الموت يُعدّ الحقيقة الوحيدة التي لا يمكن لأحد أن يُنكرها، فهو المصير المحتوم لجميع البشر مهما اختلفت ظروفهم وأديانهم وألوانهم، والموت هو انتهاء حياة الإنسان ورحيل روحه عن جسده كل شخص يتعامل مع هذا المفهوم بطريقته الخاصة إلا أن الإسلام قد وضع منهجًا فريدًا يحترم الإنسان حتى في لحظة مغادرته للحياة، حيث تبدأ مراسم ذلك من تسليم النفس إلى دفن آخر حفنة من التراب على قبر الميت وهذه تُعتبر من ملامح الرّحمة التي أقرّها الإسلام والتي تظهر جليًا في تغسيل الميت وتكفينه والصلاة عليه، حيث تُعدّ الصلاة على الميت جزءاً أساسيًا من تكريمه وتقديره بعد ذلك يتم دفنه باتباع أسلوب يتسم بالاعتدال دون إسراف مع الحرص على المحافظة على كرامته في حياته وبعد وفاته، ويتجمع المسلمون عند قبر الميت للدعاء له بالرحمة والغفران وطلب القبول من الله سبحانه وتعالى له في جناته، ومن أبرز وأهم الأدعية التي يمكن أن تُقال عند الدعاء للميت:
- “اللهم ثبتنا عند الموت مكتوب”: “اللهم ارحمه واغفر له وآنس وحشته ووسع قبره، اللهم اجعل عيده في الجنة أجمل، اللهمّ اجعل قبره روضةً من رياض الجنّة ولا تجعله حفرةً من حفر النّار، اللهم ارحمه رحمةً تسع السماوات والأرض، اللهم اجعل قبره في نور دائم لا ينقطع واجعله في جنتك آمنًا مطمئنًا يا رب العالمين.”
- “اللهم ثبتنا عند الموت لمتوفى غالي”: “اللهم ارحم من مات بالدنيا ولم يمت بقلوبنا، اللهم ارحم أبي واسكنه فسيح جناتك، اللهم ارحم أبي فقيد قلبي واغفر له، وآنس وحشته ووسع قبره، اللهم اجعل عيده في الجنة أجمل رحيله ترك في قلبي فراغًا لا يستطيع أحد أن يملأه، اللهم ارحم من عزّ عليّ فقده، وأجمعني به في جناتك يا رب العالمين.”
- ومن النصوص المأخوذة عن الكتاب والسنة التي تحمل معانٍ عظيمة عند الدعاء للميت: دعاء “اللهم ثبتنا عند الموت من الكتاب والسنة”اللهم اغفر له وارفع درجته في المهديين، وافسح له قبره ونور له فيه واجعل قبره روضة من رياض الجنة، واغفر لنا وله يا أرحم الراحمين اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة، ولا تجعله حفرة من حفر النار، اللهم افسح له في قبره مد بصره وافرش قبره من فراش الجنة.
- كما يُوجد أدعية تحمل في ثناياها كلمات مؤثرة وتحرّك المشاعر وأسلوبها قوي في التعبير عن الرجاء لله سبحانه وتعالى للميت: دعاء “اللهم ثبتنا عند الموت مؤثر جدًا”: “اللهم ارزقه بكل حرف في القرآن حلاوة وبكل كلمة كرامة، وبكل آية سعادة وبكل سورة سلامة وبكل جزء جزاء اللهم يمّن كتابه ويسّر حسابه، وثقّل بالحسنات ميزانه وثبّت على الصّراط أقدامه، وأسكنه أعلى الجنّات بجوار نبيّك وحبيبك محمد صلّى الله عليه وسلّم.”
دعاء مستجاب: اللهم ثبتنا عند الموت
اللّهم ثبِّتنا عند الموت وثبِّتنا على قول لا إله إلّا الله إذا شل منا اللسان إذا جفَّت الشفاه وضعفت الحركة وضاق الصدر وارتخى البدن وبرّدت الأقدام برحمتك يا مالك الملك يا أرحم الرّاحمين، وَ من أهم هذه الأدعية في الآتي:
- اللّهم اهْدِنا فيمَن هَديْت ووفقنا لما تحب وترضى وثبتنا فيمن أعليْت وزِدْنا من فضلك ورحمتك واجعل لنا نصيبًا في البركة والرزق فيمَن باركْت وامنحنا عفوك ورحمتك يا من تهتز لعظمته القلوب وتقشعر لجلاله الأبدان كلهُ بأمرك وتحت إرادتك.
