المُسلم دائِمًا يَلجأ إلى رَبّه في كُل الأوقات سواء في لحظات السُرور أو أثناء المِحن ويتضرع إليه بصدقٍ وإخلاص لييسّر له ما يسعى إليه ويحقق آماله فالدعاء هو الصِلة التي تربط العَبد بِخالقه وهو من أعظَم العِبادات التي تُقوي الإيْمَان وتمنح القَلب طُمأنينة حيث يَزداد يقين المسلم بأن الفرج قَريب مهما اشتدت الكروب وضاق الحال وإذا كان هناك أمر يَرجوه العبد أو حاجة ماسة يَطلب تحقيقها فإن الدعاء هو السَبيل الذي يُمكنه من التوجه إلى الله بقلبٍ مطمئن طالبًا منه التيسير وتفريج الكَرب والرِزق مِن حيث لا يَحتسب.
دعاء لتيسير الأمور وقضاء الحاجة
- اللهمَّ إنِّي أسألك لأنَّ لك الحمد، لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك يا منَّان، يا خالق السماوات والأرض بغير مثال سابق، يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم، أسألك أن ترزقني الجنة بغير حساب وأعوذ بك من عذاب النار وما يُقرِّب إليها من قول أو عمل.
- اللهمَّ إنَّا نستعين بك ونعتمد عليك ونلوذ بك من كل شر، نرجو غفرانك ونؤمن بعظيم فضلك عليك نتوكل وحدك، نثني عليك الخير كله نشكرك في السراء والضراء ولا نكفرك، ونتبرأ ممن يجحد نعمك وينكر آياتك.
- اللهمَّ إني أعوذ بك من السقوط والهلاك وأحتمي بجلالك من الغرق والحريق والشيخوخة التي تضعف البدن وتنهك القوة، وأستعيذ بك من أن يتخبطني الشيطان في لحظة الضعف عند الموت، وأرجوك يا الله ألا يكون فنائي في غير طاعتك أو بعيدًا عن رحمتك.
- اللهمَّ إني أتوجه إليك متوسلًا بنبيك الأمين وبأهل بيته الذين اصطفاهم على سائر خلقك اللهم يسِّر لي كل عسير، وأزل عني كل هم واكفني شر البلاء، فإنك أنت الميسر والمعافي وأنت القادر الذي لا يُغلب، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين، لا إله إلا الله ذو الحلم الواسع، سبحان الله العظيم رب العرش الكريم.
أهمية التوسل إلى الله وفوائده
المؤمن الذي يسعى للتقرب إلى الله ويبذل جهده في طاعته لا بد أن يلجأ إليه دائمًا ويتوسل إليه فهذا الأمر يحمل في طياته العديد من الفوائد التي تعود على العبد في دنياه وآخرته، ومنها:
زوال البلاء
- من أخلص في توجيه قلبه إلى الله واستعان به في أموره خاصة إذا كان يتحلى بصفاء القلب وخلوه من الحسد والضغينة تجاه الآخرين فإن الله يرفعه عن البلاء ويفرج عنه همومه وقد يلمس أثر دعائه في وقت قصير بفضل الله.
الطمأنينة والراحة النفسية
- من اعتاد على الرجوع إلى الله والتوسل إليه فإنه يعيش حالة من السكينة والراحة النفسية العميقة تغمر قلبه مما يجعله ثابتًا أمام الابتلاءات وقادرًا على تحمل الشدائد دون أن تضعفه المحن.
التوفيق والصلاح
- الإنسان الذي يحرص على التوسل إلى الله يسلك طريقًا مليئًا بالخير والبركات فتذلل له الصعوبات وتنحل أمامه المشكلات التي كانت تعترضه كما تتيسر أموره في صورة قد تبدو له غير متوقعة لكنه يدرك حينها أن فضل الله وعونه هو السبب في ذلك.
قضاء الحوائج
- من وثق بربه ولجأ إليه في كل مطلبه واعتمد عليه عند اشتداد المحن وجد الفرج قريبًا بإذن الله فقد يسّر له حاجته وفتح له الأبواب التي طالما تمنى أن تنفتح له فيجد أن دعواته لم تذهب سُدى بل استجاب الله له بطرق يعجز عن تصورها.
