الدعاء هو الصلة التي تربط العبد بربه وهو الوسيلة العظيمة التي يتقرب بها المؤمن إلى الله سبحانه وتعالى لطلب حاجاته وتيسير أموره فمن خلاله يفوض العبد أمره لله القادر على كل شيء في السماوات والأرض دون عجز أو نقصان.
وقد وصفه النبي ﷺ بأنه “مِخُّ العبادة” لما فيه من الخضوع التام والتوكل المطلق على الله والاستسلام لحكمته وأمره وهذا يدل على مكانته العظيمة في حياة المسلم.
وفي هذا المقال سنتحدث عن فضل الدعاء وتأثيره في تفريج الكروب وتحقيق الأمنيات كما سنذكر مجموعة من الأدعية الواردة في السنة والتي ثبت أنها مستجابة بإذن الله بالإضافة إلى بعض الآداب التي ينبغي على المسلم الالتزام بها عند الدعاء.
دعاء مستجاب لمن تضرع به
هناك أدعية مأثورة يُستجاب لها بإذن الله عند التضرع بها بإخلاص ويقين وقد ورد في كتب العلماء والسلف الصالح العديد من الأدعية التي ثبتت في قضاء الحاجات وتفريج الكرب ومن هذه الأدعية:
- اللهم يا سامع الأصوات ويا مجيب الدعوات ويا مَنْ تكسو العظام لحماً بعد الموت يا من لبيت دعوة نوح عند ندائه وكشفت عن عبدك أيوب ضُرّه ورفعت محنة يعقوب ورددت عليه يوسف وأخاه وأعدت له بصره بفضلك ومنّك لا يصعب عليك شيء ولا يتعذر عليك أمر أسألك أن تحقق لي (اذكر حاجتك).
- سبحانك لا إله إلا أنت يا ذا الجلال والإكرام يا رب يا رب يا رب يا من حفظت كليمك موسى وهو وليد في اليم وصنت نبيك يونس في بطن الحوت وأرسلت جنودك لحماية الحبيب المصطفى ﷺ في الغار لا تعسر عليك حاجتي ولا يستحيل في ملكوتك قضاؤها ارزقني (اذكر حاجتك) سبحانك لا إله إلا أنت يا ذا الجلال والإكرام يا رب يا رب يا رب يا خالق الكون ومدبر الأمر يا من أنزلت الغيث وأنبتت به الزرع وسخرت الشمس والقمر وجعلت الليل لباساً والنهار معاشاً يا من أعطيت من واسع فضلك وأنعمت على بني آدم بنعم لا تحصى أسألك أن تتفضل علي برحمتك وتمنّ علي برزقك وتيسر لي (اذكر حاجتك) سبحانك لا إله إلا أنت يا ذا الجلال والإكرام يا رب يا رب يا رب اللهم إني عبدك الفقير بين يديك لا حول لي ولا قوة إلا بقدرتك وعزتك أرفع يدي إليك متضرعاً وأبسط كفي سائلاً أسألك باسمك الأعظم الذي إذا سئلت به أجبت وإذا دعيت به استجبت وإذا استرحمت به مننت وإذا استفرجت به كشفت الكربة يا أرحم الراحمين ارزقني (اذكر حاجتك) سبحانك لا إله إلا أنت يا ذا الجلال والإكرام اللهم يا من له العزة والكبرياء يا من وسعت رحمته كل شيء أسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى وبكل اسم سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تقضي لي (اذكر حاجتك) سبحانك لا إله إلا أنت يا ذا الجلال والإكرام يا رب يا رب يا رب يا مالك الملك يا من بيده مقاليد الأمور تعطي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء تعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير لا يستحيل عليك أمر ولا يثقل عليك رزق أسألك أن تحقق لي (اذكر حاجتك) سبحانك لا إله إلا أنت يا ذا الجلال والإكرام اللهم إنك قلت وقولك الحق: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ فها نحن ندعوك متضرعين كما أمرتنا فاستجب دعاءنا كما وعدتنا فأنت أكرم مسؤول وأعظم مأمول وحسبنا الله ونعم الوكيل.