- اللّهم يا من لبَّى دعوة نوح في شدته وأجاب نداءه يا من رفع البلاء عن أيوب برحمته وكشف عنه كل ألم يا من أرجع لِيعقوب بصره وسكّن قلبه وزرع في قلبه الأمل يا من أكرم يوسف بعد الظلمة يا رازقَ السَّماوات والأرض يا وارث الملك والسلطان.
- اللّهم يا من أنقذ يونُس من ظلم الحوت وأنزل على قلبه السكينة يا من ألهم أمّ موسى الصبر وربط على قلبها حين ألقت طفلها يا أرحم الرّاحمين يا عظيم العرش يا فعّال لما تريد يا من لا يخيب عنده الطمع ولا يُرد من يتمسّك بأهداب برّه.
- اللّهم ارحم قلوبًا انهكها الألم لأب بكى فراق أحبته ولأمّ أثقلتها الأوجاع على فقد ولدها وأزواجٍ مات حبيبهن في شباب عمره وأبناء صاروا يتامى غارقين في حزن دائم يا أكرم من يُلجأ إليه يا صاحب الفضل والجود الذي يسكن به الفؤاد بذكرك.
- اللهم اغفر لِجميع موتى المسلمين الذين اعترفوا بوحدانيتك واعلنوا باللسان وبقلب صادق نبوة نبيك الطاهر محمد صلى الله عليه وسلم اجعل قبورهم روضة من رياض الجنة ورحما واسعًا لهم من كل ألم وافتح لهم أبواب رحمتك ومغفرتك برضاك وعفوك يا غفور يا حكيم.
- اللّهم أنِر قبورهم واسكب عليهم رحمتك واجمعهم في جنات النعيم التي وُعدت بها يا من لا يخيب الفقراء إذا نادوه يا صاحب العطاء الذي يعم ولا يكل يا عظيم الفضل والمنّ الكريم لا تبتعد عن حاجاتهم وارحم ضعفهم يوم تكون القبور هي المأوى.
- اللّهم ارحمنا وأحياءنا وتجاوز عنا في حياتنا ومماتنا واجعل لنا نصيبًا من رحمتك التي تغني عن كل سند كن معنا إذا صار الكل يتخلّى عنا وجعل التراب فراشنا يا واسع الغفران.
- اللّهم ثبتنا في اللحظة التي يعجز فيها اللسان عن ذكر اسمك وقد أرخت الجفون ولم يبق شيء يدل على الحياة سواك منحنا يا أكرم من يُرْجى رحمتك وعطفك لن تلقينا إلا بالخير الذي وعدتنا به يا واسع الفضل الكريم.
- اللّهم يوم أن تُحمل أجسادنا للغسل والكفن وعند انتقالنا من الدنيا إلى المثوى الأخير وعندما نُترك وحدنا في القبر ولا يسمعنا إلا رحمتك كن أنت العون والنجاة يوم تَجاذِبنا الأسئلة من ملائكتك يا من لا يُضام من احتمى به.
- اللهم تب علينا قبل أن يفاجئنا الموت وباغتنا الحساب وقبل أن نفقد كل من نحب وأفقد منّا من نجتمع حوله يا من اعتدنا منك المغفرة ويا من نتوسل رحمتك لتغمر حياتنا بدعاءك الذي وعدتنا فيه بالإجابة لا تقطع رجاء من يوكل أموره إليك نحن ننتظر منك يا رحمن يا مجيب الدعاء.