تعلق القلب بالله
- من اعتاد التوسل إلى الله وجد نفسه مرتبطًا به في السراء والضراء فلا يتخذ قرارًا ولا يخطو خطوة إلا وهو متوكل على الله ومستعين به وهذا الأمر يجعله أكثر إيمانًا ويقينًا بأن كل شيء في حياته مقدر بيد الله وحده.
دعاء مستجاب لقضاء الحاجة
- دعاء مستجاب لقضاء الحاجة أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه اللهم يا من تقدر على جمع الشتات وتخرج النبات وتحيا العظام بعد الممات وتجيب الدعوات وتقضي الحاجات وتفرج الكرب وتسمع الأصوات من فوق سبع سماوات وتفتح خزائن الرحمة والبركات وتملك حوائج جميع المخلوقات ونورك قد عم السموات وعلمك قد أحاط بكل شيء.
- دعاء لقضاء الحاجة يا من تعلم ما مضى وما هو آت أسألك بقدرتك التي شملت كل شيء وبغناك عن خلقك وبعظمتك ومجدك يا إله كل شيء أن تقضي حاجتي فأنت القادر على كل شيء يا رب العالمين يا من تُرجى لكل أمر عظيم ويا من تعلم ما تخفي الصدور أصلح لي شأني كما أصلحت شؤون عبادك الصالحين.
- ولا تتركني لنفسي طرفة عين واقضِ حاجتي وفرّج كربتي وأزل عني الحيرة وأسألك برحمتك أن تحقق لي ما أتمنى وما فيه الخير لي (ثم تُذكر الحاجة) وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين تسليمًا كثيرًا.
- اللهم أنت ملاذي في كل كرب وأنت رجائي عند كل شدة وأنت سندي حين تضيق بي السبل كم من كرب ضاق به صدري وعجزت عن دفعه حيلي وخذلني فيه القريب والبعيد وشمت بتعثري العدو ولم أجد ملجأً إلا إليك فرفعت حاجتي إليك وبثثت همي بين يديك ففرّجته بقدرتك وأزلت الضر عني برحمتك وأتممت علي نعمك بفضلك فأنت صاحب كل نعمة ومحقق كل حاجة ومنتهى كل رجاء فلك الحمد حمداً لا ينقطع ولَك الفضل والمِنّة بلا حد.
دعاء لتيسير الزواج وقضاء الحاجة
- اللّهم إنّي أسألك تيسير الزواج وأن تجعل لي نصيبًا من الرجال يكون أعفّهم نفسًا وأحسنهم دينًا وأوسعهم رزقًا وأكثرهم بركة وترزقني منه ذرية طيّبة صالحة تكون على خلقٍ حسن وتقر بها عيني في حياتي وبعد مماتي.
- اللّهم يا من سخّرت الجنّ والشياطين والرّيح لنبيّك سليمان وسخّرت الطير والحديد لنبيّك داوود وجعلت النّار بردًا وسلامًا على نبيّك إبراهيم سخّر لي زوجًا صالحًا يخافك ويحرص على طاعتك ويعينني على البرّ والتقوى واجعل بيننا مودةً ورحمةً ووفقنا لما تحبّ وترضى فإنّك سبحانك القادر على كلّ شيء.
- اللّهم إنّي أسألك أن تقسم لي من الأزواج أصلحهم لي وأقواهم على طاعتك وأكثرهم حبًّا للخير وأحسنهم معاملةً وأن ترزقني السكينة معه وتجعله سببًا لسروري وسعادة أيّامي وتنزع من قلبي كلّ ما قد يسوّد عيشتي فأنت الحكيم العليم القادر على كلّ شيء.
- اللّهم ارزقني زوجًا يكون لي خيرًا وأكون له خيرًا في ديننا ودنيانا ومعاشنا وعاقبة أمرنا اللهم اجعلني من الصابرين على تدبيرك والراضين بقدرك واجعلني من الشاكرين لك على كلّ أمرٍ قدّرته لي اللهم جنّبني الكبر والغرور واجعلني في نفسي متواضعًا وفي أعين النّاس ذا قدر ومكانة.