شروط وآداب رفع الدعاء
قبل الحديث عن الدعاء الذي لا يُرد ينبغي التعرف على أهم الشروط والآداب التي ينبغي على المسلم الالتزام بها عند التوجه إلى الله بالدعاء فهناك مجموعة من الأمور التي تساهم في رفع احتمالية استجابة الدعاء وتساعد العبد على التقرب إلى الله بصدق وإخلاص، ومن أبرزها:
- يجب على المسلم اختيار الأوقات التي ورد فضلها واستحباب الدعاء فيها حيث تكون فرصة الاستجابة أكبر ومن هذه الأوقات شهر رمضان المبارك ويوم الجمعة الذي يعد من أعظم الأيام وكذلك الثلث الأخير من الليل وعند نزول المطر وبين الأذان والإقامة وغيرها من اللحظات التي أوصى بها النبي ﷺ.
- الخشوع أساس القبول في الدعاء فمن المهم أن يكون القلب حاضرًا والعقل متجهًا بإخلاص إلى الله سبحانه فكثير من الناس لا يتوجهون بالدعاء إلا عند وقوع الشدة أو الحاجة ولكن المؤمن الحق يجعل الدعاء عادة دائمة في أوقات السعة كما في أوقات الضيق فلا يقتصر على لحظات الحاجة فقط بل يكون مستمرًا في الدعاء في جميع أحواله.
- من المستحب عند الدعاء التوجه إلى القبلة ورفع اليدين مع خفض الصوت والنظر كما يستحب الإلحاح في الدعاء وتكراره بخشوع وتضرع فإن الله سبحانه يحب العبد الذي يلح عليه في الدعاء ولا يمل من طلب حاجته.
- لا بد أن يكون المسلم موقنًا تمامًا بأن الله سيستجيب دعاءه بطريقة أو بأخرى فقد يمنحه ما سأل أو يدفع عنه ضررًا كان قد يصيبه لأن الله عز وجل هو العليم الحكيم الذي يدبر الأمور بحكمة لا يعلمها العباد.
متطلبات إضافية لقبول الدعاء
قبول الدعاء يتطلب الالتزام بعدد من الشروط والآداب التي ينبغي على المسلم الحرص عليها حتى يكون دعاؤه أقرب إلى الاستجابة وهذه الشروط تتضمن:
- يبدأ العبد دعاءه بالحمد لله والثناء عليه ثم يصلي على النبي ﷺ ويختم دعاءه بنفس الطريقة فهذه من آداب الدعاء التي جاءت في السنة النبوية وهي من أسباب بركة الدعاء وقبوله.
- يجب أن يكون الداعي على يقين بالإجابة دون استعجال فلا يجوز للعبد أن يعجل فيطلب الإجابة بسرعة وكأنه يشك في تحققها لأن الله يحب من يدعوه بثقة كاملة في قدرته ورحمته.
- ينبغي أن يكون الدعاء نابعًا من القلب خاليًا من التكلف في الألفاظ والسجع المبالغ فيه ومن الأفضل أن يحرص المسلم على استخدام الأدعية المأثورة عن النبي ﷺ فهي تجمع بين جوامع الخير وتحمل معاني عظيمة وشاملة.
- التوسل بأسماء الله الحسنى وصفاته العلا من الوسائل التي تعظم من شأن الدعاء وتزيد من فرص استجابته فالله سبحانه يحب أن يُدعى بأسمائه وصفاته التي تدل على رحمته وقدرته وعظمته.
أما تأثير الدعاء في حياة المسلم فإنه يعد وسيلة عظيمة لدفع البلاء ومنع وقوعه أو التخفيف من شدته إن وقع فالدعاء والبلاء في حالة تصادم مستمر والعبد الذي يكون دائمًا قريبًا من الله بدعائه يرى أثر ذلك في حياته كما أن الدعاء يُعد سببًا مهمًا لنيل الرحمة فهناك بعض أنواع الرحمة التي لا تنزل إلا إذا كان العبد حاضرًا في دعائه وسائلاً ربه بصدق وإخلاص.