الدعاء يُعَدُّ من أعظم العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى الله سبحانه وتعالى، فهو وسيلة الإنسان لطلب حاجاته واستدعاء رحمته وعونه وقد بيَّنت السنة النبوية مكانة الدعاء في الإسلام وأهميته من خلال العديد من الأحاديث، مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: “ليس شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء”، مما يؤكد على قيمته الكبيرة ومكانته عند الله عز وجل وقد وردت الكثير من الأدلة والنصوص في القرآن الكريم وسنة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم التي تحثُّ على الدعاء كوسيلة لتحقيق الأمنيات ودفع البلاء والاستعانة بالله في الشدائد، الله سبحانه وتعالى دائم الاستجابة للدعاء، وهذه الاستجابة تكون بثلاث صور: إما أن يحقق الله الدعاء في الدنيا أو يحفظه لصاحبه ويكافئه به في يوم القيامة، أو يصرف عنه شراً كان يمكن أن يصيبه. هذا يعطينا اليقين بأن الدعاء لا يضيع أبدًا ويحفزنا على المثابرة في الدعاء دون يأس لأن الله يعلم الغيب وهو أرحم بنا من أنفسنا.
دعاء الاستيقاظ من النوم لصلاة الفجر | اللهم أنت المعين لمن لا معين له، أعنا يا ربنا على القيام لصلاة الفجر وارزقنا الخير في أدائها. اللهم وفقنا لعملٍ يُرضيك وامنحنا نصيبًا في إقامة صلواتك لنكون من المقبولين. اللهم بارك لنا في وقت البكور كما باركت لأمتك وأعنَّا على صلاة الفجر في وقتها سائلين منك خير الدنيا والآخرة ودرء شرورهما يا أكرم الأكرمين. |
دعاء الاستيقاظ من النوم بدون سبب | كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ في منتصف الليل يُكبِّر الله عشر مرات ويحمده عشر مرات ويقول “سبحان الله وبحمده” عشر مرات ثم يُردف: “سبحان الله الملك القدوس” عشر مرات ويستغفر ويدعو بعد ذلك بترديد “لا إله إلا الله” عشر مرات، ثم يقول: “اللهم إني أعوذ بك من ضيق الدنيا وضيق يوم القيامة” ويتبع هذا بالصلاة، مما يبرز أهمية الاستغفار والذكر قبيل الصلاة. |
دعاء الاستيقاظ من النوم حصن المسلم | كان مما علمنا إياه النبي صلى الله عليه وسلم عند القيام من النوم أن يقول: “الحمد لله الذي عافاني في جسدي، ورد علي روحي، وأذن لي بذكره”. وكان يردد قبل النوم: “باسمك اللهم أموت وأحيا”، وعندما يستيقظ يُردد: “الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور” كما ورد في صحيح البخاري ومسلم. |
دعاء الاستيقاظ من النوم في الليل | من استيقظ في الليل وردد “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير الحمد لله وسبحان الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله” ثم دعا الله بالمغفرة أو بأي مطلب فإن الله يعجل له الإجابة وينال ما تمنى بإذنه تعالى. |
دعاء ما بعد الاستيقاظ من النوم
دعاء الاستيقاظ من النوم يُعد من الأدعية التي علمنا إياها النبي ﷺ ليُذكرنا بفضل الله علينا ولأهمية شكره على نعمه العديدة فهو دعاء يحمل معاني الإيمان والامتنان لله على إعادة الحياة للجسد بعد النوم وكان من سنة النبي ﷺ عندما يستلقي للنوم أن يقول: (باسمك اللهم أحيا وأموت) وعند استيقاظه يردد: (الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور):
- روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: (إذا استيقظ أحدكم فليقل: الحمد لله الذي رد علي روحي وعافاني في جسدي وأذن لي بذكره) فإن هذا الدعاء يحتوي على الكثير من التأمل في نعمة الله علينا التي تتمثل في رد الروح وإحياء الجسد والعافية التي تجعل الإنسان قادرًا على العمل والعبادة وذكر الله.
