخّر منها، وامنحني من الخير ما تقرّ به عيني وما يطمئن به قلبي واهدني لنور طريقك يا أكرم الأكرمين واشملني برحمتك الواسعة.
الشروط المطلوبة لاستجابة الدعاء
يُعَدُّ الدُّعاءُ لِلهِ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى وسيلةً عظيمةً للتقربِ مِن الخالقِ عَزَّ وجَلَّ ولمَّا كان الدُّعاء من أعظم الطاعاتِ فإنَّ لهُ شروطًا مُعيَّنة إذا التزمَ بها المسلم صار أقرَبَ للإجابة وهذهِ الشّروط تُمثِّلُ أسُساً جوهريَّة تُبرزُ صدقَ العلاقة بين العبدِ وَرَبِّه وهذهِ الشروط هي كالتالي:
- يَجب أن يكون الدعاءُ خالِصًا للهِ وَحدَهُ دون إشراكِ أحدٍ معه ويُستَحبُّ للمُسلِم أَن يدعُوَ مُستلهمًا أسماء الله الحُسنَى وصفاته العظمَى وتكون نيَّته صافية وصادقة، لأنَّ الإخلاص في الدُّعاء شرطٌ أساسي تقرُّبًا للهِ الذي يُحِبُّ الصادقينَ المُخلصينَ من عِباده.
- لا يجوز لِلمسلِم أن يطلُب في دُعَائِهِ أمورًا تُخالِفُ شَرعَ الله أَو يُطَالِب بشيءٍ يُسبِّب قطيعة لِصلة الرحِم أو أمرٍ نهَى الله عنه، وعلى المسلم أن يقتصر في دعائِهِ على طَلَب ما يُرضِي اللهَ مِن الخيرِ الذي يتفقُ مع أوامرِهِ سبحانهُ وتعالي.
- حين يقف المسلم بين يدي اللهِ للدعاء لا بُدَّ من حضور القلب وعقلِهِ مُتَّصلًا بالرجاء والخضوع الكامل، فلا يُقبَل الدعاء إذا كان الشّخصُ غافلاً أو يُردّدهُ بطريقةٍ آلية بل يتحقَّقُ أثر الدُّعاء حين يكون العبدُ في حالة من التذلُّل والخشوع والانكسار بين يدَيْ الله تعالى.
- ثِقَة المسلم برَحمَة الله وَإمكانيته في تحقيق ما يطلُبُ مهمَّة بشكل كبير فاليَقين بِإجابة الله للدُّعَاء والثِّقَة برحمته شرطٌ أساسِيٌّ وهو ما يُبرز إيمان العبد وقُربه من الله بعيدًا عن أَيِّ شكٍّ في قدرة الله سُبحَانَه إذ إنَّ الله لا يُخيب مُؤمنًا عَلَّقَ آمالهُ عليه.
- الصَّبر من أخلاق المسلمين والدُّعاء اختبار في هذا الجانب إذ لا يجوز للمؤمن أن يستعجل الإجابة فيبالغ في طلب سريعٍ أو يُشعِر نفسه بالإحباط ، لأنَّ الله يعطِي الأمور في وقتها المناسب والمستعجِل قد يُفوِّت بركات توقيت الله الذي هو دائمًا الأصلح لعباده لذا لا بُد أن يقوى إيمان المسلم بصحَّة توقيت إجابة دعواه ويصبر برضا.
العوامل المؤثرة في استجابة الدعاء
توجد العديد من العوامل التي تُسهم بشكل رئيسي في استجابة الدعاء وإذا التزم المسلم بها مع التوكّل على الله وحسن الظن به سبحانه فإن ذلك يجعل دعاءه أقرب إلى القبول والتوفيق ومن أبرز هذه العوامل ما يلي:
- يُستحب أن يبدأ المسلم دعاءه بحمد الله وتمجيده بما يليق بجلاله وعظمته ثم يتبع ذلك بالصلاة والسلام على النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وينبغي أيضًا أن يُختم الدعاء بالصلاة على أشرف خلق الله لما لذلك من بركة وفضل عظيم.
- يجب على المسلم أن يكون على يقين تام أثناء الدعاء بأن الله هو المجيب لكل دعوة وبيده تحقيق كل الأمور فالذي يدعو ينبغي أن يكون قلبه ممتلئًا بالثقة بأن الله سبحانه يعلم الخير لعباده سواء أدركوه أم لم يدركوه.
- الحرص على اختيار أوقات يُعد الدعاء فيها أقرب للاستجابة مثل الثلث الأخير من الليل ، حين ينزل الله عز وجل إلى السماء الدنيا والأوقات بين الأذان والإقامة والأوقات التي يصاحبها نزول المطر وكذلك لحظات السجود في الصلاة فهذه الأوقات لها فضل وأثر كبير في قبول الدعاء.
- رفع اليدين أثناء الدعاء يعكس التضرّع والخشوع لله وهو مما دعا إليه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حيث إن هذه الحركة البسيطة تعبّر عن تواضع المسلم بين يدي الله جل جلاله وتقرّب قلب العبد إلى ربه.
