الدعاء عند ارتداء ملابس جديدة من العبادات المستحبة التي يُفضَّل على المسلم المحافظة عليها فبه يحل الخير والبركة ويحفظ النعمة ويكون تعبيرًا عن شكر الله عز وجل الذي منّ على الإنسان بنعمة الستر والمظهر الحسن فالثياب ليست مجرد كساء بل نعمة عظيمة تستوجب الحمد والثناء لذلك يستحب أن يردد المسلم الدعاء المأثور عن النبي ﷺ عند ارتداء أي لباس جديد.
الدعاء عموماً يقوي صلة العبد بربه ويجعله دائم الذكر لله سبحانه وتعالى في مختلف جوانب حياته وعند تذكر الإنسان فضل الله عليه في اللباس والدعاء عند ارتدائه يزداد شعوره بالطمأنينة والامتنان فيحمد الله ويتأمل حال من لا يجدون ما يسترهم مما يعزز لديه روح الشكر والاستشعار بقيمة النعم التي رزقه بها الله عز وجل.
- صحة دعاء لبس الثوب الجديد: وُرد عن النبي ﷺ في حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي ووصفه المحدثون بأنه حديث حسن وهو دعاء يحمل في طياته معاني الستر والبركة ويقي الإنسان من أعين الحساد من الإنس والجن بإذن الله.
- فوائد دعاء لبس الثوب الجديد: يُذكِّر الإنسان بفضل الله عليه في نعمة اللباس فيجنبه الشعور بالكِبر والغرور لأنه يدرك أن ما يرتديه رزق من الله عز وجل وليس فقط مجرد اختيار شخصي فيزداد شعوره بالامتنان ويحافظ على ذكر الله من خلال هذا الدعاء كما يجعله يُقدّر نعمة الستر التي قد يفتقدها البعض فلا ينساهم في دعائه.
- دعاء لمن لبس الثوب الجديد: جاء عن النبي ﷺ أنه كان إذا ارتدى ثوبًا جديدًا سواء كان قميصًا أو عمامة أو غير ذلك قال: «اللهم إني أسألك من خيره وخير ما هو له وأعوذ بك من شره وشر ما هو له» وهذا الدعاء يعكس حرص المسلم على طلب الخير والبركة من الله في كل أمر يسير عليه كما يتضمن التماس الحفظ من أي أذى قد يكون متعلقًا بهذا اللباس.
- دعاء لبس الثوب الجديد للأطفال: كان من هدي النبي ﷺ أنه إذا رأى أحد الأطفال يرتدي ثوبًا جديدًا دعا لهم بقوله: «اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه أسألك من خيره وخير ما صنع له وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له» وهذا الدعاء يحمل في طياته معنى الامتنان لله على النعم التي وهبها للعبد وتحصين الطفل ببركة هذا الدعاء ليبارك الله في لباسه ويحفظه من كل مكروه.
أدعية مأثورة عند ارتداء الثوب الجديد
ارتداء الثوب الجديد يُعد من النعم العظيمة التي يمنّ الله بها على عباده، فليس الجميع لديه القدرة على شراء الملابس الجديدة لا سيما مع الارتفاع الملحوظ في الأسعار وهذا يجعل شكر الله أمرًا في غاية الأهمية، فشكر النعمة سبب في دوامها وزيادة بركتها، وقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى بعض الأدعية المستحبة عند ارتداء الثوب الجديد حتى نشكر الله ونستجلب بركته ومن الأدعية الواردة في السنة:
- عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من لبس ثوبًا فقال: الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة، غفر الله له ما تقدم من ذنبه)).
- عن أم خالد بنت خالد بن سعيد رضي الله عنهما، قالت: أُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بثياب فيها خميصة سوداء، فقال: ((من ترون نكسوها هذه الخميصة؟))، فلم يجب أحد، فقال: ((ائتوني بأم خالد))، فأحضروها له فألبسها بيديه الشريفتين، ثم قال لها: ((أبلي وأخلقي))، ردّدها مرتين، ثم بدأ يتأمل في نقوش الخميصة، وأشار إليها وهو يقول: ((يا أم خالد، هذا سنا))، ومعنى “السنا” في لغة الحبشة هو الجمال والحسن.
- عن أبي أمامة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لبس ثوبًا جديدًا، فقال: ((الحمد لله الذي كساني ما أُواري به عورتي، وأتجمل به في حياتي))، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من لبس ثوبًا جديدًا فقال: الحمد لله الذي كساني ما أُواري به عورتي، وأتجمل به في حياتي، ثم أخذ ثوبه القديم وتصدق به، كان في حفظ الله، وفي كنف الله، وفي سبيل الله حيًا وميتًا، مرتين)).
الدعاء المستحب عند ارتداء الثوب الجديد
يُعد دعاء ارتداء الثوب الجديد من السنن المستحبة التي يُستحب على المسلم ترديدها عند ارتداء ملابس جديدة فهو تعبيرٌ عن شُكر العبد لربه على نعمة اللباس التي أنعم الله بها عليه وفيه يستحضر المسلم فضل الله عليه بهذه النعمة التي تستر جسده وتحفظه من الأذى كما يسأل الله البركة في هذا الثوب سواء من حيث تحقيق غايته في الستر أو فيما استُخدم لأجله.