- وأيضًا عن عائشة رضي الله عنها أنها حدثت أن النبي ﷺ قال: (ما من عبد يقول عند رد الله تعالى روحه: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير إلا غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر) وفي هذا الدعاء تذكير برحمة الله سبحانه وتعالى التي تشمل عباده ومغفرته الواسعة مهما عظمت الذنوب بشرط الإخلاص في القول.
- ومن دعاء أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال: (ما من رجل ينتبه من نومه فيقول: الحمد لله الذي خلق النوم واليقظة، الحمد لله الذي بعثني سالماً سوياً أشهد أن الله يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير، إلا قال الله تعالى: صدق عبدي) وهذا يظهر لنا عظمة الذكر في بداية اليوم وأثره في تقوية الإيمان والتقرب إلى الله.
- وفي حديث آخر لعائشة رضي الله عنها ورد عنها قولها إن النبي ﷺ كان إذا استيقظ في الليل يدعو قائلاً: (لا إله إلا أنت سبحانك، اللهم إني أستغفرك لذنبي وأسألك رحمتك، اللهم زدني علماً ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب).
- فهذا الدعاء مليء بالمعاني العظيمة التي تدعو الإنسان لتذكير نفسه بحاجته الدائمة لله وبركة العلم والرحمة والهداية والثبات على الإيمان.
أماكن وأوقات استجابة الدعاء
وُرد ذِكر دُعاء الاستيقاظ من النوم في السُّنة النبوية، ونُقل عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أن هناك أوقاتًا محددة يُستحب فيها الدُّعاء وتكون أقرب للاستجابة، مما يجعل الحرص عليها أمرًا مُهمًا لكل مسلم لاغتنام هذه الفُرص الثمينة لعل الله يُحقق له الأمنيات ويستجيب دعواته، ومن أبرز هذه الأوقات التي ذُكرت في النصوص الشرعية يُمكن توضيحها كما يلي:
- وقت السحر الذي يُمثل الثُّلث الأخير من الليل، وهو وقت عظيم نزل فيه رب العالمين إلى السماء الدنيا لينادي: “هل من داعٍ فأستجيب له؟” مما يجعل هذا الوقت مُناسبًا للإكثار من الذكر والدعاء لما يحمله من فضل كبير.
- يوم عرفة الذي يُعتبر من أفضل الأيام على مدار العام، ويُعد موسمًا عظيمًا لاستجابة الدعوات سواء كان الدعاء من الحُجَّاج أو من غيرهم حيث إنه اليوم الذي تم فيه إكمال الدين وتمام النعمة.
- شهر رمضان الكريم الذي يحظى ببركات عظيمة وفضل مُضاعف، ويُستحب فيه الدعاء خاصةً وقت الإفطار وليلة القدر التي قال الله عنها إنها خير من ألف شهر، فهي فرصة عظيمة للتضرع إلى الله بالدعاء الصادق والطلب منه بتحقيق الأمنيات.
- الوقت بين الأذان والإقامة، وهو وقت وردت النصوص النبوية بمكانته العالية في إجابة الدعاء، مما يجعل من المهم استغلاله في الدعاء بكل ما يتمناه الشخص.
- وقت السجود في الصلاة لأنه يُعد من أقرب اللحظات التي يكون فيها العبد قريبًا من ربّه، وفي هذا الموضع تتجلى معاني الخضوع والتذلل لله سبحانه مما يُجعل الدعاء فيه ذا أثر كبير في تجاوب الرحمن مع العبد.
- ساعة نزول الغيث وهي ساعة يُفتح فيها بابٌ من أبواب الرحمة، مما يجعل الدعاء في هذا الوقت ذا قيمة خاصة، حيث تتوافد الرحمات من السماء على الأرض.
