قال الله -عزّ وجلّ- في كتابه العزيز:﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ ، تُظهر هذه الآية الكريمة مدى أهمية التزام المسلم بتعظيم الشعائر التي أمرنا الله بها، فهي انعكاس صادق لتقوى القلب وصدق الإيمان كما تعزّز من ارتباط العبد بربه.
فَــ كان نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام خير مثال في الالتزام بجميع الشعائر والتوجيهات الإسلامية بأسلوب عملي يشكّل قدوةً لنا جميعًا في مختلف جوانب حياتنا.
الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام لم يكن ينطق عن الهوى أو يتصرّف من تلقاء نفسه، فجميع أفعاله وأقواله كانت بوحيٍ رباني دليلًا على الحكمة الإلهية كما ورد في قوله تعالى (وما ينطق عن الهوى* إن هو إلا وحي يوحى* علمه شديد القوى) ، وهذا يجعل كل سُنّة من سننه وتصرف من تصرفاته ذو مكانة عظيمة في حياة المسلمين.
أحد أهم الأدعية والسنن النبوية الدعاء عند الخروج من المسجد والذي يحظى بجانب كبير من الأهمية لما يترتب عليه من بركة وحفظ ورعاية إلهية لكل خطوة يخطوها المسلم بعد مغادرتِه بيت الله.
نص دعاء الخروج من المسجد مكتوب
التوجّه إلى المساجد يُعتبر من أعظم الطاعات التي يُثاب عليها المسلم بأجرٍ كبير عند الله سبحانه وتعالى سواء كان الغرض أداء الصلاة أو حضور مجالس الذكر والدروس الدينية التي تهدف لنفع الإنسان في دنياه وآخرته.
المساجد هي بيوت الله التي يجتمع فيها المسلمون لعبادته وطلب العلم ولأن الله سبحانه وتعالى دائماً يحرص على هداية عباده إلى الخير فقد أوحى لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم العديد من الأدعية المباركة التي تحصّن المسلم وتمنحه البركة ومنها دعاء الخروج من المسجد.
دعاء الخروج من المسجد يُعتبر وسيلة للحفظ والوقاية ونيل الأجر العظيم في الدنيا والآخرة وقد ورد هذا الدعاء في الأحاديث النبوية الشريفة بأكثر من صيغة حتى يسهل على المسلمين التذكّر والالتزام به عند الخروج بعد الانتهاء من الصلاة.
ورد في حديث صحيح رواه الإمام مسلم عن أبي حميد أو أبي أسيد أن النبي ﷺ قال: «.. إذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك»
كما جاء في حديث آخر عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «إن أحدكم إذا أراد أن يخرج من المسجد تداعت جنود إبليس وأجلَبت واجتمعت كما تجتمع النحل على يعسوبها فإذا قام أحدكم على باب المسجد؛ فليقل: اللهم إني أعوذ بك من إبليس وجنوده فإنّه إذا قالها لم يضره»
دعاء الخروج من المسجد للصغار
قيل قديما،“العِلمُ في الصِّغرِ كالنقشِ على الحجر” مقولة تناقلتها الأجيال جيلاً بعد جيل وأظهرت مدى عمقها وحكمتها مع مرور الأيام، فمعانيها تتضح لنا بجلاء عندما نُعلِّم أطفالنا منذ صغرهم أمور دينهم الحنيف ابتداءً من حفظ آيات القرآن الكريم ووصولاً إلى استيعاب السنة النبوية الشريفة ومبادئها.
أحد أهم الأمور البسيطة والمفيدة التي يمكن أن نغرسها في نفوس صغارنا هي تعليمهم دعاء الخروج من المسجد، حيث يُعد هذا الدعاء وسيلة طيبة لغرس القيم الإسلامية في قلوب الأبناء منذ مقتبل أعمارهم، لا سيما أن كثيراً من الآباء يحرصون على اصطحاب أطفالهم إلى المساجد ليكون ذلك جزءًا من تربيتهم الدينية مما يُتيح لهم فرصة مميزة لتعليمهم الأذكار وربطهم بالعادات الإسلامية النبيلة وخلق جسر متين مع العبادات والممارسات الروحية.
التزام الصغار بهذا الدعاء المبارك عند خروجهم من المسجد يساعدهم في غرس مفهوم الذكر والدعاء في حياتهم وأثره العظيم على النفس.