وكذلك يُستحب للمسلم أن يسأل الله الحماية من أي شر قد يكون متعلقًا بهذا اللباس سواء من جهة مصدره إن كان قد جاء من مال غير حلال أو من حيث طهارته إن كان قد تعرض لنجاسة كما يستعيذ بالله من أن يكون هذا اللباس سببًا في الفتنة كأن يكون مخالفًا للضوابط الشرعية سواء بالنسبة للرجال أو النساء أو أن يحتوي على زينة مبالغ فيها خارجة عن حدود الاعتدال وهذا مما شاع في بعض المجتمعات في الآونة الأخيرة نسأل الله للجميع الهداية وقد ورد في السنة أن النبي ﷺ كان يدعو بهذا الدعاء عند ارتداء ثوب جديد:
- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ إِمَّا قَمِيصًا أَوْ عِمَامَةً ثُمَّ يَقُولُ: “اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ كَسَوْتَنِيهِ أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهِ وَخَيْرِ مَا صُنِعَ لَهُ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ).
الدعاء المشروع عند ارتداء وخلع الثياب
- ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: ((سِتْرُ مَا بَيْنَ أَعْيُنِ الْجِنِّ، وَعَوْرَاتِ بَنِي آدَمَ إِذَا وَضَعُوا ثِيَابَهُمْ أَنْ يَقُولُوا: بِسْمِ اللَّهِ))، مما يدل على أن ذكر اسم الله عند تبديل الملابس أو خلعها يُشكل حماية للمسلم من أعين الجن وهذا من هدي النبي ﷺ الذي وجّه أصحابه إلى الحرص عليه لاتقاء أي أذى يمكن أن يصيبهم.
- وفي حديث آخر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يرتدي قميصًا أبيض فسأله: ((أَجَدِيدٌ قَمِيصُكَ هَذَا أَمْ غَسِيلٌ؟))، فأجابه عمر: إنه مغسول فقال له النبي ﷺ: ((الْبَسْ جَدِيدًا، وَعِشْ حَمِيدًا، وَمُتْ شَهِيدًا، وَيَرْزُقُكَ اللَّهُ قُرَّةَ عَيْنٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ))، وهذه من أسمى الدعوات التي تمنّى فيها النبي ﷺ لمن يرتدي ثوبًا جديدًا أن يحيا حياة طيبة ويكون له ذكر حسن بين الناس وأن يرزقه الله الشهادة مما يُبرز استحباب أن يدعو المسلم عند ارتدائه لملابس جديدة أن يجعلها الله مباركة عليه.
- وكان من عادة الصحابة رضي الله عنهم أنهم عندما يرون أحدهم يرتدي ثوبًا جديدًا يقولون له: “تُبْلِي وَيُخْلِفُ اللهُ تَعَالَى”، أي أنهم يدعون بأن يُرزق طول المدة في ارتدائه لهذا الثوب ويبارك الله له فيه ويعوضه بثوب آخر حين يبلى مما يُجسّد روح المحبة والأخوة التي كانت تميز علاقتهم ببعضهم.
فضل وأهمية الدعاء عند ارتداء الثوب الجديد
يُمثل الدُعاء عِند لِبْس الثَوب الجَديد مَظهراً مِن مَظاهر شُكر النِّعَم والتَّقرُّب مِن الله فهو وسيلةٌ دائمةٌ لِيَظلّ المسلم متصلًا بربه حتى في أَبسط شؤون حياتِه فهذا الدُعاء يُعزّز الإحساس بِنِعَم الله ويُذكّر العبد بأن كل ما يَنْعُم بِه من فضل الله عليه وهناك أسباب ودَوافع كثيرة تَدفع المُسلم إلى المُداومة على هذا الدُعاء ومنها:
- يَكون سَبباً فِي تَكفِير الذُّنوب فَالدُعاء بابٌ عَظيم مِن أَبْواب المَغفِرَة فَكُلّما لجأ العَبد إلى الله صَادقاً في دُعائه ازداد قُرباً وتَطهَّر مِمَّا قَد يكون مِن الزَّلل والخَطايا فَغُفران الذُّنوب مِنَ النعَم العَظيمة الَّتي يَحتاجها كُلّ مُؤمن.
- يُضفِي سُكونًا وطمأنينةً على القَلب فَحين يَستشعر الإنْسان أَنه فِي مَعِيَّة الله وتحت لُطْفِه يَبْعُد عنه القَلَق وتَسْتقرّ نَفْسه فَالثِّقة بِالله والاعتماد عَلَيه مَصدرُ رَاحة يَحتاجها العَبد في كُلّ أُموره.
- دُعاء لِبْس الثوب الجَديد يَكون وَقايَةً مِن الشُّرور التي قَد تُصيب الإنْسان خُصوصًا مَخاطر العَين والحَسد فَالأذكار والأدعية دِرعٌ حَصين يَجعل المُسلِم دَائِمًا في رِعَاية الله وحِفظه وَيُبعد عَنه كُلّ ما يُؤذيه مِمّا لا يَراه.
- يُجدّد في النَّفس الإحساس بنعمِ الله ويُذكّره بالمِنَن الَّتي أنعَم الله بِها عليه فمن رُزِقَ ثوبًا جَديدًا فَقد وُهِبَ نِعمة تستوجب الشُكر فَإدراك هذا الفَضل يَزيد الإدراك بِبركَة النِّعمة وَيَرُسّخ مَفهُوم القَناعة.
- ارتداء اللِّباس الجَديد يُعطي شعورًا بِالسَّعادة ويَنعكس بِطريقَة إيجابية على النَّفْس كما يُساهم في إزالة التَّعب أو الضِّيق الَّذي قد يُصيب المرء فَالتّغيير والتَّجدد في الهَيئة يُحْدِثُ حالةً مِن التفاؤل وَيُضفي حيويّةً تَنعكس على الحياة اليوميَّة وأداء المهام بشَكل أفضل.