- ليلة القدر التي تُعد أعظم ليلة في العام بأكمله، وهي ليلة تتضاعف فيها الأجور بأضعاف كثيرة، مما يجعل الدعاء فيها ذا أهمية وأجر عظيم فكيف إذا تضمنت الطلَبَ في هذه الليلة المباركة.
- عند ختم القرآن الذي يُعتبر وقتًا مُباركًا له فضله العظيم في استجابة الدعاء، سواء تم ذلك داخل الصلاة أو خارجها فهذا الوقت يُعد فرصة للتقرب إلى الله بما في القلب من حاجات.
- ليلة الجمعة التي تحمل قُدسية خاصة ولها فضل ديني كبير، وقد ورد عن نبي الإسلام أنها من الأوقات المُحببة للدعاء، لذا لا يُفوت المسلم هذه الفرصة لدعاء الله.
- الساعة الأخيرة من عصر يوم الجمعة التي ورد في قول السلف الصالح أنها ساعة استجابة، وهي فرصة ثمينة يجب على المسلم عدم تفويتها بالدعاء إلى الله بما يتمنى ويرجوه.
كيفية تحقيق استجابة الدعاء
لتحقيق استجابة الدعاء يجب أن يتحلى المسلم بمجموعة من الآداب والشروط التي تعزز من فرص القبول عند الله جل جلاله وهذه النقاط تسلط الضوء على أهم الممارسات التي يُنصح باتباعها:
- ينبغي أن يكون الدعاء نابعًا من القلب بإخلاص تام لله تعالى وحده دون أي شريك ولا يتخلله أي شكل من أشكال الرياء أو التوجه لأغراض دنيوية بحتة.
- من المستحب أن يكون المسلم على طهارة ويتوضأ قبل الشروع في الدعاء ويوجه وجهه نحو القبلة كنوع من الأدب والتوقير لله عز وجل.
- يُسن أن يُفتَتَح الدعاء بالبسملة مع الثناء على الله سبحانه وتعالى بشكل يشعر فيه العبد بجلاله وعظمته ويكثر من حمده عز وجل ويتبع ذلك بالصلاة والسلام على النبي محمد صلى الله عليه وسلم كونها من أعظم أبواب البركة والقبول.
- يجب أن يتمتع الداعي بالصدق الكامل في مطالبه وأن يبدي الإلحاح في دعائه مع التسليم التام لقدرة الله على الاستجابة ويثق تمامًا بأن الله سميع مجيب دون أن يُظهر تعجلاً لأن العجلة قد تحول دون تحقق الإجابة.
- ينبغي على القلب أن يكون حاضرًا أثناء الدعاء وأن يتسم بالخشوع والتفاني مع تجنب أي ملهيات أو انشغالات جانبية لأن الدعاء يستلزم الشعور الكامل بجلال الموقف وتعظيم مقام الله.
- لا يُحبذ أن يكون الدعاء مقتصرًا على أوقات الشدة فقط بل يجب أن يُداوَم على التوجه بالدعاء في كل الأوقات سواء كان العبد يمر بعسر أو يُسر لأن ذلك يعكس مدى ارتباطه الروحي بالله تعالى في كافة الظروف.
- على المسلم أن يلتزم بأوامر الله ويبتعد عن المعاصي والذنوب لأنها قد تكون سببًا مباشرًا في حجب استجابة الدعاء لذا من الضروري التمسك بما يُرضي الله والبعد عن كل ما يُغضبه.
أبرز الأخطاء الشائعة عند الدعاء
توجد مجموعة من الأخطاء الشائعة التي قد يقع فيها البعض أثناء الدعاء، وينبغي على المسلم أن يحرص على تجنبها لضمان قبول دعائه وأن يكون ملتزمًا بشروط وآداب الدعاء الصحيحة، ومن أبرز هذه الأخطاء ما يلي:
- يقوم بعض الأشخاص بإدخال التوسل المُبتدع في دعائهم، وهذا لا يجوز لأنه يخالف تعاليم الشريعة الإسلامية ويبتعد عن ما ورد في الكتاب والسنة.
