يُمثل التشهد في الصلاة واحدًا من الأذكار الأساسية التي يُرددها المسلم يوميًا إذ يُعد ركنًا لا غِنى عنه في كل صلاة مفروضة أو نافلة ومن خلال الصلاة يشعر العبد بقُربه من الله سبحانه وتعالى مما يبعث في نفسه السكينة والطمأنينة ويُضفي على يومه شعورًا بالراحة والرضا.
- التشهد في صلاة الفجر: النص الذي يُقال أثناء التشهد هو: «التحياتُ لله والصلواتُ والطيباتُ السلامُ عليكَ أيُّها النبيُّ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه السلامُ علينا وعلى عبادِ اللهِ الصالحين أشهدُ أن لا إله إلا الله وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه».
- صيغة التشهد في صلاة السنن: في الصلوات المسنونة يُقال: «التحياتُ لله والصلواتُ والطيباتُ السلامُ عليكَ أيها النبيُّ ورحمةُ اللهِ» وقد جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: “زدت فيها وبركاته” ثم يُقال: السلامُ علينا وعلى عبادِ اللهِ الصالحين وأشهدُ أن لا إله إلا الله وقد أضاف ابن عمر: “وزدت فيها وحده لا شريك له” ثم يُختم بـ وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه.
- الدعاء الوارد في التشهد الأخير قبل التسليم: روي عن النبي ﷺ أنه كان يحرص على الدعاء في التشهد الأخير قبل أن يُسلم إذ كان يقول: «اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ» ويُعد هذا الدعاء من الأدعية العظيمة التي أوصى بها النبي ﷺ لما فيه من استعاذة شاملة من الفتن والمصائب التي قد تواجه الإنسان في حياته وبعد مماته.
دعاء التشهد المستجاب كامل
- التَّحِيَّاتُ للهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَىٰ عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَعَلَىٰ آلِ إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَعَلَىٰ آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
يُعَدُّ الدُّعَاءُ مِنْ أَجَلِّ العِبَادَاتِ الَّتِي يُؤَدِّيهَا المُسْلِمُ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ تَقَرُّبٍ إِلَىٰ اللهِ تَعَالَىٰ يَبْسُطُ فِيهَا العَبْدُ كُلَّ حَوَائِجِهِ وَيُظْهِرُ فَقْرَهُ وَحَاجَتَهُ إلَىٰ رَبِّهِ وَيُعَبِّرُ بِهِ عَنْ كَمَالِ تَوَكُّلِهِ وَيَقِينِهِ فَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ القُرَبِ الَّتِي تَرْفَعُ الدَّرَجَاتِ وَتُزَكِّي النُّفُوسَ وَتُقَوِّي الصِّلَةَ بَيْنَ العَبْدِ وَخَالِقِهِ.
وَعْدُ اللهِ بِإِجَابَةِ الدُّعَاءِ يَعْكِسُ رَحْمَتَهُ وَكَرَمَهُ بِعِبَادِهِ فَاللهُ جَلَّ وَعَلَا يَسْمَعُ نِدَاءَ الدَّاعِينَ وَيَسْتَجِيبُ لِمَنِ ادْعَاهُ بِإِخْلَاصٍ وَتَضَرُّعٍ فَهُوَ لَيْسَ مُجَرَّدَ أَلْفَاظٍ يُرَدِّدُهَا الإِنْسَانُ بَلْ هُوَ عِبَادَةٌ تُعْبِّرُ عَنْ أَعْمَاقِ الإِيمَانِ وَالرِّضَا بِقَضَاءِ اللهِ فَالمُؤْمِنُ حِينَ يَدْعُو يُحَقِّقُ مَعْنَىٰ العُبُودِيَّةِ الحَقِيقِيَّةِ بِإِظْهَارِ الضَّعْفِ وَالاحْتِيَاجِ إِلَىٰ قُوَّةِ اللهِ وَمَدَدِهِ.
نَفْعُ الدُّعَاءِ يَرْجِعُ أَوَّلًا وَأَخِيرًا إِلَىٰ الدَّاعِي نَفْسِهِ فَهُوَ المُفْتَقِرُ إِلَىٰ فَضْلِ اللهِ وَعَطَائِهِ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ غَنِيٌّ عَنْ خَلْقِهِ لَكِنَّهُ بِجُودِهِ وَإِحْسَانِهِ جَعَلَ الدُّعَاءَ سَبِيلًا لِلتَّقَرُّبِ مِنْهُ وَالتَّعَلُّقِ بِرَحْمَتِهِ وَالرُّجُوعِ إِلَيْهِ فِي كُلِّ شَأْنٍ مِنْ شُؤُونِ الحَيَاةِ فَعِبَادَةُ الدُّعَاءِ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ طَلَبِ المَلَذَّاتِ أَوْ دَفْعِ المَكْرُوهَاتِ بَل هِيَ تَجْسِيدٌ لِحَقِيقَةِ العِبَادَةِ وَإِظْهَارٌ لِحَقَائِقِ اليَقِينِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَىٰ المَوْلَىٰ الكَرِيمِ.