- اللّهم يا ملجأ الحائرين ويا رجاء الملهوفين ويا كاشف الهمّ ويا فارج الغمّ ارزقني بالحلال واغنني بفضلك عمّن سواك اللّهم يا واسع الجود والكرم ويا ربّ العرش العظيم أكرمني بعطاياك ووفّقني لما يرضيك ويسعد قلبي.
- اللّهم إنّي أسألك باسمك الأعظم الذي إذا دعيت به أجبت وإذا استغاث بك عبد أغثته وإذا التجأ إليك عبدٌ نصرتَه أن تهب لي من لدنك زوجًا صالحًا يكون سندًا لي في الدّنيا ورفيقًا لي في الدّنيا والآخرة يا أرحم الراحمين يا ذا الجلال والإكرام.
أدعية ثابتة من السنة لتيسير الأمور وقضاء الحاجة
أدعية مأثورة وردت عن النبي ﷺ لتيسير الأمور وقضاء الحاجات، في بعض الأوقات يحتاج الإنسان إلى أدعية عظيمة يلجأ بها إلى الله عز وجل وقد وردت عن النبي ﷺ أدعية جامعة تيسر الأمور وتفرج الكرب، ومنها:
- يا حيُّ يا قيُّومُ برَحمتِكَ أستَغيثُ أصلِح لي شأني كُلَّهُ ولا تَكِلْني إلى نَفسي طرفةَ عينٍ اللهمَّ لا سَهْلَ إلَّا ما جعَلْتَه سَهلًا وأنتَ تجعَلُ الحَزْنَ سَهلًا إذا شِئْتَ اللهمَّ مالكَ الملكِ تُؤتي الملكَ مَن تشاءُ وتنزعُ الملكَ ممن تشاءُ وتُعِزُّ مَن تشاءُ وتذِلُّ مَن تشاءُ بيدِك الخيرُ إنك على كلِّ شيءٍ قديرٌ رحمنُ الدنيا والآخرةِ ورحيمُهما تعطيهما من تشاءُ وتمنعُ منهما من تشاءُ ارحمْني رحمةً تُغنيني بها عن رحمةِ مَن سواك.
دعاء للرزق وقضاء الحاجة
يا رب عبدك ضاقت به كل السُّبُل وأُغلِقت في وجهه الأبواب وابتعد عن طريق الصواب وتوالت عليه الهموم وزادت به الأحزان ومضت سنون عمره دون أن يجد فرجًا وأنت وحدك القادر سبحانك على كشف هذا الكرب يا مُجيب الدعوات يا سريع الحساب يا رب الأرباب يا واسع العطاء يا كريم يا وهاب.
- دعاء قضاء الحاجة يا رب لا تحجب دعائي ولا ترد رجائي ولا تتركني لحيرتي ولا تُوكلني إلى نفسي طرفة عين ولا تجعلني أعتمد على حولي ولا قوتي يا من بيده ملكوت كل شيء ارحم ضعفي فقد ضاق صدري وتشتت فكري وتحيرت في أمري وأنت وحدك العليم بسري وجَهري القادر على تفريج همي وتيسير أمري اللهم اجعلنا من عبادك المتوكلين عليك حق التوكل المؤمنين بقضائك وقدرك.
- يا رب أحيينا على الإسلام مؤمنين طائعين وتوفنا وأنت راضٍ عنا اللهم ارحم تضرعنا بين يديك وقوّمنا إن زللنا وسدد خطانا إن استقمنا وكن معنا في كل أمر ولا تكن علينا اللهم لا تردنا خائبين وأكرمنا بفضلك العظيم وأعطنا من خير ما سألك منه عبادك الصالحون اللهم لا تجعلنا من المحرومين من رحمتك ولا من الغافلين عن ذكرك واغفر لنا ذنوبنا كبيرها وصغيرها جهرها وسرها برحمتك يا أرحم الراحمين (اللهم آمين)
آثار قضاء حاجات الناس وأجرها
المُسَاعَدة في تَلبية اِحتِياجات الآخرين تَحمل في طَيّاتها أجرًا عَظيمًا وفَضلًا جَزيلًا يُنعَكِس على صاحِبها قَبل غيرِه حيثُ إنّ قَضاء حوائِج النّاس مِن أعظَم الأعمال الّتي تُقرِّب العبدَ مِن ربّه وتَزيد مِن تَماسُك المُجتمع وتُساهِم في غَرس مَبادئ التعاوُن والتراحُم ومِن آثَارها الإيجابيّة:
- مَن يَسعى في قَضاء حاجات الآخرين يَنال أجرًا عَظيمًا وشَفاعةً يوم القِيامة، فَهذا النّوع من الشَّفاعات من الأمور الّتي حَثَّنا الله عزّ وجلّ عليها كما يُعتَبر شَكلًا مِن أشكال الصدقة الّتي تُضاعِف الحَسنات وتَرفع قَدر الإنسان عند ربّه.