- قيام الإنسان بتمني الموت والدعاء به يعد من الأخطاء الجسيمة، فالحياة هبة عظيمة من الخالق سبحانه وتعالى ويجب شُكر الله عليها لا الدعاء بزوالها.
- طلب إيقاع العقوبة على شخص معين ينافي أخلاق المسلم ولا يُعد من آداب الدعاء المُستحبة، فالدعاء يجب أن يكون برحمة وخير للآخرين.
- الدعاء بأمور مستحيلة التحقق يعتبر خروجًا عن الحكمة والتعقل، وهو نوع من سوء الفهم لطبيعة دعاء المؤمن الذي ينبع من الإيمان بقدرة الله وعظمته.
- التوجه بالدعاء بأشياء قد تحققت أو زالت بالفعل يُعتبر من الأخطاء التي تنم عن قلة وعي أو عدم تركيز أثناء الدعاء، وعلى المسلم أن يكون حاضر الذهن.
- الدعاء على النفس أو الأهل أو الأموال بمثل قول “اللهم أهلكني” أو “اللهم خسرني” قد يجلب ضررًا للإنسان دون أن يدرك، لأن الدعاء قد يُستجاب حتى لو كان من غير وعي أو قصد.
- الاعتداء في الدعاء، كالدعاء بأمور محرمة أو بالإثم، مثل طلب مرض أو مصيبة للآخرين أمر مرفوض ويعد من أشكال الظلم التي لا يحبها الله تعالى.
- دعاء قطيعة الأرحام يأتي ضمن أكبر الذنوب وأحد الأمور المحرمة في الإسلام والتي تنافي تعاليم الدين القائمة على المحبة والرحمة والصلح بين الناس.
- التلفظ بكلمات غير لائقة أو مستهجنة أثناء مناجاة الله، مثل استخدام ألفاظ لا تليق بجلاله وعظمته هو من الأخطاء الفادحة التي يجب أن يبتعد عنها المسلم تمامًا.
- اللجوء إلى الدعاء بروح اختبار قدرة الله أو التجربة لمعرفة إن كان يستجيب أم لا، يتعارض مع اليقين المطلق بإجابة الدعاء ويعكس ضعف الثقة بالله عز وجل.
- إذا كان الهدف من الدعاء لتحقيق أمر فاسد أو نية غير أخلاقية، فإن مثل هذا الدعاء غير مقبول لأنه يتنافى مع مقاصد الأدعية المشروعة.
- إهمال الدعاء الشخصي والاعتماد الكامل على الغير ليقوموا به بدلاً عنك يحرمك من فرصة التقرب إلى الله مباشرة، وهذا من الأمور التي ينبغي الحذر منها.
- اللحن في ألفاظ الدعاء أو استخدام كلمات مُحرفة تغير المعنى المقصود، خاصة إذا كان ذلك مستمرًا دون تصحيح أو حرص على تعلم الصحيح، يُعد خطأ يستوجب التنبه له.
- إحساس الإنسان باليأس بسبب تأخر الإجابة ينم عن قلة الثقة بالله ويتعارض مع أساسيات الإيمان، فالواجب هو الإصرار على الدعاء بإيمان تام بأن الله يسمع ويرى وسيستجيب في الوقت المناسب.
- استخدام أسماء غير صحيحة لله عز وجل أو لم ترد في الكتاب والسنة يمثل تعديًا على قواعد الدعاء التي يجب الالتزام بها، وينبغي الاكتفاء باستخدام الأسماء والصفات الإلهية الواردة.
- إظهار التكلف في الدعاء كالمبالغة في رفع الصوت أو تصنع البكاء بأسلوب مبالغ فيه ينافي الخشوع ويبتعد عن السنة، وعلى المسلم أن يدعو الله بتواضع وبخشوع حقيقي ينبع من القلب.