- الحرص على أن يكون مصدر رزق الإنسان من الحلال سواء كان ذلك من المال أو الطعام أو الممارسات اليومية فهذا من أعظم أسباب استجابة الدعاء لأن الله لا يقبل إلا الطيب، كما ينبغي الابتعاد عن ارتكاب المعاصي والذنوب واجتناب كل ما يُغضب الله في القول أو الفعل أو النية وهذا من الأمور التي ترفع من قيمة الدعاء وبركته عند الله.
الأماكن التي تتسم باستجابة الدعاء
توجد أماكن وأوقات عديدة يُستجاب فيها الدعاء وتتميز بخصوصية شديدة لما تحمله من قرب بين العبد وربه عز وجل وهذه الأماكن تحمل بركات وأهمية روحية كبيرة تجعل الإنسان يتوجه فيها بالدعاء بكل إخلاص وخشوع، ومن بين هذه الأماكن والأوقات التي يُستجاب فيها الدعاء ما يأتي:
- أثناء السجود في الصلاة، يُعتبر العبد في حالة من أقرب الحالات لربه سبحانه وتعالى وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالإكثار من الدعاء في هذه اللحظة التي يتحقق فيها الخضوع التام لله عز وجل، حيث يكون فيها الإنسان في أقصى درجات التذلل والتواضع للرب الكريم ما يجعلها من أغلى الفرص للدعاء.
- في يوم الجمعة،الجمعة تعد من أعظم أيام الأسبوع وأكثرها فضلاً توجد ساعة خُصصت باستجابة الدعاء وهذه الساعة جعلت الناس يهتمون باغتنامها بالدعاء والتضرع لما تتميز به من فضل وبركة عظيمة منحها الله لها بكرم منه وفضل.
- خلال الثلث الأخير من الليل، يُعتبر هذا الوقت من أعظم الأوقات التي يكون فيها العبد قريبًا من المولى عز وجل حيث يتنزل الله بفضله ورحمته ويستجيب الأدعية التي تصدر بنية خالصة ومناجاة صادقة، وكثير من الناس يحرصون على التقرب إلى الله خلال هذا الوقت الذي تفيض فيه السماء بالرحمات وتُرفع فيه الدعوات بكل خشوع وإخلاص.
- وقت نزول المطر هو من الأوقات المعروف عنها بأنها محملة بالبركة والرحمة والدعاء فيها يُستجاب بإذن الله، حيث يرتبط نزول المطر بالشعور بفيض من رحمة الله بالعباد ما يجعل الناس يتجهون إلى رفع أيديهم بالدعاء طلبًا للخير والتيسير واغتنام هذا الوقت المبارك.
العوائق التي تحول دون استجابة الدعاء
هناك العديد من الأسباب التي قد تُعيق استجابة الدعاء، وهذه الأسباب يجب أن يكون المسلم على وعي بها لتجنبها ومواصلة التقرب إلى الله بما يرضيه ومن أبرز هذه الأسباب ما يلي:
- ممارسة الذنوب والآثام والإصرار على المعاصي، فهذه الأمور تُضعف العلاقة القوية بين العبد وربه وتُشكّل حاجزًا يمنع رحمته واستجابة دعائه، حيث إن ارتكاب المعاصي يُشعر القلب بالبعد عن الله ويُغلق أبواب الخير أمام الإنسان.
- كسب المال من مصادر غير مشروعة أو استخدام المال الحرام في الأكل والشرب واللباس، فهذه الأمور تُعد من العوائق الكبيرة التي تمنع إجابة الدعاء وفقًا لما ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، إذ أن العيش على الرزق الحرام يجعل الدعاء معلقًا ولا يرتفع لأن الله طيب لا يقبل إلا الطيب.
- الدعاء بأمور محرّمة أو بطلب ما قد يؤدي إلى قطيعة الأرحام، فالله سبحانه وتعالى لا يقبل الأدعية التي تحمل إيذاء أو إثمًا، لأن صلة الرحم جزء من تعاليم الدين وأحد أركان التقرب إلى الله وقطيعتها تُخالف ما يأمر به الشرع الحنيف.
- التسرّع في طلب الإجابة وعدم التحلّي بالصبر، إذ أن الاستعجال في رؤية نتائج الدعاء قد يؤدي إلى شعور الإنسان بالإحباط وترك الدعاء عندما لا تتحقق مطالبه بسرعة، بينما الدعاء يتطلب يقينًا وإيمانًا عميقًا بأن الله يعلم ما هو خير ويختار الوقت المناسب للإجابة وفق مشيئته.
- ترك الدعاء أو التقصير فيه لأي سبب كان، فالدعاء هو الوسيلة التي يُعبّر بها العبد عن حاجته وتوكله واعتماده على الله، والإهمال في هذا الجانب يدل على ضعف العلاقة بين العبد وربه وابتعاده عن مصدر القوة والتوفيق.
- سوء الظن بالله وضعف الإيمان بقدرته وحكمته، حيث إن الشك أو عدم الثقة بأن الله قادر على الإجابة يُعد من الأمور التي تُنافي حسن الظن به سبحانه، وحسن الظن بالله هو من أعظم العبادات القلبية التي تُعزز اليقين في رحمة الله وعدله وحكمته.