- مَن يُقدِّم العَون لغيرِه في أوقات الضِّيق يَجد مَن يُسدِّد له الجَميل ويُعاوِنه عند المِحن، فَكما يَمنَح المُساعدة اليَوم يَنعَكِس ذلك عليه في المُستَقبل حين يَحتاج الدّعم، وهذا الأثر يَنعَكس إيجابيًّا على العَلاقات الاجتماعيّة ويُرسِّخ قِيَم المَودّة والتراحُم بَين الأفراد.
- التعاوُن والتكاتُف يَقوِي أُواصِر المُجتمع ويَحميه مِن أدواءِ الحِقد والتنافُر والحَسَد الّتي تَنشأ بِحُكم الوَضع الاجتماعيّ لمَن يَحتاجون إلى المُساعدَة دُون توفُّر مَن يُخفِّف عنهم المَشقّة رغم وُجود مَنْ يَستطيع العَطاء.
- السَّعي في تَحقيق مَصالح النّاس يَكون سَببًا فِي مَغفرة الذّنوب وهو من الأمور الّتي تُثبِّت العبد على الصِّراط المُستَقيم كما أنّه وسيلة تُقرِّب المَرء من الجَنّة.
- مَن يُعين الآخرين يَجعَل الله له حِماية مِن المِحَن والبَلاء، فيَدفع عنه المصائب والمِحن الّتي قد تَعرِض له في مُستَقبله، فإنّ الله يُجازِي عِباده المُحسنين بِنفس ما يَمنَحونه لِغيرهم مِن خَيرٍ ومُساندة.
أدعية لقضاء أصعب الحاجات
يُعَدُّ الدُّعاء من أعظم العبادات التي تُقرِّب العبد من ربِّه فهو وسيلةٌ عظيمةٌ لطلب الحاجة والتضرُّع إلى الله خاصَّةً في الأوقات التي تُرجى فيها الاستجابة مثل الثُّلث الأخير من الليل فهذا الوقت من الأوقات الفاضلة التي يكون فيها العبد أقرب إلى الله إذ يُنادى فيها على العباد بالدُّعاء والاستغفار لهذا من المُستحبِّ تحرِّي هذه الأوقات والإلحاح في الدُّعاء مع حسن الظنِّ بالله والتوكُّل عليه وإليكم بعض الأدعية لقضاء الحاجة وتيسير الأمور:
- اللَّهُمَّ أصلِح لنا شأنَنا كلَّه بالطَّريقة التي تُصلِح بها شأنَ عبادِك الصَّالحين ولا تَكِلْنا إلى أنفُسِنا طرْفَة عين واسْتُرْنا بستْرِك الذي لا يُزَال اللهمَّ اقضِ حاجتي وفَرِّج كُرْبتي ويسِّر لي أمري وأزِل عنِّي حيْرتي واهدِني لما فيه رِضاك وصلِّ اللهمَّ وسلِّم وبارك على سيِّدِنا محمَّد وعلى آلِه وأصحابه أجمعين.
- اللَّهُمَّ إنَّا نستعيذُ برِضاكَ من سَخَطِك ونستعيذُ بمعافَاتِكَ من عقوبتِك ونستعيذُ بك منك لا نُحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيتَ على نفسك فاغفرْ لنا ذنوبَنا واستر عيوبَنا ويسِّر لنا أمورَنا وارزقْنا من لدُنْك فرجًا قريبًا ورَحمةً واسعة.
- اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ بك من أن أضِلَّ أو أُضَلَّ أو أزلَّ أو أُزَلَّ أو أظلِمَ أو أُظلَمَ أو أجهلَ أو يُجهَلَ عليَّ فثبِّتْ قلبي وأصلِحْ لي دِيني الذي هو عصمةُ أمري ودُنياي التي فيها معاشي وآخرتي التي إليها معادي اللهمَّ ارزُقْني توبةً نصوحًا قبل الموت ورِضوانًا عند الموت وجنَّةً ونعيمًا بعد الموت برحمتِك يا أرحم الراحمين.