الموت: حقيقة لا مفر منها
- الموت هو الحقيقة الوحيدة التي لا يمكن لأي كائن حي أن يفرّ منها فهو القدر المحتوم الذي لا يستثني مخلوقًا من مخلوقات الله سبحانه وتعالى وكل الكائنات على وجه الأرض مكتوبة عليها النهاية ويبقى وحده الله عز وجل هو الباقي الحي الذي لا يموت والموت دائمًا يُلقي بظلاله على قلوب الناس فيثير فيهم مشاعر الرهبة والخشوع لأنه لا أحد يستطيع أن يتنبأ بموعده أو مكان وقوعه.
- ولا يستطيع أي فرد معرفة مصيره أو الأرض التي ستضم رفاته لأن هذه الأمور محفوظة في علم الغيب عند الله جل في علاه وقضية الموت دائمًا تبقى غامضة تشغل عقول البشر وأسئلتها الكثيرة تجوب في أذهانهم وعقولهم البشرية لا تتمكن من الإحاطة بحكمته أو إدراك مقاصده.
- لكنه رغم غموضه حقيقة مؤكدة لا مهرب منها وكما أبلغنا الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بقوله: “كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ويَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ” ولخصت هذه الآية الحق الذي لا شك فيه عن طبيعة الحياة وزوالها والبقاء لله وحده ذي الجلال والإكرام.
- حتى يصل إلى سن الشيخوخة وهي الإشارة الواضحة إلى قرب انتهاء الرحلة إذ تصبح حياته قائمة على العد التنازلي نحو المحطة الأخيرة وهي الموت الذي ينتظر كل إنسان مهما كان مكانه ومهما كان ظرفه وهذه الحقيقة تسري على الجميع دون تفريق بين من يرضى بذلك أو من يظل معترضًا.
- ونسأل الله عز وجل أن يرزقنا الثبات عند الموت وأن يكون خاتمتنا خاتمة خير ونسأله أن يتقبل دعاءنا الذي نكرره دائمًا: “اللهم ثبتنا عند الموت واغفر لنا وارحمنا برحمتك التي وسعت كل شيء”.
معلومات جوهرية عن الموت
- قد تناول موقع كبسولة الحديث عن دعاء “اللهم ثبتنا عند الموت” وبيّن العديد من الحقائق الهامة المتعلقة بالموت والتي تحمل أبعادًا علمية ونفسية مميزة يجب علينا معرفتها وفهمها لتقدير حكمة الله سبحانه وتعالى من أهم هذه الحقائق:
- وفقًا لما أثبتته الدراسات والأبحاث العلمية، فإن جسم الإنسان يحتوي على ساعة حيوية فريدة بكل خلية من خلاياه، وهذه الساعة خلقها الله عز وجل لتُدير العمليات الحيوية التي تحدث داخل جسم الإنسان منذ لحظة ولادته وحتى نهاية حياته.
- تعمل هذه الساعة بدقة متناهية ووفق نظام إلهي محكم لا يقبل التغيير أو التبديل، وعندما يحين موعد توقفها فهذا يعني أن الإنسان قد وصل إلى نهايته، كما أشار الله في كتابه العزيز: “فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ”.
- وأظهرت دراسة أخرى أجريت على أشخاص عايشوا تجارب توقف القلب وانقطاع النفس أن هذه التجارب غالبًا ما تتشارك بمشاعر وأعراض مميزة.
- حيث أفاد الكثير منهم بأنهم شعروا بحالة من الطمأنينة والسكينة ورأوا نفقًا مضيئًا بأضواء مبهرة، وبعضهم تكلم عن إحساسه بالتواصل مع أرواح أناس سبقوهم إلى الموت وشعروا أحيانًا وكأنهم خرجوا من أجسادهم وشاهدوا أنفسهم من الخارج. كما تضمنت هذه التجارب مشاعر مشابهة لحالات متقدمة من الموت.
- وفيما يتعلق بصور الرنين المغناطيسي التي أجريت على أشخاص كانت حالاتهم الصحية قريبة جدًا من الموت، فقد تبين أن نشاط الدماغ لديهم ينخفض بشكل حاد عندما يدخلون في مرحلة خمول عميق.
- ويُعزى هذا الوضع إلى نقص الأكسجين المتدفق للدماغ، مما يُصاحبه استجابات كيميائية عصبية مكثفة تحدث خلال هذه الفترة القصيرة التي تسبق توقف كافة وظائف الجسم الحيوية.
