إن دعاء اللهم لا تُعلِّق قلبي بما ليس لي يُعد من الأدعية التي تحمل أثرًا عظيمًا على قلب المسلم فهو ينشر في النفس السكينة ويزرع فيها راحة تسكن الوجدان، لأنه يفتح أبواب التوكل الحقيقي على الله عز وجل ويساعد على تقوية الصلة بالخالق جلّ وعلا وعندما يقترن هذا الدعاء بأدعية أخرى تُعزز الثقة بالله وتحفز على الصبر والثبات كاللجوء بالدعاء للثبات على الدين والرضا بما كتبه الله، فإن القلب يجد الطمأنينة والاستقرار لذلك احرص دائمًا على أن يكون لسانك مليئًا بذكر الله والدعاء الصادق والتضرع إليه جل شأنه، خاصة في الأوقات التي تُنطق فيها الدعوات بصدق وترجى فيها الإجابة من الله كأوقات السَّحر المباركة وبين الأذان والإقامة وأثناء السجود في الصلاة ومناجاة الله عز وجل خلال لحظات الخلوة الجميلة التي تمتلئ بالروحانية والإيمان.
دعاء “اللهم لا تعلق قلبي بما ليس لي”
يا رب لا تعلّق قلبي بما ليس لي وبما لم تكتبه لي ارزقني الخير دائماً في كل ما أحب ووفّقني إلى نصيبٍ يُرضي قلبي وعقلي وإذا شعرت أن ما أتمناه قد يكون سببًا في تعبي أو حزني، أكمل دعائي قائلاً: اللهم اجعله خيراً لي وأصلح شأني وأبعد عني كل ما يمكن أن يسبب لي ضيقاً أو تعباً.
في حياة الإنسان تتداخل اللحظات الفرحة مع الأيام الصعبة ولا شك أن وجود شخص يكون لك عوناً وسنداً هو نعمة عظيمة في وقت الحاجة عندما يهتم لأمرك ويدخل السعادة إلى قلبك في الأوقات الحلوة والصعبة على حد سواء، لذلك عندما تتملكك فكرة احتمال فراق هذا الشخص لأي سبب من أسباب الدنيا من الطبيعي أن تشعر بالحزن إذ أن فقدانه ليس بالأمر الهيّن.
هنا تظهر أهمية الدعاء بأن تتوجّه لله بقلب خاشع طالباً منه أن لا يعلق قلبك بشيء لم يقدّره لك وتدعو قائلاً: يا رب، لا تعلق قلبي بما ليس لي واجعل لي فيما أحب نصيباً وإذا خامرك الظن أن بقاء هذا الشخص بجانبك قد يحمل معه تعباً أو مشقةً لك أكمل الدعاء وقل: واجعله صالحاً لي ومريحاً لقربي يا رب العالمين.
أحد الأمور المهمة تكرار هذا الدعاء في الأوقات التي تكون فيها الإجابة مظنونة مثل أوقات السجود أو بعد الفراغ من الصلاة لأن الدعاء يلهم قلبك الطمأنينة ويجعلك أكثر قرباً من أحبابك ويضيف إلى حياتك شعوراً بالسكينة والسعادة بوجودهم إذ أن قربهم نعمة من الله تستحق الشكر.
صور دعاء “اللهم لا تعلق قلبي بما ليس لي”
يَحمل الدُعاء معاني عظيمة وتأثيراً كبيراً على حياة الإنسان فهو يعكس حاجة القلب إلى الله واعتماده الكامل عليه في العون والرضا ومهما اقتضت الحياة من تغييرات وتجددت الأماني والأحلام يبقى الدعاء الوسيلة الأقرب للتوجه لله طلباً للخير وصرفاً للشر والدعاء “اللهم لا تعلّق قلبي بما ليس لي”، يحمل الدعاء دلالة قوية على الثقة بحسن اختيار الله للعبد كما يعكس الإيمان العميق بقدَر الله وما يختاره وهذا الدعاء محبوب بين الناس لأنه يعبر عن الحب والحرص على الخير لمن نحب ويمكن تصوير هذا الدعاء في عدة صور:
- مشاهدة الطبيعة مثل النباتات تحت أشعة الشمس تمنح شعورًا بالطمأنينة والفرح حيث تبرز جمال الحياة رغم تحدياتها ويمكن اعتبار هذه الصور وسيلة للتعبير عن الحب والاهتمام ويمكن إهداؤها لمن نكنّ لهم معزة خاصة تجعلهم يشعرون بقيمتهم الكبيرة في حياتنا.
- الصور التي تحمل هذا الدعاء غالبًا ما تكون ممتلئة بالسكينة والسلام الداخلي حيث يتراءى للناظر وكأنها رسالة إلهية تبعث الطمأنينة في القلوب وتدعو الإنسان للإيمان بأن كل الأمور الصعبة التي يواجهها ستحلّ فقط بالثقة في الله والدعاء المستمر إليه.
- يُعد الدعاء أثناء السجود في الصلاة من أكثر الأوقات صدقًا وإخلاصًا حيث يتجلى شعور الخشوع والاستسلام الكامل لله، وفي هذه اللحظات يتوجّه الإنسان إلى الله ليطلب منه أن يربط على قلبه في مصائب الفقدان ويخفف عنه ألم الفراق الذي قد يكون صعبًا ومؤلمًا للغاية.