دعاء لتحقيق الحاجة في اليوم ذاته
أستغفر الله العَظِيم الذي لا إله إلا هو الحي القَيُوم وأَتُوبُ إليه اللهم يا جَامِعَ شَتَاتِ الأُمُور ويا مُخرِجَ الزَّرع من الأرض ويا مُحيِي العِظَام بعدما صَارَت رُفَاتًا ويا مُجِيبَ الدعوات ويا قَاضِي الحاجات ويا مُفَرِّجَ الكُرُب ويا سَامِعَ الأصوات من فوق سَبع سَمَاوَات ويا رَازِقَ الخلق ويا وَاهِبَ النِّعَم ويا صَاحِبَ الفَضل العَظِيم أسألك برَحمَتِكَ التي وَسِعَت كُلَّ شَيء أن تَرْزُقَنِي ما أَتَمَنَّى وتُحَقِّقَ لي حَاجَتِي بما أنت أَعلَم به مِنِّي فأنت القَادِرُ على كُلِّ شَيء لا يَعجِزُكَ أمرٌ في الأرض ولا في السماء ويا من خَزَائِنُه لا تَنْفَد وكَرَمُه بلا حُدُود يا من أَحَاطَ بِكُلِّ شَيءٍ عِلمًا وأَحصَى كُلَّ شَيءٍ عَدَدًا ويا عَالِمَ الماضي والمستقبل أسألك أن تُيَسِّرَ لي كُلَّ ما فيه خَيرٌ لي وتَكتُبَ لي السَّعَادَةَ في الدُّنيَا والآخِرَة.
دعاء لقضاء الحاجة عند طلبها من الناس
إعانة الآخرين في قضاء حوائجهم تعد من أعظم الأعمال التي يجني بها الإنسان الأجر والثواب وهي لا تقتصر على المساعدات المادية فقط، بل تشمل كل صور الدعم سواء كان معنويًا أو نفسيًا أو حتى علميًا ومعرفيًا، فهذه الأفعال لها منزلة رفيعة في الإسلام إذ أن الله سبحانه وتعالى ورسوله ﷺ حثّوا على هذا العمل المبارك لما فيه من نفع للفرد والمجتمع بأسره وهذا ما يتجلى في الأحاديث النبوية التي تبيّن فضل قضاء حوائج الناس ومنها:
- (من نفَّسَ عن مسلمٍ كُربةً مِن كُربِ الدُّنيا نفَّسَ اللَّهُ عنهُ كربةً مِن كُرَبِ يومِ القيامةِ، ومن يسَّرَ على مُعسرٍ في الدُّنيا يسَّرَ اللَّهُ عليهِ في الدُّنيا والآخرةِ ومن سَترَ على مُسلمٍ في الدُّنيا سترَ اللَّهُ علَيهِ في الدُّنيا والآخرةِ، واللَّهُ في عونِ العَبدِ ما كانَ العَبدُ في عونِ أخيهِ).
كيفية أداء صلاة الحاجة
حين يواجه المسلم أمراً مهماً أو حاجة تُشغل باله فإنه يلجأ إلى ربه بالصلاة والدعاء والاستغفار فالتقرب إلى الله هو السبيل الأقرب لنيل التوفيق وتفريج الكرب فقد وعد الله عباده بالإجابة إذا أخلصوا في دعائهم وتضرعوا إليه بقلوب صادقة معلقة به متوكلين عليه في قضاء أمورهم.
هناك صلاة مخصوصة جاءت بها الشريعة يستعين بها المسلم في أوقات الضيق والحاجة وهي صلاة الحاجة التي يؤديها العبد تقرباً إلى الله طالباً منه الرحمة والفرج رافعاً إليه حاجاته شاكياً همومه طالباً منه التيسير والراحة من كل ضيق وكرب يمكن أن يصيبه فهي وسيلة عظيمة للتواصل مع الله واستجلاب العون في مختلف أمور الحياة التي تحتاج إلى توفيقه ورحمته.