نص دعاء التشهد مكتوب
- سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ تَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلا إِلَهَ غَيْرُكَ.
- اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ.
- اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ.
- اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ.
- سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ تَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلا إِلَهَ غَيْرُكَ.
حكم دعاء التشهد ومكانه في الصلاة
الدعاء من العبادات التي شرعها الله سبحانه وتعالى في الصلاة ويُعد السجود من أعظم مواضع الدعاء حيث يكون العبد أقرب ما يكون إلى ربه فهذه اللحظة تمثل حالة من التذلل والخشوع الكامل أمام الله عز وجل إذ يرفع المؤمن حاجاته إلى خالقه ويدعوه بكل ما يشغل قلبه من أمور الدنيا والآخرة راجيًا منه المغفرة والرحمة والإجابة.
لا يقتصر السجود على مجرد ملامسة الجبهة للأرض بل هو لحظة امتزاج روحي بين العبد وربه حيث يشعر المؤمن بالقرب من الله جل وعلا ويجد في هذا الركن من الصلاة فرصة عظيمة للاستجابة والدعاء وقد أكد الله عز وجل هذا المعنى في قوله “وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعانِ” مما يدل على أن الدعاء أثناء السجود من أعظم أوقات القبول والاستجابة.
الأوقات المستحب فيها الدعاء
هناك العديد من الأوقات التي يُستحب فيها الدعاء إلى الله عز وجل، وجاءت السنة النبوية لتبين بعض الأوقات التي يكون فيها الدعاء أقرب إلى الإجابة بإذن الله، ومن هذه الأوقات:
- بعد تكبيرة الإحرام وقبل الشروع في قراءة الفاتحة، وهو ما يعرف بدعاء الاستفتاح حيث يبدأ المسلم صلاته بهذا الدعاء تقربًا إلى الله ورغبةً في القبول.
- في صلاة الوتر بعد الفراغ من الركوع، ويُعرف هذا بالدعاء في القنوت وهو من الأدعية التي يرفع فيها العبد يديه متضرعًا إلى الله سائله من خيري الدنيا والآخرة.
- عند الرفع من الركوع في جميع الصلوات، حيث يكون هذا الدعاء متضمنًا لتعظيم الله وحمده، وفيه يؤمن المصلون خلف الإمام عند سماعهم للدعاء.
- أثناء الركوع، وهو موضع يُشرع فيه تعظيم الله سبحانه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “فأما الركوع فعظموا فيه الرب”، مما يدل على استحباب الدعاء في هذا الموضع من الصلاة.
- بين السجدتين، حيث يُطلب من المصلي أن يدعو لنفسه بالمغفرة والرحمة وأن يشمل في دعائه والديه وجميع المسلمين الأحياء منهم والأموات.
- بعد الفراغ من التشهد الأخير وقبل السلام، ويكون في هذا الموضع دعاء يتضمن التعوذ من أربع، ثم يسأل العبد ربه من فضله في أمور الدين والدنيا.
ويُستحب الدعاء في هذه المواضع سواء كانت الصلاة فرضًا أو نافلة حيث أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن الركوع موضع تعظيم لله والسجود هو محل تسبيح لله الأعلى وحث المسلم على الاجتهاد في الدعاء أثناء السجود لأنه أقرب ما يكون فيه العبد من ربه كما وعد الله سبحانه بالإجابة لمن توجه إليه بالدعاء بإخلاص وخشوع.
فضل الصلاة وأثر دعاء التشهد
للصلاة مكانة عظيمة في حياة المسلم فهي من أهم العبادات التي تقوي صلة العبد بربه طوال اليوم وتجعله دائم الذكر والاستغفار محافظًا على علاقته الروحانية العميقة مع الله.
- تحافظ على ارتباط العبد الدائم بخالقه، فلا ينقطع عن مناجاته ولا يفتر عن ذكره مما يمنحه السكينة والطمأنينة.
- يجد الإنسان في الصلاة فرصة للدعاء والتضرع إلى الله فالله سبحانه وتعالى وعد عباده الصالحين بالإجابة لمن يدعوه بإخلاص وثقة برحمته.
- تحمي المسلم من الوقوع في ارتكاب الذنوب والمعاصي حيث تهذب النفس وتبعدها عن الفواحش والمنكرات وتقوده نحو طريق الخير والاستقامة.
- تضبط حياة المسلم وتجعله أكثر التزامًا في أوقاته فهي تعوده على النظام والانضباط وتبعده عن الكسل والتهاون وتمنحه شعورًا بالحيوية والبركة في يومه.