- الألوان البيضاء التي تُستخدم كثيرًا في الصور المرافقة لهذا الدعاء تُضفي على النفس شعورًا بالتفاؤل والصفاء وحُب الخير للجميع ولهذا السبب ينجذب العديد من الأشخاص لاستخدام الصور البيضاء التي تشمل هذا الدعاء ويتشاركونها عبر منصات التواصل الاجتماعي حيث تحظى بتفاعل واسع وانتشار كبير لما تحمله من معاني وقيم نبيلة.
أدعية تسهم في الحماية من تعلق القلب بما ليس لك
قد يمر الإنسان بمواقف يشعر فيها بأن الشخص الذي يحبه خُلق خصيصًا ليكون له معينًا ومصدرًا للابتسامة والراحة مما يُرسخ في قلبه تعلقًا يعزز هذا الشعور إلا أن هذا التعلق قد يتحول أحيانًا إلى ألم عند تبدل الظروف أو حدوث الفراق، ولهذا يُنصح باللجوء إلى الله بالدعاء والإقرار بتعلق القلب بخالقه بدل أي مخلوق ويمكن للإنسان أن يردد بعض الأدعية التي تعينه في معالجة هذا التعلق بما ليس مقدّرًا له ومن أبرز الأدعية التي يمكن ترديدها:
- اللهم إني أسألك أن تصرف عن قلبي كل انتظار يختم بالخذلان وألا تجعلني أتعلق بشيء ليس مكتوبًا لي بحكمتك.
- اللهم يا كريم أرشدني للخير وكفني تعلق نفسي بما تعلم أنه ليس فيه خير لي ودلّني دومًا على السبيل الذي يُرضيك عني.
- يا رب أسألك أن تبعد عن طريقي كل أمرٍ لا نصيب لي فيه وأن تكتب لي الخير الذي تطمئن به نفسي ويُرضيك عني.
- اللهم ارزقني بصيرة الخير ولا تجعلني أتعلق بما لا أستطيع تحقيقه واهدني دائمًا لما فيه صلاح أمري وقدري.
- يا ربّ ارزقني من لطفك الفرج كما فرجت عن يونس وألهمني صبرًا كصبر أيوب، وارزقني تقوى يوسف وثبّت قلبي ليكون قويًا أمام كل ابتلاء.
- اللهم يسر لي الأمور برحمتك وأعني أن أكون سببًا للخير في حياة الآخرين، واجعل ذكري بالخير بين الناس ممتدًا حتى بعد وفاتي.
- يا الله اجعل أقداري حلوة بجميل تدبيرك واختر لي الأعمال التي تُرضيك وتنير طريقي.
- اللهم املأ قلبي بطمأنينة لا تعتمد على أي إنسان واجعلني متعلقًا برضاك فقط وبما كتبت لي من الخير.
- يا رب أعن قلبي على تقبل عدم تحقق ما تمنيت وامنحني الرضا بقدرك الذي تعلم أنه خير لي.
- اللهم اجعلني أبتعد عن الأبواب التي لم تكتب لي وامنحني قوة لأبتعد عن حب ناقص ليس فيه تمام الخير ولا تجعلني أسعى خلف شيء ليس بنصيبي.
- يا الله اجعلني قانعًا برضاك واسعد قلبي بتحقيق أمنيتي إن كانت خيرًا لي واغمر نفسي براحة وأمان من لدنك.
- اللهم اجعل محبتي لك وحدك ولا تعلقي نفسي بما في يدي عبادك وارزقني الإخلاص في خوفي منك وحبك كما يليق بجلالك.
- يا رب لا تجعل الدنيا همّي الأكبر ولا تجعل مصيبتي فيها واحفظني من ابتلاء الجسد والأهل والمال، واغنني بحلالك عن كل حرام، وقربني منك حبًا وخشيةً لا فراق بعدها.
أنسب الأوقات لاستجابة الدعاء
توجد أوقات محددة يستجيب الله فيها لدعاء المؤمنين، ويُشترط أن يكون القلب حاضرًا والنية صادقة أثناء الدعاء حيث أوصى الدين الإسلامي بمواصلة التضرع إلى الله في بعض الأوقات المميزة التي يُستحب فيها الدعاء لأنها أقرب للاستجابة ومن هذه الأوقات:
- لحظة السجود أثناء الصلاة: تُعد من أعظم الأوقات التي يقترب فيها العبد من ربه حيث يكون في موضع خضوع كامل وتذلل لله مما يجعل هذا الوقت ملائمًا للتضرع وطلب الحاجات.
- الفترة الواقعة بين الأذان والإقامة: تعتبر وقتًا مباركًا تُرفع فيه الدعوات وتُستجاب بفضل ارتباطه بالعبادة والخشوع وقد أوصت الشريعة الإسلامية بالاغتنام فيه بالدعاء.
- في ساعات قيام الليل وخصوصًا خلال الثلث الأخير منه: يُعد هذا الوقت من أشرف الأوقات لنزول الرحمة الإلهية واستجابة الدعوات حيث يذكر الحديث القدسي أن الله ينزل فيه إلى السماء الدنيا وينادي: “هل من داعٍ فأستجيب له”.
- وقت التشهد الأخير وقبل التسليم من الصلاة: يُعتبر فرصة عظيمة للإكثار من الدعاء فهذا من الأوقات التي أوصى بها الرسول صلى الله عليه وسلم ودعا إلى استغلالها بصدق.
- يوم الجمعة: يحتوي على ساعة محددة يُقال إنها ساعة استجابة يتحرى الناس الدعاء فيها طلبًا لما يتمنونه وقد وردت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تشير إلى أهمية هذه الساعة.