صلاة الحاجة هي عبادة يؤديها المُسلم بقصد قضاء حاجة معينة أو رفع بلاء وكرب عنه ولها دعاء مخصوص ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن أراد أداؤها فليتبع الخطوات التالية:
يصلي المسلم ركعتين بخشوع وحضور قلب في الركعة الأولى بعد الفاتحة يقرأ آية الكرسي ثلاث مرات وفي الركعة الثانية بعد الفاتحة يقرأ سورة الإخلاص وبعد ختم الصلاة يتوجه بالدعاء الخاص الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم متضرعاً إلى الله ومتوكلاً عليه.
- دعاء صلاة الحاجة (اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ وأتوجَّهُ إليكَ بنبيِّكَ محمدٍ صَلَّى اللَّهُ عليْهِ وعلى آلة وسلَّمَ نبيِّ الرحمةِ، يا محمدُ إنِّي أتوجَّهُ بكَ إلى ربِّي في حاجَتي هذه فتَقضى، وتُشفعُني فيه وتشفعُهُ فيَّ).
إرشادات هامة يجب مراعاتها في صلاة الحاجة
عند أداء صلاة الحاجة هناك مجموعة من الأمور التي يجب أن يراعيها المسلم حتى تكون صلاته صحيحة ومقبولة:
- توجيه الوجه نحو القبلة أثناء الدعاء يعد من آداب الدعاء التي ينبغي الحرص عليها.
- الوضوء يجب أن يكون تامًا وصحيحًا لضمان صحة الصلاة.
- يبدأ المسلم دعاءه بحمد الله والثناء عليه ثم الصلاة على النبي ﷺ ويختم دعاءه بنفس الطريقة.
- يستحب أن يكون في حالة طهارة قبل النوم في الليلة التي يؤدي فيها صلاة الحاجة.
- يجب أن يكون المسلم متوكلًا على الله تسليمًا تامًا لأمره و موقنًا بأن كل ما يصيبه من خير أو شر هو بإرادة الله وعلمه سبحانه و ينبغي أن يحسن الظن به في جميع أحواله.
دعاء أهل البيت لتيسير الأمور
ورد عن الإمام الحسين عليه السلام أن من يقرأ هذا الدعاء وينشره بين الناس ليَدعوا به، فإن الله يفرج كربه ويقضي حاجته بمشيئته.
- اللهم يا مُيَسِّرَ العسير ويا مُلَيِّنَ الحديد ويا مُنجِزَ الوعيد ويا من تدبر الأمر كل يوم بحكمة جديدة أخرجني من الضيق وافتح لي أبواب الفرج برحمتك بك أدفع عن نفسي ما لا طاقة لي به ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
دعاء للفرج وتسهيل الأمور
- اللهم إني أعوذ بك من جَهد البلاء ومن ضيق الحال ومن كل ما يجلب الهم والكدر اللهم اصرف عني مصائب الدنيا وما يشوش راحة البال وأسألك أن تحيطني برحمتك وأن تبعد عني كل شر اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمك ومن فقدان الصحة والعافية ومن أي ضرر يغير حالي اللهم احفظني بعينك التي لا تنام واكلأني برحمتك الواسعة اللهم اشرح لي صدري واكشف عني الضيق وسدد خطاي في أمري ووفقني لكل ما فيه الخير اللهم يسر لي كل خطوة أخطوها اللهم لا تيسير إلا ما جعلته ميسراً فإنك إذا شئت جعلت الصعب سهلاً اللهم برحمتك افتح لي أبواب الخير والرزق كما فتحت على عبادك الصالحين اللهم قوِ إيماني وامنحني من لدنك قوة تعينني على أمور حياتي فلا حول لي ولا قوة إلا بك يا كريم.
دعاء لتيسير العمل وقضاء الحاجة
- دعاء لقضاء الحاجة في العمل اللهم ألّف قلوب عبادك علي وارزقني من واسع فضلك وجنبني شر عبادك يا أرحم الراحمين يا من بيده ملكوت كل شيء ويا فعالًا لما تريد يا مغيث أغثني ويا لطيف الطف بي اللهم توكلت عليك فأنت حسبي وعليك استندت فبك أستعين لا راد لقضائك ولا معطي لما منعت ولا مانع لما أعطيت لك الحمد في الأولى والآخرة ولك الدعاء والرجاء يا من وسعت رحمته كل شيء أسألك باسمك العظيم وبكل اسم شهدت به ملائكتك المقربون وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أن تعينني وتسهل أمري وتفرّج عني كربي وتبارك لي في رزقي يا رزاق يا كريم.