الدعاء الوارد الذي يُمكننا تعليمه للأطفال عند خروجهم من المسجد هو التالي:
- بِسْمِ الله، بِسْمِ الله.
- الصلاة والسلام على رسول الله.
- اللهم إني أسألك من فضلك.
- اللهم اعصِمني من الشيطان.
أدعية الدخول والخروج من المسجد
أوضحت العديد من الأحاديث النبوية الشريفة أهمية الأذكار التي تُستحب عند دخول المسجد والخروج منه، فقد ركّزت السنة النبوية الشريفة على تذكير المسلمين بدور هذه الأدعية في طلب الرحمة والمغفرة من الله عز وجل.
تكمن أهمية أدعية دخول المسجد والخروج منه في الاستعانة بالله سبحانه وتعالى للحماية من وساوس الشيطان وتصفية النية لله تعالى في كل خطوة تُخطى باتجاه بيت من بيوته، فالأذكار تحمل معاني عظيمة تذكّر المسلم بعلاقته بربه وتُظهر فحوى العبودية لله في أفعال الحياة اليومية.
دعاء دخول المسجد والخروج منه له دلائل عديدة جاءت في أحاديث شريفة تدعو إلى الاهتمام بهذه الأدعية لما فيها من معان تربوية وروحانية كبرى.
هذه الكلمات التي جاء بها الحديث الشريف تُبرز أهمية الاستعانة بالله سبحانه وتعالى عند الدخول والخروج من المسجد، إذ يُلتمس من الله الرحمة والتوفيق عند الدخول، ويطلب منه جلّ وعلا الحفظ من الشيطان عند الخروج.
يتجلى في هذا الحديث تعليم النية والانطلاق باسم الله عز وجل عند الشروع في دخول بيت من بيوته، مع الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم كجزء لا يتجزأ من الذكر ليتصل المؤمن بربه من خلال استحضار ذكره وبحب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
قول هذا الذكر عند الخروج من المسجد باستمرار يجعله نهجًا تربويًا يُظهر كيف تكون كل خطوة يخطوها المسلم متصلة بالله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم.
يُستدل من هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجعل من المسجد مكاناً لطلب الرحمة عند دخوله، وموضعاً للتفكر في فضل الله وكرمه عند الخروج مما يُبرز أعظم دروس التأدب بين يدي الله عند أقدس بقاع الأرض.
أحد الدروس المستفادة كذلك من هذا الحديث هي توجيه المسلمين إلى تكوين علاقة روحانية مع المسجد تجمع بين التواد مع الله والصلة الدائمة بحضوره العزيز.
أهمية وفوائد دعاء الخروج من المسجد
أحد السُّنن النبوية التي دعت إليها الشريعة الإسلامية أن يدخل المسلم المسجد بالرجل اليمنى ويغادره بالرجل اليسرى، مع الالتزام بقول الدعاء الذي كان يردده النبي -صلى الله عليه وسلم- عند خروجه من المسجد.
لا يوجود نص نبوي صريح يوضح الفضل المباشر لدعاء الخروج من المسجد، إلا أن فضله ومكانته يمكن استنباطهما من نص الدعاء وفوائده الهامة:
- الإكثار من ذكر النبي صلى الله عليه وسلم سواء عند دخول المسجد أو خروجه يمنح المسلم مرتبة عالية في ميزان حسناته ويعزز أعماله التي تقربه من الله، وذلك لما للصلاة على النبي من أجر عظيم عند الله عز وجل.
- الاستعاذة بالله من وساوس الشيطان عند مغادرة المسجد تعد من الأمور التي تحقق الحماية الإلهية للمسلم وتبعد عنه تأثير الشيطان، مما يحفظه مستقيمًا ومتوكلًا على الله تعالى حتى بعد خروجه من بيت الله متوجهًا إلى حياته اليومية.
- الحرص على ذكر الله بأدعية أو بأي صيغ أخرى عند حركة الدخول والخروج من المسجد يُعد من أعظم العبادات التي يجني المسلم أجرها وثوابها والتي تترك أثرًا إيجابيًا على نفس الإنسان وتملأ قلبه بالسكينة والطمأنينة وتجعل ارتباطه بالله أكثر قوة وتواصلًا.