- سبحان من يفرّج الهموم ويكشف الغم سبحان من بيده ملك السماوات والأرض سبحان من أمره بين الكاف والنون سبحان من إذا أراد شيئًا فإنما يقول له كن فيكون يا من يجيب المضطر إذا دعاه يا من رحمته وسعت كل شيء فرّج عني كربي واشرح لي صدري ويسّر لي أمري بفرج قريب يا كاشف الضر يا مبدّل الأحوال أصلح لي شأني كله.
- اللهم إني أسألك بعزتك التي لا تُرام وبنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات وبرحمتك التي وسعت كل شيء أن تجعل لي من أمري فرجًا ومخرجًا اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت واصرف عني كل سوء وقني شر ما قضيت تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام.
فضل السعي في قضاء حاجات الناس
جاء الإسلام ليتمم مكارم الأخلاق ويحافظ على القيم الفاضلة التي عُرفت عند العرب قبل الإسلام كالكرم والشجاعة وحثّ على الجود وإغاثة المحتاج وتقديم العون لمن يحتاج إليه لأن المجتمع الإسلامي قائم على التعاون والتكافل وأفراده مترابطون فيما بينهم بعلاقات تقوم على المودة والإحسان بحيث يسعى كل فرد لخدمة الآخرين لتحقيق المصالح العامة وتيسير الأمور على الجميع.
ولهذا لم يكتفِ الإسلام بحثّ الناس على العطاء والمساعدة بل جعل ذلك من المبادئ الأساسية التي تعكس قوة التماسك والترابط في المجتمع حتى لا يكون الفرد منشغلاً بنفسه فقط وإنما يحرص على نفع غيره والوقوف معهم في أوقات حاجتهم والإنسان بطبيعته قد يمر بظروف يحتاج فيها إلى من يدعمه ويقف إلى جانبه فحينما يسعى الإنسان في قضاء حاجة أخيه يسخر الله له من يعينه وقت شدته وهذا من عظمة التشريع الإسلامي إذ يغرس قيمة التعاون في النفوس ويجعلها جزءًا من المسؤولية الاجتماعية.
- أمر الله سبحانه وتعالى بالسعي في قضاء حوائج الناس واعتبر ذلك صورة من صور التعاون على البر والتقوى كما جاء في كتابه الكريم في سورة المائدة الآية رقم 2 (…وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) فالمسلم مأمور بأن يكون عونًا لأخيه يسانده ويقف إلى جانبه فيما يستطيع لأن ذلك لا يعود بالنفع على الأفراد فحسب بل يعزز أواصر المحبة بين أبناء المجتمع ويجعل الحياة أكثر ترابطًا ورحمة.
القيم والآداب المتعلقة بقضاء حاجات الناس
الآداب المتعلقة بقضاء حوائج الناس تُعبر عن أخلاق الإنسان وتُظهر كيفية تعامله مع الآخرين، ومن أبرز القيم التي ينبغي مراعاتها:
- الإخلاص لله عز وجل عند تقديم العون للآخرين يُعتبر الأساس، فلا ينبغي أن يكون الهدف هو الحصول على مديح الناس أو السعي لكسب ثنائهم، بل يجب أن يكون العمل خالصًا لوجه الله دون محاولة إظهاره أو التحدث عنه أمام الآخرين بغرض رفع المكانة بينهم، فالخير الذي يقدمه الإنسان ينبغي أن يكون بينه وبين ربه دون انتظار مقابل أو إطراء.
- عند البدء في مساعدة الآخرين وكان لديك القدرة على إكمال الأمر فمن الأفضل أن تُتمّه حتى نهايته، فاللذة الحقيقية تكمن في رؤية النتيجة مُكتملة والشعور بالإنجاز إلا إذا واجهت ظروفًا قاهرة حالت دون الاستمرار فهنا يختلف الأمر.
- عند الحاجة إلى المساعدة يُفضل اللجوء إلى من عُرف عنه الكرم وحُسن الخلق وليس لمن اشتهر بالبخل أو التصرف بأسلوب فظ، فالشخص الكريم عندما يُطلب منه العون يبادر بالمساعدة دون تردد بينما الشخص اللئيم حتى وإن كان قادرًا على تقديم العون فإنه غالبًا سيتحجج ولن يبادر بأي دعم.
- التقدير والشكر من المبادئ التي تعكس رُقي الإنسان، فعندما يُقدم أحدهم لك خدمة فمن الواجب أن تُعبر عن امتنانك له وتُشيد بفضله لأن الامتنان يُعزز أواصر المحبة بين الناس ويُشجع على استمرار روح التعاون والمبادرة بالمساعدة بين أفراد المجتمع.
آيات قرآنية لقضاء الحاجة
- عند المرور بضيق أو الشعور بالحاجة، فإن قراءة قول الله تعالى في سورة البقرة: **”وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُو۟لَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَٰتٌۭ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌۭ ۖ وَأُو۟لَٰئِكَ هُمُ ٱلْمُهْتَدُونَ”** تمنح القلب طمأنينة وتذكِّر بأن أي ابتلاء ما هو إلا اختبار من الله، وأن الصبر والعودة إلى الله هما السبيل لنيل رحمته والتوفيق في الحياة.
- وفي سورة آل عمران، نجد في الآيتين رقم 173 و174 تصويرًا لقوة الإيمان وقت الشدائد والثقة المطلقة بالله: **”ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُوا۟ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَٰنًۭا وَقَالُوا۟ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ * فَٱنقَلَبُوا۟ بِنِعْمَةٍۢ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍۢ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوٓءٌۭ وَٱتَّبَعُوا۟ رِضْوَٰنَ ٱللَّهِ ۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍۢ”** هذه الآية ترسّخ مفهوم التوكل الصادق على الله الذي يفتح أبواب الفرج والرزق ويجعل الشخص بمنأى عن أي أذى.
- أما في سورة غافر، فإن الآيتين رقم 44 و45 تجسدان المعنى الأعمق للتوكل على الله والتسليم التام لأمره: **”وَأُفَوِّضُ أَمْرِىٓ إِلَى ٱللَّهِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَصِيرٌۢ بِٱلْعِبَادِ * فَوَقَىٰهُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِ مَا مَكَرُوا۟ وَحَاقَ بِـَٔالِ فِرْعَوْنَ سُوٓءُ ٱلْعَذَابِ”** هذه الآية توضح أن من يسلّم أمره لله بقلب صادق ويعتمد عليه وحده، فإن الله يحفظه من كيد الأعداء ويكفيه شرورهم.
- في سورة الأنبياء، تُروى قصة النبي يونس عليه السلام في الآيتين رقم 87 و88، والتي تُظهر أن الدعاء الصادق هو مفتاح الفرج مهما اشتد الضيق: **”وَذَا ٱلنُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًۭا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِى ٱلظُّلُمَٰتِ أَن لَّآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنتَ سُبْحَٰنَكَ إِنِّى كُنتُ مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ * فَٱسْتَجَبْنَا لَهُۥ وَنَجَّيْنَٰهُ مِنَ ٱلْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُۨجِى ٱلْمُؤْمِنِينَ”** هذه الآية تبين أن أي شخص يمر بكربة ويلجأ إلى الله بدعاء صادق، يستجيب الله له ويفرج عنه مثلما فعل مع نبيه يونس عليه السلام.
- كذلك في سورة الأنبياء، نجد في الآيتين رقم 83 و84 قصة أيوب عليه السلام التي تعكس صبره الكبير وثقته بدعائه إلى الله وقت الابتلاء: **”وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِىَ ٱلضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ ٱلرَّٰحِمِينَ * فَٱسْتَجَبْنَا لَهُۥ فَكَشَفْنَا مَا بِهِۦ مِن ضُرٍّۢ وَءَاتَيْنَٰهُ أَهْلَهُۥ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةًۭ مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَٰبِدِينَ”** هذه القصة تؤكد أن الصبر على البلاء مع التضرع إلى الله يكون له أثر عظيم، وأن الله قادر على قلب الأحوال وتيسير الأمور لمن يثق به.